- Home
- مقالات
- رادار المدينة
عرب «سوريا الديمقراطية» يحاصرون منبجوداعش ستقاتل حتى الموت
باتت مدينة منبج محاصرةً من جميع الجهات بعد السيطرة النارية لـ«قوات سوريا الديمقراطية» على طريق حلب – الحسكة الدوليّ في الجهة الغربية للمدينة.
وخلال اليومين الأخيرين أحرزت هذه القوات المزيد من التقدم من أربعة محاور لتصل، في بعض القرى التي سيطرت عليها، إلى مسافة 3 كم عن المدينة، وتسيطر على كلٍّ من قرى السلطانية والرسم الأخضر والخطاف إضافةً إلى سوق الغنم شرقي منبج، وقريتي الذيابات وتل الياسطي في الشمال، وعلى قناة الشيخ طباش وقرى حاج عابدين وكابر صغير ومزرعة الحمدون من الجنوب الغربي والجنوب. تشكل هذه القرى المحيط الملاصق تماماً لمنبج من الجهات الأربع، مما يجعل أطراف المدينة هدف أيّ تقدمٍ وشيكٍ للقوات المهاجمة، وينقل المواجهات إلى داخل المدينة.
من يهاجم منبج
قبل إطلاق العمليات الأخيرة كانت الصبغة المتنوعة عرقياً بين عربٍ وأكرادٍ لما يعرف بـ«قوات سوريا الديمقراطية» صبغةً شكلية، يراد بها صرف الانتباه عن النواة المتطرّفة قومياً لهذه القوات والمتمثلة في (ypg)، الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي (pyd) الكردي. ولعبت المجموعات العربية المنضوية تحت راية هذه القوات دوراً هاماً في هذه العملية الدعائية، دون أن تكون لها أدوارٌ قتاليةٌ حقيقية، أو تسند إليها وظائف قياديةٌ فعليةٌ في إدارة المناطق العربية المنتزعة من سيطرة التنظيم في محافظات الحسكة والرقة وحلب. لكن ما ميّز معركة منبج عن سواها من المعارك السابقة لـ«سوريا الديمقراطية»، حتى الآن، هو صعود العنصر العربي وتوليه أعباء المواجهات مع داعش وتراجع (ypg) وتوليهم أدواراً أخرى في الخطوط الخلفية للجبهات.
في أول نيسان الماضي، ومن موقع سد تشرين المنتزع حديثاً من سيطرة داعش، أعلنت سبعة فصائل هي (لواء جند الحرمين، كتائب شمس الشمال، كتائب ثوار منبج، لواء القوصي، كتيبة تركمان منبج، تجمع شهداء الفرات، تجمع ألوية الفرات) تأسيسها المجلس العسكريّ لمنبج وريفها. تشكل معظم هذه الفصائل أثناء وبعد تحرير منبج من قوات الأسد في الشهر السابع من عام 2012. وباستثناء كتائب شمس الشمال التي يتحدر معظم مقاتليها من الأقلية الكردية في مدينة منبج، وكتيبة تركمان منبج، يشكل العرب أغلبية مقاتلي الفصائل الأخرى. ومثل معظم فصائل الجيش الحرّ مرّت هذه الفصائل بتحولاتٍ كثيرةٍ أدت إلى انخفاض أعداد مقاتليها إلى مرتبة العشرات. وقد قاتل بعضها تنظيم داعش في معارك عين العرب/كوباني والمعارك الأخرى في ريفي الرقة وحلب إلى جانب (ypg)، قبل أن تنضم فرادى إلى «قوات سوريا الديمقراطية» بعد تشكيلها أواخر العام الفائت، انتهاءً بانضمام لواء جند الحرمين، أعرق التشكيلات العربية وأكثرها عدداً، مما يجعل المجلس العسكريّ لمنبج جزءاً عضوياً من «قوات سوريا الديمقراطية».
وحسب الأرقام التي يتداولها مقرّبون من هذا المجلس، يتراوح مجموع مقاتليه بين 500 إلى 600. فيما يخضع حوالي 400 متطوّعٍ جديدٍ لدورةٍ تدريبيةٍ في المعسكرات المفتتحة قرب سد تشرين، مما سيرفع عدد مقاتلي المجلس إلى حدود الألف خلال وقتٍ قريب، وخاصّةً مع توسع دوائر الانضمام بخروج المزيد من قرى وبلدات ريف منبج عن سيطرة التنظيم.
فرص داعش المتضائلة
حسب الأنباء القليلة المتسرّبة من داخل منبج، يبدي قادة داعش عزمهم على القتال حتى الرمق الأخير. وقد عزّزوا خطوط دفاعاتهم الأخيرة في التحصينات والخنادق المحفورة في أوقاتٍ سابقة، إضافةً إلى حفر خنادق جديدة، مع تكثيف عمليات تفخيخ الأبنية الطرفية والبيوت والشوارع وحتى بعض السيارات. وفي الجمعة الأخيرة شدد خطباء الجوامع المنتمون إلى داعش على ضرورة الصمود، داعين الأهالي إلى حمل السلاح إلى جانب مقاتلي التنظيم دفاعاً عن المدينة أمام هجمة «الملاحدة الكرد وصحوات الردة» الذين سمّوهم «لصوصاً وقطاع طرق». ومثل مسؤولي داعش توعد الخطباء المهاجمين بمقاومةٍ مستميتة، وبأنهم لن يدخلوا منبج إلا على جثث «جنود الدولة»، وحتى «لو لم يبق حجرٌ على حجرٍ» في المدينة. وحتماً سيؤدي إحكام الحصار وإغلاق محاور الانسحاب المحتملة أمام جنود التنظيم إلى مقاومةٍ أشد من جانبهم، وستتحول المعارك -بمجرّد اجتياز المهاجمين المسافات القصيرة المتبقية- إلى حرب شوارع مدمّرةٍ لن يعمل فيها طيران التحالف المساند بالفعالية ذاتها في المناطق المكشوفة، كما سيؤدي اعتماد داعش على المفخخات والعمليات الانتحارية إلى خسائر بشريةٍ فادحةٍ في صفوف المهاجمين. ويضاعف من دقة الأوضاع وخطورتها عشرات آلاف المدنيين المحاصرين من أهل المدينة الذين تقطعت بهم السبل وظلوا أسارى لدى التنظيم.