- Home
- مقالات
- رادار المدينة
في غرف الواتس اب قد يُبرّأ دواعش ويتهم أبرياء
اسمك الكامل…؟ مواليدك…؟ اسم أمك…؟ عشيرتك…؟ فخذك...؟ منطقتك…؟ شغلك...؟ هذا شكل الاستجواب الذي يسمع بشكل مستمر في غرفة تفييش الحاجز الأول على برنامج واتساب، في مناطق شمال وشمال شرق حلب، بصوت أحد أمنيي فصيل جيش الشمال، ويتبع كل سؤال فيه إجابة من المستجوَب على الحاجز الذي يقع في (العون)، وتنتشر منه تلك التسجيلات في كافة مناطق قوات درع الفرات، وربما تتجاوزها.
يصل عدد المشاركين في غرفة التفييش للستين شخصا، غالبيتهم من ديرالزور، ينتمي قسم منهم إلى فصائل في المنطقة، كلواء أحرار الشرقية ولواء الحمزة ولواء المعتصم، ويتفرع من الستين غرف أخرى تضم أبناء مناطق كل منهم، وفيها يتداولون صور المستجوبين التي يلتقطها أمنيو جيش الشمال على الحاجز الأول لكل شخص تجاوز الخمس عشرة سنة، مع التسجيلات الصوتية الخاصة بالاستجواب، وفي أثنائها ينتظر المستجوبون القادمون من منبج لأربع ساعات تقريبا. وفي الفترة الأخيرة لجأ المسؤولون عن الجاحز إلى الإبقاء على القادمين لليوم التالي في حال تأخر الوقت، بسبب عمليات سطو وتشليح تعرضوا لها ليلاََ بعد الخروج من الحاجز الأول، حتى أن البعض صار يدعو المناطق الواقعة بين مدن وبلدات درع الفرات بمثلث برمودا، لتكرر اختفاء أشخاص مروا فيها، يُهمس أن بعضهم من عناصر التنظيم المعروفين لدى هذا الفصيل أو ذاك، والذي بدوره يكتم الإدلاء بذلك في غرفة التفييش لأسباب خاصة به، ولكن لاعتقال العناصر بعيداََ عن القوى الأمنية، التي ضغطت المحكمة مؤخراََ لعدم الإبقاء على المعتقلين لديها لأكثر من أسبوع، وإحالتهم مباشرة إلى المحاكمة مع شهادات أعضاء غرف التفييش.
ولا تخرج الاستجوابات، التي يتجاوز عددها أحياناََ مرتبة المئات في اليوم، عن نطاق الأسئلة السابقة إلا في حالات، منها مايعود لقلة المعرفة بالمنطقة التي ينتمي إليها المستجوَب، فالعراقيون يُسألون عن أسمائهم الرباعية، ومنها مايعود على العكس من ذلك لمعرفة تلك المنطقة، وعندها تبدأ الأسئلة تأخذ شكل محاولة التعارف أو البحث عن المشتركات، لكنها في تلك الحالة تفيد استعراض المعرفة الوثيقة بمنطقة المستجوَب عن طريق أسئلة تحاول أن تكون ذكية بقصد إرباكه، أو مجرد التفاعل في غرفة التفييش على الواتساب، وربما يأتي ذلك بعد أن يكون قد تدخل أحد ما في غرفة التفييش بإرسال استفسارات حول تفاصيل المنطقة، من سكانها إلى معالمها المحلية، وهنا، وإذا كانت هيئة أو كلام المستجوب مثيرة لريبة البعض، فإن التدخل يكون لصالح تأييد ذلك أو نفيه، على اعتبار المستجوَب فرداََ من عائلة أو حي أو فخذ أو قرية تنسحب عليه صفات أحد أبنائها، التي يُصنّف تحتها البقية قسراََ، أو تفضيلاتها السياسية التي اشتهر بها بعض أفرادها، خاصة إن لمع منها أسماء شخصيات أو عائلات بايع قسم منها التنظيم.
ليس سراََ أن لدى أمنيي الفصائل نساء معتقلات، رغم أنهم ينصون في قانونهم الشفهي المعلن أنه لا استجواب للنساء ولا اعتقال لهن، لكن المعتقلات، من زوجات قادة التنظيم خصوصا، عادة ما يقعن في أيدي الأمنيين بعد وشاية، كما ليس سراََ أن الأخيرين لايملكون أي قوائم بأسماء مطلوبين من التنظيم، ويعتمدون على الأسماء المتناقلة شفاهياََ، إلى جانب ذاكرة عناصرهم، وهؤلاء بينهم العديد من المبايعين للتنظيم فيما مضى، وقد تكون بيعتهم السابقة أحد الأسباب التي أوصلتهم إلى عملهم الحالي، عدا عن دورها في قسوتهم في التعامل مع عناصر التنظيم الذين يعتقلونهم على حواجزهم، والتي تؤدي دور صك البراءة من الدعشنة أمام الآخرين، على مايبدو، أما كيف يميزون أنفسهم عن المعتقلين الجدد من (رفاق الأمس) فهناك انشقاقهم المبكر، أو مهمات نفذوها في وقت بيعتهم لصالح فصيل ما، أو اغتيالات قاموا بها.. كل بحسب درجة علاقته الحالية بالسلطة وإبداء إخلاصه لها.
عموما، وكقانون معمول به في مناطق درع الفرات، يعد كل من بايع التنظيم أو عمل في مكاتبه وهيئاته ودواوينه، أو حتى تعامل معه مالياََ بطريقة أو بأخرى هدفاََ معلناََ لأمنيي الفصائل، على أن الواقع غير ذلك، ففي الغرفة الرئيسية للتفييش، أو الغرف الجانبية للأمنيين مع جماعاتهم، تتدخل القرابة والمعرفة في إنقاذ عناصر لدى التنظيم، بشرط متفق عليه ضمنيا، أن يكونوا عناصر جيدين ساعدوا البعض في مواقعهم التي شغلوها، كما يتدخل المال إلى جانب المعرفة والقرابة في إنقاذ عناصر آخرين، لكن قبل أن يصلوا الحاجز، كما يهمس البعض، وبذلك يصبح القانون مطبقاََ بحسب ما لدى المستجوَبين من معارف وأقارب، وبذلك أيضا تغدو مفهومة الحملات الكثيرة على مواقع التواصل الاجتماعية للمطالبة بالإفراج عن معتقل ما، وإبعاد تهمة الدعشنة عنه، في وقت تُشنّ حملات مضادة لإثبات تورطه في الدعشنة، أو حتى المشاركة في القتل.