- Home
- مقالات
- رادار المدينة
في دمشق.. أزواج مطلقون لتأجيل أولادهم عن الجيش: أمام المحاكم فقط!
ابتكر مواطنون من سكان دمشق حلاً لتجنيب أولادهم السوق إلى الخدمة الإلزامية "العسكرية"، ويتمثل في الطلاق الشكلي أمام المحاكم. وبما أن "آخر الطب الكي" كما يردد أبو حسن الخمسيني الذي يعيش في العاصمة، فإن "الطلاق كان لازماً" لحصول ابنه حسن (20 عاماً) على تأجيل لمدة سنة كاملة عن الجيش بحجة أنه معيل.
تتلخص الفكرة في قيام الزوجة بمخالعة الزوج أمام المحكمة، وبعد حدوث الخلع تبدأ إجراءات التاجيل بالإعالة، في حين يعتبر الزوجان مطلقين بحكم القانون.
يعتبر المحامي غزوان قرنفل (مدير تجمع المحامين السوريين في تركيا) أنه من الجيد أن تبتكر الناس أي حلول لتجنيب أولادهم الالتحاق بجيش النظام السوري تحت أي طريقة كانت. ويؤكد خلال حديث لعين المدينة، أن الطلاق قد وقع على المستوى القانوني. وخلافاً لآراء الفقهاء الذين يعتبرون الطلاق واقعاً بحكم الشرع نتيجة حدوث ما ينص عليه سواء كان بلفظ الطلاق أو المخالعة، يرى قرنفل أن الطلاق لم يقع على الإطلاق على المستوى الشرعي، لأن النية لم تنصرف بين الزوجين على أن الطلاق قد أخذ بعده الشرعي وآثاره المترتبة عليه، بل انصرفت الإرادة إلى شكلية هذا الإجراء.
يتابع قرنفل "لو فرضناً جدلاً أن الطلاق قد وقع كما يقول بعض الفقهاء، لدينا فترة عدة مدتها ثلاثة أشهر. ومراجعة الرجل لزوجته خلال فترة العدة يلغي حالة الطلاق".
كيف يتم الإجراء؟
ينص القانون رقم (4) المتضمن تعديل بعض المواد من قانون الأحوال الشخصية السوري الصادر في العام 2019 على أن الزوجة "إذا قدمت للمحكمة معاملة طلاق أو مخالعة أجلها القاضي مدة لا تقل عن شهر أملاً بالصلح"، و"إذا أصر الزوج بعد انقضاء المهلة على الطلاق أو أصر الطرفان على المخالعة دعا القاضي الطرفين واستمع إلى خلافهما وسعى إلى إزالته ودوام الحياة الزوجية"، و"إذا لم تفلح هذه المساعي سمح القاضي بتسجيل الطلاق أو المخالعة واعتبر الطلاق نافذا من تاريخ إيقاعه".
ويعتبر المرسوم التشريعي رقم (30) الصادر في العام 2007 أن المعيل هو المكلف الذي ثبت إشرافه على أحد أو بعض أفراد أسرته (والديه وإخوته القُصَّر وأخواته العازبات) بغض النظر عن الموارد المالية للأسرة ممن ليس لهم معيل سواه.
ويمنح المرسوم تأجيلاً لمدة سنة كاملة قابلة للتجديد للمكلف المعيل، كما يقبل طلب الإعالة بالإشراف من المكلف أو من أحد ذويه. ويحتاج المكلف إلى: إخراج قيد عائلي، بيان وفاة أو طلاق لوالد أو شقيق المكلف، ضبط تحقيق شرطة حول صحة ادعاء المكلف، إخراج قيد فردي لوالدة المكلف، تصريح خطي من المكلف مصدق من قبل رئيس شعبة تجنيده يتعهد فيه بعدم مغادرة القطر لأكثر من ثلاثة أشهر بالعام الميلادي الواحد.
اختلاف في الآراء
فيما يعد البعض هذا الإجراء حلاً مؤقتاً للخروج من ورطة كبيرة تتمثل في انخراط أبنائهم ضمن جيش النظام، يبدو بعض آخر غير متحمس للفكرة. يقول أبو توفيق أحد سكان دمشق لعين المدينة، أنه سمع بهذه الفكرة من معارفه لكنه لم يتشجع لها خوفاً من حدوث أي مشاكل تخص العلاقة الزوجية، على اعتبار أن أهل الزوجين سيعلمان بالحادثة. ويتابع "أهلي وأهل زوجتي عارضوا قيامنا بالمخالعة.. هناك قلق لديهم من أننا سنغدو مطلقين أمام المحكمة، وما يترتب على ذلك من نتائج وأحكام قانونية".
أما محمود فيؤكد لجوءه إلى هذا الحل بعد أن نصحه به أحد العاملين في شعبة التجنيد الخاصة بمنطقته. يقول لعين المدينة "لم أستطع تهريب ابني إلى الخارج، ولن أسمح بخدمته في الجيش". ويتابع "كان لا بد من حدوث الخلع حتى نحمي طفلنا".
يعتبر المحامي غزوان قرنفل بأن من يعيش في مناطق النظام أدرى بالوسائل والطرق التي ينبغي اتباعها لتجنيب أولادهم الخدمة العسكرية. ويقول "من أبدع هذا الحل قد أبدعه ليجنب ابنه الالتحاق بالخدمة العسكرية"، لذلك "لا يمكنني توجيه أي نصيحة لهم بما يخص هذه المسألة.. في النهاية هم أقدر على اختراع واجتراح الحلول للوقائع القاسية التي يعيشونها".
يذكر أن الكثير من السوريين الشباب، ومنذ ما قبل العام 2011، يعتبرون الخدمة الإلزامية عقبة أمام مستقبلهم، وأن قضاء مدتها (التي كانت تصل إلى سنتين ونصف ثم خُفّضتْ لاحقاً)، تبقى فجوة في عمر الشاب الذي تدخل الخدمة الإلزامية في أي حسابات لمستقبله، لذلك سعى العديد منهم لتجنبها والتهرب منها عبر طرق مشروعة أو حيل متعارف عليها، ثم ازدادت طرق التهرب وعدد المتهربين منها طرداً مع تصاعد وتيرة الحرب في العقد المنصرم.