في يوم 23 من شهر كانون الثاني الماضي، باشر ناشطون من محافظة ديرالزور حملة أطلقوا عليها اسم "فزعة أهل النخوة" لمساعدة النازحين من أبناء المحافظة في مخيمات إدلب وحلب، بعد الأمطار الغزيرة التي تسببت بنكبة جديدة لنزلاء المخيمات.
يقول عضو المبادرة الدكتور أنس الفتيح لـ“عين المدينة"، إن الهدف من الحملة إيجاد مأوى أكثر استدامة من الخيام التي يسكن فيها النازحون، دون أن يعني ذلك توطينهم، لأن "مأوى النازحين هو عودتهم إلى منازلهم ومناطقهم" حسب تعبير الفتيح، الذي يبين أن المبادرة لا تخص أهل ديرالزور وحدهم لكنها تعطيهم الأولوية، مع الأخذ بعين الاعتبار الحالات التي تنطبق عليها معايير الإيواء للعوائل من جميع المحافظات، وهي أن تكون العائلة فقدت معيلها شهيداً أو مفقوداً أو معاقاً، ثم الانتقال إلى حالات أخرى بعد الانتهاء من هذه الشريحة.
يخاطب اسم الحملة القيم العشائرية التي يتمسك بها أبناء محافظة ديرالزور، مستلهماً المثل والأخلاق التي يرفعها المجتمع المحلي الذي يعود أساساً إلى أصول عشائرية، في محاولة لدفع أبناء المحافظة الأفضل حالاً في المساهمة بالحملة على ما يبدو. وفي منشور تعريفي نشره أعضاء المبادرة على صفحاتهم في فيسبوك مع بدء الحملة، تحدثوا فيه عن الحل المتصوَّر لمعاناة قاطني مخيمات الشمال السوري مع نقص الموارد المتاحة ومواد التدفئة والبنى التحتية وتراجع الاهتمام الدولي، وفي ظل عدم مناسبة الخيمة لأن تكون بديلاً مناسباً عن الخيمة التي اهترأت مع الزمن وغرقت مؤخراً، وذلك بإنشاء "وحدات سكنية إسمنتية مؤلفة من غرف عدد 2 ومطبخ ومنتفعاتها" كما جاء في المنشور.
ويشرح الفتيح في حديثه لـ“عين المدينة“، عن مجريات الحملة بأن التبرعات في البداية كانت من "الدوائر الضيقة" ومن أبناء ديرالزور حصراً، وقد استطاعت في 48 ساعة الأولى من إطلاقها جمع أكثر من 55 ألف دولار أمريكي، ومن ثم توسعت دائرة التبرعات بعد مرور ثلاثة أيام. وعن ترجمة الحملة على أرض الواقع، يبين الفتيح بأنها تطمح إلى العمل في إدلب وحلب، وتضع نصب أعينها مخيمات النازحين الأكثر تضرراً في المنطقتين، في محاولة لسد "جزء من احتياجاتهم التي تحتاج إلى جهود دول لسدها".
تعتمد الحملة حتى الآن في عملها على التطوع بالكامل، حسب عضو المبادرة الدكتور فخر الجوري الذي يُجْمل الآلية التي تتم من خلالها الحملة ومسارها بالقول: "اعتمدنا على أصحاب مكاتب حوالات كمندوبين في غالبية دول النزوح والهجرة في أوروبا والخليج العربي، ومن خلال مجموعة على التلغرام متاحة للجميع نطابق المبالغ المتبرع بها مع مجموعها لدى مكاتب الحوالات". يستطيع الجميع الاطلاع على مبالغ التبرعات بالتفصيل، وقد تجاوزت المئة ألف دولار حتى يوم إعداد التقرير، وهي مستمرة حتى يوم 7 من شباط الجاري موعد توقفها.
يقول الجوري إن عدد القائمين على الحملة 25 شخصاً، سيتقلص بعد توقف التبرعات ليحل محلهم فريق تقني قوامهم ماليون مهندسون وفنيون لديهم خبرة في العمل مع منظمات عملت على ذات المشروع، تبرعوا لتيسير أمور المبادرة وتجنيبها الوقوع في مطبات وأخطاء وقعت فيها مشاريع من ذات النوع. وعن موقع تنفيذ المبادرة، يقول الجوري: "ندرس البناء على قطعتي أرض في إدلب قريبة من الحدود ملكيتها عامة، لكننا سنلجأ إلى خيار الشراء إذا لم تكن مناسبة"، ويتابع "اختيار إدلب جعل الكثير يطالبون بتوجيه الأنظار إلى حلب، كون غالبية النازحين من ديرالزور فيها، لكن المشكلة أن المخيمات الأكثر تضرراً تقع في إدلب ما يجعلها أكثر أولية، دون أن يعني ذلك أن النازحين في حلب لا يمكنه الاستفادة منه، كما أن اختيار المكانين ما زال مطروحاً للنقاش، لكن ذلك مرتبط بحجم مبلغ التبرعات".