- Home
- مقالات
- رادار المدينة
صعوبات تحويل الأموال من الخارج وسط موجة العوز في اللاذقية
جمعت أم إبراهيم وهي إحدى السيدات التي تقيم في حي الرمل الجنوبي بمدينة اللاذقية، مبلغ خمسين ألف ليرة سورية من راتب زوجها هذا الشهر وما بقي من الشهر الماضي، واشترت بهم علبة زيت وعلبة سمنة. وبذلك يكون انتهى مدخولهم الشهري. راتب زوجها الموظف في معمل الغزل والنسيج في المدينة لا يكفي لأكثر من ذلك، بينما تعتمد بشكل أساسي على الأموال التي يرسلها لها أخوتها من خارج سوريا، لكن بكثير من الحذر والحيل المالية.
أشارت أم إبراهيم في حديثها لـ“عين المدينة“ أنه من الصعب جداً العيش على المبالغ القليلة التي يتلقاها الموظفون في سوريا، أو حتى العاملين في أي مهنة في ظل الغلاء الفاحش وارتفاع الأسعار اليومي (المترافق مع انهيار الليرة السورية)، لكن الأموال التي تصل من الخارج تساعدها بشكل كبير، خصوصاً وأنها تساوي مبالغ كبيرة بالعملة السورية، منوهة أن كل شهر أو شهرين يرسل لها أحد أخوتها مئة دولار تساوي اليوم ما يقارب أربعمئة ألف ليرة سورية، تشتري بها ما تحتاجه من أغراض للمنزل وحاجات التدفئة ومستلزمات أطفالها ودراستهم.
وتابعت أنها ليست الوحيدة التي تعيش من التحويلات الخارجية، فأغلب الناس في المدينة يعتمدون على أبنائهم ممن خرج نحو المناطق المحررة أو تركيا أو الدول الأوربية، لكن الأمر غالباً يكون بالخفاء، ويحمل الكثير من المخاوف والمخاطر، فلا يُسرّ أحد بهذا الموضوع إلا للأشخاص المقربين منه، لما يحمله من مخاطر أمنية، لا سيما وأن أغلب الخارجين هم هاربون من النظام، ويعتبرهم الأخير إرهابيين ومعارضين له، لذلك تخشى أسرهم المساءلة كونهم ينكرون أية علاقة بهم أو تواصل معهم.
صعوبات التحويل
يعرف الكثير من الخارجين من مدينة اللاذقية أن أسرهم تعيش هناك أوضاعاً صعبة ويتوجب مساعدتهم، لكنهم يواجهون صعوبات كثيرة في السعي لإيصال الأموال لهم، رغم وجود بعض الشركات التي لا تزال تعمل في تحويل الأموال، لكن المخاطر الأمنية تمنعهم من التحويل عبرها، فعند استلام المبلغ من قبل ذويهم سيكون هناك تحقيق أشبه بالتحقيق الأمني عن المرسل وسبب الإرسال والقرابة ومكان العيش والكثير من التفاصيل الأخرى، حسب ما بيّن محمد ليلى صاحب أحد محلات التحويل السورية في أنطاكية التركية، مشيراً أنهم منذ فترة طويلة أوقفوا التعامل مع الشركات المعروفة في اللاذقية بعد عزوف الزبائن عن التحويل إليها، وباتوا يبحثون عن بدائل.
تتنوع الصعوبات المحيطة بتحويل مبالغ مالية إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام في سوريا، منها ما يتعلق بالاستغلال عند وجود حاجة ملحة لإيصال المبلغ بشكل سريع، أو حتى عدم وجود ثقة بالأشخاص المرسل عبرهم، فرغم حاجة النظام بشكل كبير لهذه الأموال ورغبته باستمرار تحويلها إلا أن عملية التحويل لا تمر مرور الكرام في مناطقه وبين أجهزته الأمنية، كل ذلك في ظل فرض عقوبات أمريكية على شركات تتعامل معه.
يعمل ليلى حالياً بالشراكة مع شخص في اللاذقية غير معروف في وسط التحويلات المالية، فبعد تسلّم المبلغ في تركيا يقوم شريكه بتسليمه للمستحقين بما يعادله بالليرة السورية، ويقسمون تكاليف التحويل فيما بينهم، مؤكداً أن هذا الوضع يناسب الراغبين بمساعدة أسرهم (بعيداً عن أنظار الأمن) لا سيما وأنه تحويل سري ويضمن سلامة الجميع، مضيفاً أن هذه الطريقة أسرع، فبشكل مباشر يستطيع الشخص أن يستلم الحوالة، بينما يأخذ التحويل عبر الشركات وقتاً أطول. لكن في كلا الحالتين يتم تسليم المبلغ بالليرة السورية، ولا يمكن التعامل بغيرها من العملات.
بدائل أخرى
الشاب أحمد الذي يرسل مبلغاً شهرياً لأسرته، لديه عدة بدائل عن عملية التحويل إلى مدينة اللاذقية، فإن فشل في إحداها يلجأ إلى أخرى. يعرف أحمد العديد من الأسر التي خرجت من اللاذقية ولديها منازل مؤجرة فيها، فيقوم بتبديل الأموال عبر الطلب من المستأجر دفع الإيجار لأهله بينما يسدده هو لأصحاب المنزل في المناطق المحررة أو تركيا.
ويقول إن الطريقة الأخرى تتم عبر التحويل من عدة أشخاص لكنها تحتاج لدفع تكاليف أكبر، بينما عملية التبديل مجانية لكنها تأخذ فترة للوصول.
ورغم كل الصعوبات، لا تزال عملية إرسال الأموال إلى مناطق النظام مستمرة، وسط حاجة الناس هناك بسبب انهيار العملة وفقدان الأجور قيمتها، تزامناً مع قفزات الأسعار التي كان آخرها قبل أيام، ما تسبب بتوقف الحركة في الأسواق ضمن مدينة اللاذقية وغياب الزبائن عنها.