- Home
- مقالات
- رادار المدينة
في معرة النعمان (200) إصابة «لشمانيا» كل شهر
ستة أشهر من العلاج لم تكن كفيلة بشفاء الطفل فادي من مرض الليشمانيا الذي ظهر على وجهه على شكل حبة حمراء غير مؤلمة تغطيها قشرة بيضاء، وبدأت تكبر وتمتد تدريجياً.
الطفل فادي ليس الحالة الوحيدة في إدلب، بل ازدادت مؤخراً حالات الإصابة بمرض الليشمانيا، وخاصة بين الأطفال، بسبب النقص الحاد في الرعاية الصحية، إضافة إلى الازدحام السكاني والتلوث البيئي وانقطاع العلاج وإيقاف الحملات الوقائية الكفيلة بالحد من انتشار المرض.
أم فادي من بلدة تلمنس بريف إدلب تتحدث عن معاناة طفلها من المرض بالقول: "ظهرت في وجه ولدي حبة حمراء صغيرة استمرت أكثر من شهر، ثم بدأت تكبر بشكل تدريجي، وعند التحليل في المخبر تبين أنها (حبة السنة)، لنبدأ رحلة مريرة مع العلاج، حيث كان يزور المركز الطبي الموجود في البلدة بشكل أسبوعي، وبعد أن شارفت حالته على الشفاء، توقف العقار وانقطع ولدي عن الحصول على العلاج مما جعل حالته تتدهور وتعود إلى نقطة الصفر، فلجأنا بعد ذلك الدهون المصنوعة من الأعشاب الطبية دون جدوى."
الطبيب مازن الكامل من مدينة إدلب أخصائي الأمراض الجلدية يتحدث عن المرض بقوله: "الليشمانيا أو مايعرف ب(حبة السنة أو حبة حلب) هو مرض طفيلي، يعد من أكثر الأمراض انتشاراً في إدلب، حيث تنقله حشرة تسمى ذبابة الرمل، وهي حشرة صغيرة لايتجاوز حجمها ثلث حجم البعوضة العادية، صفراء اللون تتنقل قفزاً، وتنشط ليلاً وتعيش في الأماكن الرطبة والمظلمة، وتتغذى على بقايا النباتات الميتة وروث الحيوانات، أما تكاثرها فيكون في حظائر الحيوانات والأبنية المتهدمة ومكبات القمامة، وتعمل على نقل المرض من إنسان إلى آخر أو من حيوان إلى إنسان."
ويؤكد الكامل بأن المرض ينتشر في الشمال السوري وخاصة لدى الأطفال بسبب بقائهم أوقات أطول خارج المنزل، ويتسع انتشاره في المناطق الريفية والمخيمات بشكل خاص بسبب انعدام شبكات الصرف الصحي وقلة المياه وتراكم القمامة، ويصنف اللاشمانيا إلى أنواع "الجلدية التي تصيب المناطق المكشوفة من الجلد، والجلدية المخاطية في الأنف والفم، والحشوية التي تصيب الأحشاء، وتؤدي إلى الموت، نتيجة تدمير الطفيلي مناعة الجسم"
أما العلاج من المرض فيتم بالحقن الدوائي بعقاري (غلوغانتيم-البنتوستام) بشكل موضعي أو عضلي وفقاً لحجم الآفة وموقع الإصابة وعمر المصاب، إضافة إلى وجود طرق أخرى للعلاج بواسطة الأشعة والليزر والكي، علماً أن جميع هذه الوسائل لا تعطي نتائج مضمونة، وتترك ندبات منخفضة القاع على البشرة مكان الإصابة، لذلك ينصح الطبيب باتباع الطرق الوقائية للحد من هذا الوباء من خلال معالجة المياه الآسنة وبخ المبيدات والامتناع عن تربية الحيوانات داخل المنازل، وترحيل القمامة إضافة إلى ارتداء الملابس لتغطية المناطق المكشوفة كاليدين والقدمين.
محمود المر مدير مركز الرعاية الصحية الأولية في معرة النعمان، يتحدث عن أسباب انتشار المرض في المنطقة بقوله: "يستقبل المركز حوالي 600 حالة شهرياً منها 200 حالة جديدة، حيث تعد منطقة ريف إدلب بشكل عام بيئة حاضنة لانتشار المرض بسبب الدمار والأماكن المهدمة التي تكثر فيها ذبابة الرمل والقوارض التي تحمل الطفيلي المسؤول عن حبة الليشمانيا، بالإضافة إلى تدمير البنى التحتية بسبب القصف، وتوقف حملات رش المبيدات في المناطق الموبوءة، وكذلك نعاني من نقص أدوية العلاج، الأمر الذي يدفعنا إلى اللجوء لتعقيم الإصابات وتضميدها في كثير من الأحيان لعدم توفر العلاج الكافي"
أبو يوسف من ريف معرة النعمان الشرقي، يشكو من إصابة أطفاله بالمرض وعدم توافر العلاج داخل النقاط الطبية في كثير من الأحيان، ما يدفعه لشرائه على نفقته الخاصة رغم غلاء سعره في الصيدليات، إضافة إلى عدم قيام المنظمات الطبية والمجالس المحلية بمكافحة الحشرة المسببة للمرض بالمبيدات الحشرية اللازمة هذا العام، مما ساعد على انتشار المرض بشكل واسع."
عبد الحميد العواد من بلدة سنجار بريف إدلب نزح إلى مخيم عشوائي منذ سنة، يشكو من كثرة انتشار المرض داخل المخيم وعن ذلك يقول: "أعيش مع حوالي ثلاثين عائلة في مخيم عشوائي غير مخدم بشبكات الصرف الصحي، مما ساعد على انتشار مرض الليشمانيا في المخيم، كما نعاني من بعد المستوصفات، وعدم زيارة الفرق الطبية الجوالة لنا لتقديم العلاج الذي نحتاجه."
تركت الليشمانيا ندبة في نفس الشابة ريم قبل أن تتركها على وجهها، فهي تحاول أن تضع يدها على مكان الإصابة رغبة في إخفاء ما تسببت به الليشمانيا في وجهها من تشوهات، وعن معاناتها تقول: "بعد الكثير من العناء والتكاليف تخلصت من المرض ولكن رغم شفاء الليشمانيا تركت ندبة وأثراً واضحاً في وجهي .