- Home
- مقالات
- رادار المدينة
شيخ قبيلة طي في الحسكة إلى الواجهة بعد زيارة إيران.. وموالون يعترضون
بالتزامن مع محاولات إيرانية للاستثمار في شيوخ العشائر العربية، تعود إلى الواجهة مجدداً حالة انقسام الولاءات العشائرية في محافظة الحسكة، وهذه المرة بانقسام داخل "مجلس شيوخ ووجهاء القبائل والعشائر السورية" الموالي للنظام، على عكس الانقسامات السابقة التي كانت الولاءات فيها موزعة لصالح القوى المتصارعة سواء كانت المعارضة أو النظام أو "الإدارة الذاتية".
تشهد محافظة الحسكة منذ مطلع العام الجاري تنامي ملحوظ للنشاط إيران ومليشياتها، بعد أن بدأت باستمالة عدد من شيوخ العشائر وعلى رأسهم شيخ قبيلة طي ضاري محمد الفارس الذي تسلم المشيخة بعد وفاة أبيه أيلول 2021.
توجت هذه العلاقة الجديدة التي جمعت ضاري بالميليشيات الإيرانية بزيارة قام بها الأول خلال عطلة عيد الأضحى الماضي وما بعدها (منتصف تموز) مع وفد عشائري وشخصيات اجتماعية من مختلف المحافظات السورية إلى العاصمة الإيرانية طهران ومدينة قم.
وتعتبر قبيلة طي كبرى القبائل العربية في المحافظة، ويتوزع أفرادها في منطقة القامشلي وخاصة ريفها الجنوبي الخاضع لسيطرة النظام عبر مليشيات الدفاع الوطني، الأمر الذي سهل نشاط المليشيات الإيرانية في تلك المنطقة.
ورغم أن الزيارة التي قام بها ضاري محمد الفارس لم تحظ باهتمام وسائل الإعلام الرسمية سواء كانت إيرانية أو سورية تابعة للنظام، فإن الزيارة التي أكد وقوعها أحد الإعلاميين المقربين من النظام في الحسكة لعين المدينة، تعد مفصلية بالنسبة إلى مسيرة ضاري من جهة ومحاولات إيران للتمدد في الحسكة من جهة أخرى.
ورأى الإعلامي الذي طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن عدم تغطية الزيارة إعلامياً أمر مقصود وخاصة من قبل الإيرانيين، وذلك لحساسية المنطقة التي تشهد صراعاً روسياً أمريكياً وتركياً، ولا تريد إيران لفت النظر وسطه إلى نشاطها المتزايد في المحافظة على اعتبار أن ضاري أهم شخصية عشائرية بين أعضاء الوفد.
ويمكن وصف الزيارة بأنها ذات طابع ديني وأمني أكثر منها سياسية، وذلك لان الوفد كان برئاسة محمود نواف العداي رئيس "مركز الإمام المهدي" في منطقة السيدة زينب بمحافظة دمشق، واللقاء الوحيد الذي أعلن عنه على وسائل التواصل الاجتماعي، هو مع محمد جواد الموسوي نجل عبد الصاحب الموسوي الملحق الثقافي الإيراني السابق في حلب ومؤسس "مركز أهل البيت" في لبنان وسوريا والعراق وإيران.
ويعد عبد الصاحب أحد الشخصيات التي عملت على نشر المذهب الشيعي في محافظة الحسكة منذ بداية الألفية، حيث أجرى العديد من الزيارات إلى المحافظة التقى خلالها عدداً من الشخصيات الاجتماعية وشيوخ العشائر، وخاصة تلك التي تعود بنسبها إلى الحسين بن علي، ومنذ ذلك الحين وهو يمتلك علاقات شخصية مع وجهاء وشيوخ عشائر في المحافظة.
وحسب مقربين من ضاري، فإن من أقنعه بتقوية علاقته مع الإيرانيين هو فالح الفياض المقرب من إيران وأحد شيوخ قبيلة طي ورئيس "هيئة الحشد الشعبي" بالعراق سابقاً، والذي نتيجة العلاقات والتقارب العشائري بينهم استطاع إقناع ضاري بالتعامل مع إيران.
في أثناء الزيارة انتخب ضاري رئيساً ل"مجلس شيوخ ووجهاء القبائل والعشائر السورية" في محافظة الحسكة بحضور 40 شخصية عشائرية وقبلية واجتماعية، حيث أعلن المجلس عن ترميم وتشكيل المجلس، وجاء في الإعلان أن الهدف من "إعادة ترميم المجلس هو دعم الوجود الرسمي للنظام في المحافظة ووحدة وسلامة الأراضي السورية والوقوف ضد الفصائل المدعومة من أمريكا وتركيا في المحافظة".
الأمر الذي لاقى اعتراضاً من قبل رئاسة المجلس القديم والمتمثلة برئيس المجلس ميزر المسلط الموالي للنظام، والذي يعتبر من أبرز شيوخ قبيلة الجبور والمعروف بعلاقته الجيدة مع القوات الروسية.
ونشرت صفحة المجلس الذي يترأسه ميزر المسلط على فيسبوك بعد انتخاب ضاري، تعليقاً لرئيس مجلسها المسلط أن "المجلس مشكل بقرار القيادة السياسية بدمشق". وأكد المسلط في تعليقه أن "هذه المجالس شعبية.. لسنا ضد لم الشمل على جميع المكونات، أما بخصوص إزاحة المجلس الحالي عن مكانه فهذا الأمر أمر سيادي من العاصمة، ولا يحق لأي مجلس عبر بيانات الفيسبوك أن يحل بمكان المجلس الحالي".
في المقابل كثف ضاري بعد عودته من زيارته إلى إيران من لقاءاته مع المسؤولين في محافظة الحسكة بوصفه رئيساً للمجلس، حيث التقى بتاريخ 24 تموز مع تركي حسن أمين فرع حزب البعث في الحسكة، وبتاريخ 27 تموز التقى مع محافظ الحسكة الجديد لؤي صيوح.
وذكر متابعون من الحسكة لعين المدينة أن الاصطفافات بدأت تظهر بين الشخصيات العشائرية الموالية للنظام، وذلك وفق الولاء للجانب الإيراني أو الروسي. إلى ذلك يظهر من المواقف المعلنة حتى الآن أن أغلب الشخصيات التي وقفت مع ضاري ذات ولاء إيراني، ومنهم فيصل العازل أحد وجهاء عشيرة المعامرة ومتزعم إحدى فصائل ميليشيات "الدفاع الوطني" في ريف القامشلي والمدعوم من حزب الله في المحافظة، وكذلك رافع الحمدية أحد وجهاء عشيرة المحاسن المعروف بقربه من إيران، ومحمد حسناوي الجدوع شيخ عشيرة البوخطاب من قبيلة الجبور الذي يملك علاقات قوية مع قادة المليشيات الإيرانية في سوريا.
ويبدو أن هذه التغيرات والانقسامات تأتي في إطار زيادة تمدد وتوسع النفوذ الإيراني في المحافظة، وفق تحليل متابعين للنشاط الإيراني في الحسكة. فبعد أن استطاعت إيران استقطاب مليشيات الدفاع الوطني التي تخلى عنها النظام في معركتها ضد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في حارة طي بمدينة القامشلي في شهر نيسان من العام الفائت، وتجنيد العديد من أبناء العشائر في الحسكة والقامشلي لصالح ميليشيات حزب الله اللبناني والمليشيات الإيرانية، تأتي الآن المحاولة الإيرانية لكسب شيوخ العشائر عبر وسائل التغيير الناعمة، ووضع الموالين لإيران أو أصحاب المصالح معها على رأس التشكيلات الاجتماعية.