- Home
- مقالات
- صياد المدينة
عبد الله نظام وأتباعه الغاضبون
هناك أزمة في أوساط الشيعة السوريين، بين عموم أبناء الطائفة، والريفيين منهم خاصة، وبين رأسها الأول «السيد» عبد الله نظام.
قائمة التهم ضد السيد من أتباعه في المذهب طويلة: فساد تعبر عنه فنادق ومزارع وعقارات وأموال صعبة. ثم استخفاف بـ«آلام الشيعة» إلى درجة إغاثة أهل الفوعة، وقت حصارهم، بمعاطف مستعملة فاقعة الألوان وبحلاوة فاسدة. ثم تبذير وعبث بـ«ملايين الملايين» الآتية من إيران بهدف «تنمية الطائفة»، لتهدر على مشاريع خاسرة؛ مزارع فطر، مستشفيات لم تكتمل، مرصد فلكي على سطح المدرسة المحسنية، ملاعب كرة سلة، مسابح شرعية للنساء. وفوق كل هذا تكبر وغطرسة إلى حد يصعب فيه لقاؤه على طلاب الحاجات القادمين من نبل والزهراء، وقرى الغور، والدلبوز وأم العمد، والمزرعة وبصرى الشام، وحطلة، وطبعاً يصعب ذلك على أهالي الفوعة وكفريا من محل إيوائهم المؤقت، بل وحتى على شيعة حي زين العابدين على أطراف دمشق.
قد تنطوي تلك التهم على مبالغة في حق الرجل الشامي المحتاط من العيون المفتحة عليه والحذِر من ارتكاب الحماقات. وقد يكون تقصيره المزعوم ناجماً عن قلة إدراك رعاياه الريفيين، الذين تعبّئ رؤوسهم فقط صور سادة معممين يحملون البنادق، ويصرخون متوعدين العدو، ويخرقون الورقيات بهبات تطال الجميع؛ فقراء أغنياء، أصحاء جرحى، أحياء ميتين موتاً طبيعياً، ماذا يحدث لو سجلهم السيد في قائمة الشهداء!
خيال يخالط الواقع في أذهان الناقمين على زعيمهم، يدفعهم إلى تقديم طلبات غير معقولة، يظنون أن إيران لبتها وبددها السيد: بيوت لائقة لذوي المقتولين في المعارك، منح دراسية للطلاب، وظائف في مؤسسات الطائفة تستوعب الجميع، طوفان سلال إغاثية يغمر «القرى الشيعية» وكهرباء، بل وحتى رواتب شهرية من المهد إلى اللحد. فمن يبلّغ المراجع العظام في قم ومشهد والنجف بأفعال الوكيل؟
ربما كان الانفصال النفسي لأكثرية الشيعة السوريين الآن عن سواهم من جمهور مؤيدي الأسد، ثم تكثيف الحضور الإيراني في يومياتهم، قد قطع آخر روابطهم بالأسد وما تبقى من دولته ووزاراته ومسؤوليه، إلى درجة أن لا يُعتَب عليه ولا يُذكَر بخيرٍ أو بشرٍّ إلا في الحدود التي يفرضها الجوار.
لا يتحمل عبد الله نظام مسؤولية هذا التعلق المصيري بإيران رغم استثماره الكامل لمنافع الحاضر الإيراني على صعيد شخصي، حين بنى، في ثمانينات القرن الماضي، علاقات خاصة بالسفارة الإيرانية، نماها بالتدريج ليصير مديراً للجمعية المحسنية التي تضم مدارس وهيئات خيرية، ثم وكيلاً للخامنئي، فمديراً لمجامع دينية بالجملة، مكنته من تبوأ الصدارة بين رجال الدين ووجهاء الطائفة. وفي الطريق أزاح زعيماً تقليدياً هو علي مكي وارث أبيه حسين، وارث السيد محسن الأمين القادم من جبل عامل ليصنع لشتات الشيعة في حي الخراب -الأمين لاحقاً تكريماً له- في دمشق القديمة، مطلع القرن الماضي، قواماً ويدمجهم في وطن قيد التشكل.
هيأ نظام نفسه لتولي زعامة الطائفة في زمن السلم، قبل أن تفاجئه الثورة والحرب ويفاجئه سوء فهم وظن من أتباع شبه منسيين ينادونه بالحاخام ومصاص الدماء والطاغية وغير ذلك من الشتائم ومسببات الصداع.