- Home
- مقالات
- رادار المدينة
عائدات إلى حي القصور والخالدية في حمص يتحدثن عنهما.. «قمت بترديد أسماء جاراتي كالمجنونة على شرفة المنزل»
يتفاوت إيقاع الحياة وعودة النازحين بين حي وآخر في حمص المدمرة. فتكاد تعود الحياة إلى حي القصور، فيما زال حي الخالدية ميتاً على الحال التي تركه عليها الثوار عندما غادروه منذ أربع سنوات وخمسة أشهر.
عمل ثوار حمص في أحيائها القديمة التي تتضمن 12 حيًّا، حيث خلّفت المعارك التي تخلّلها قصف عنيف لنظام الأسد على مدى عامين دماراً كبيراً، ومئات الشهداء تحت الأنقاض، وبعد خروجهم منها (أيار 2014) قامت ميليشيا حزب الله اللبناني (باستلام) هذه الأحياء، ونشرت حواجزها على جميع مداخلها، ومنعت الأهالي من العودة إلى منازلهم، حتّى المؤيدين للنظام، إلّا مع مرافق من حزب الله، وبوقت مُحدّد للدخول والخروج منها.
عادت بعض العوائل إلى منازلها المدمّرة للاطمئنان على أملاكها، كان العائدون عادة رجلاً كبيراً بالسن أو سيّدة مع بعض الأطفال، بسبب التخوّف من اعتقال الشبان، فاقتيد جميعهم إلى الأفرع الأمنيّة، حيث بدأ السؤال عن أبنائهم وأماكن تواجدهم، وهل هم من حملة السلاح أم لا، في سبيل تضييق الخناق على العائدين. وإلى هذه الأثناء لا يتجرّأ أحد على التجوّل داخل المنطقة بحرّيته حتّى وإن كان من سكّانها الأصليين.
ورغم الظروف الأمنية، عملت بعض العائلات على تنظيف منازلها من الركام، وإجراء الأوراق الأمنيّة المطلوبة للسماح لهم بالعودة للسكن فيها، أو تأجيرها لآخرين، بينما قدّم البعض طلبات (للجمعيات الخيريّة) لمساندتهم بمبالغ ماليّة لإعادة الإعمار. فيما تابع ثوار حمصَ القديمة العيش في ريفها الشمالي، ثمّ مؤخرًا في الشمال السوري.
وعلى تخوم الأحياء القديمة يقع حي القصور، ذي المساكن الكبيرة والشوارع الواسعة الممتدة. كان الحي أثناء المعارك مقسوماً إلى نصفين، نصف بيد الثوار، والآخر بيد النظام الذي دمّر النصف الآخر بالكامل، كونه مدخلًا لمدينة حمص، ويُطلّ على فرع المخابرات الجوّية والمطاحن وقيادة الشرطة الخارجيّة الواقعة في مساكن المعلمين، وعلى معمل الصباغ الذي استُعمل كثكنة عسكريّة ضخمة باتجاه حي الوعر والمنطقة الصناعيّة.
يقدر البعض أن 50% من منازل الحي مسكونة الآن، بعد أن بدأت العائلات منذ ثلاث سنوات بالعودة التدريجية إليه، بمعدل نحو 300 عائلة بالعام الواحد، تضم عائلات تستأجر في الحي من غير سكانه الأصليين؛ بينما المباني المهدّمة بالكامل لم يستطع أصحابها إعادة إعمارها. ويقيم الأهالي، ممن يتواصل مع أقاربها خارجها، حركة الحياة فيه بـ "الطبيعية"، حيث فتحت المحالّ التجارية، وخدمة الكهرباء والماء والاتصالات متوفرة، تنقطع لساعات قليلة يوميًا، لكن شارع طلائع النور خارج الخدمة مازال خارج الخدمة، وهناك وعود من النظام بإعادة تأهيله خلال مطلع العام المقبل.
"أم أكرم" من سكّان حي القصور كانت نازحة في حي الوعر، وعاشت حصاره حيث تعرّض زوجها لإصابة بالقصف هناك، تقول: كلّفني إعادة تأهيل منزلي ما يقارب السبعة ملايين ليرة سورية، لتنظيف الأرض ودهان الجدران وشراء أثاث منزلي فقط. فالنظامُ لم يكتفِ بتدمير المنازل، بل قام شبيحته بسرقة كافة محتوياتها، وحتّى خلع أكبال الكهرباء والأبواب والنوافذ. وزيادة في النكاية "دفعنا كافة الفواتير السابقة المترتبة علينا، ومن حسن حظنا وجدنا من يُقرضنا المال لذلك" تختتم "أم أكرم" حديثها.
أما حي الخالديّة، فلم يُؤهّل للسكن، وما زال خارج الخدمة، بينما تعود بعض العائلات إليه رغم عدم توفر الماء والكهرباء، معتمدين على المولدات أو المضخات؛ كما أنّ المساجد -وأبرزها مسجد خالد بن الوليد والرضوان- لم يُرفع منها أذان بعد منذ سنوات، رغم زيارة مفتي حمص (عصام المصري) برفقة وفد إلى الحي بعد خروج الثوار منه مباشرةً، وتصويرهم هناك إظهارًا للانتصار المزعوم، خاصة أنَّ الحي كان رمزاً للثورة والمظاهرات، وقد تجمع فيه كلّ الثوار من جميع الأحياء المهجّرة مثل (عشيرة، كرم الزيتون، دير بعلبة، البياضة) لمواجهة زحف قوّات النظام الذي توقف في حي البياضة، فأصبح شارع القاهرة في الحي فاصلاً بين الثوار والنظام.