- Home
- مقالات
- رادار المدينة
سلطتان وأكوام القمامة في مدينة الحسكة
تقف هيفاء أمام المشفى الوطني بحي العزيزية في الحسكة، وتهم بالخروج من المشفى، وتمعن النظر إلى سماء المدينة التي بات يرفرف فيها أعلام مختلفة تمثلها جهات رسمية على الأرض المكتظة بالقمامة، التي تسببت في قدوم هيفاء إلى المشفى منذ إصابتها باللشمانيا (حبة حلب)
تشهد مدينة الحسكة أزمات عدة أحدها خدمية، تقف وراءها الإدارة ثنائية السيطرة على المدينة، إذ يسيطر النظام السوري على عدد من الأحياء، بينما تسيطر الإدارة الذاتية على القسم الأكبر من المدينة. هذه الثنائية فرضت أعباء كبيرة على سكان الحسكة، لتشمل التعليم والمشافي وتسجيل العقارات والمواصلات، ولتصل بهم إلى دفع غرامات للطرفين، كما هو الحال في دفع رسوم تسجيل السيارات، خاصة تلك التي تنقل البضائع من المدن السورية الداخلية، ويضطر أصحابها إلى دفع الرسومات السنوية كل عام لدى إدارة المواصلات الخاصة بالنظام، وكذلك الأمر بالنسبة للإدارة الذاتية التي فرضت رسوماً عبر هيئة المواصلات (ترافيك روج آفا) وأعطتهم لوحات مرقمة.
على أن الانقسام في السيطرة، وبالتالي الإدارة، ظهر عيانياََ في الفترة الأخيرة عبر أكوام القمامة أمام البيوت، وعلى المنصفات والأرصفة والشوارع، ويشي المظهر بترك الأهالي لأقدارهم دون معرفة المسؤول عن كل ذلك، رغم وجود العديد من المنظمات العالمية والمحلية.
تشرح هيفاء بأن القمامة في المدينة صارت مشكلة كبيرة، وقد تزداد أضرارها مالم تقم (الجهات المعنية) بإزالتها، فهي يوما بعد آخر في ازدياد، وباتت تجمعات القمامة مرتعاََ للكلاب الشاردة، عدا عن الرائحة الكريهة الصادرة من تجمعات تلك القمامة. وتتابع بأنها قامت بزيارة للمشفى الوطني، والذي يدار من قبل منظمة (أطباء بلا حدود) تحت إشراف الإدارة الذاتية، وتبين من خلال الفحوصات بأن الحبة التي ظهرت على يدها لشمانيا، ولذلك عليها القدوم بشكل دوري إلى المشفى لتلقي العلاج، وترجع هيفاء سبب إصابتها إلى تراكم القمامة في حيها الذي يقع تحت سيطرة الإدارة الذاتية.
تعمل البلدية التابعة للنظام في أجزاء من مركز المدينة، وكذلك في حي الميرديان والقضاة والمحطة، وتقوم السيارات الخاصة بالقمامة بإزالتها مرتين في الأسبوع، وتتصف هذه الأحياء بأنها من أسوأ الأحياء خدمة ونظافة، بحسب الأهالي القاطنين فيها؛ بينما تحاول الإدارة بأن تكون أفضل حالاََ، ولكن التقصير من جانبها واضح للعيان بمجرد المرور من أحياء الغزل والعزيزية والنشوة الغربية وغويران، ويعود ذلك لكون العاملين في الإدارة لا يقومون بإزالة القمامة سوى مرة كل ثلاثة أيام، وأيضا فقد قامت تلك البلديات بإزالة المستوعبات الخاصة بالقمامة من الأحياء بعد تفجير عدة عبوات في الحاويات.
وبحسب ناشط من الحسكة يتكلم حول الأعمال التي يقوم بها بلدية الشعب التابع للإدارة الذاتية في شمال سوريا، وخصوصاً على مستوى نظافة المدينة، فإن إزالة القمامة تتم كل ثلاثة أيام لمرة واحدة، في حين يتم تنظيف الشوارع الرئيسية بشكل يومي، ولكن سرعان ماتعود تلك الشوارع إلى ماكانت عليه نتيجة عدم التنسيق بين المدنيين والبلدية، ويضيف بأن أحياء مهمة بشكل كبير، كحي غويران والنشوة، باتت مكباََ للنفايات دون أن تقوم البلديات بإزالة الأكوام، أو محاسبة المسؤولين عن إحداث مكب داخل المدينة. أما عبد الخلف، موظف بلدية الشعب، فيشرح كيف يبدؤون عملهم من الساعة السابعة صباحاً حتى العاشرة، وكيف يحاولون جاهدين لتنظيف الأحياء من خلال توزيع العمال والسيارات، ولكن «نحن نعاني من عدم تقيد المدنيين بوضع القمامة في مكانها المخصص، وإلقائها على الأرصفة والمنصفات والطرقات».
يجري كل ذلك رغم وجود منظمات تهتم بذات الشأن، مثل مركز بلسم للتثقيف الصحي الواقع في حي الصالحية، والعامل على تقديم دورات وإسعافات أولية ونشاطات تثقيفية لأبناء المدينة، وأسهبت مديرته أهين علي عند سؤالها عن الموضوع بالكلام عن القمامة المنتشرة في الأحياء، والأمراض الجلدية والهضمية الشائعة التي تسببها، والمخاطر التي قد يتطور الوضع إليها إن لم تعالج تلك المشكلة.
على المقلب الآخر يحاول النظام السوري مد سيطرته على مدينة الحسكة عبر إصدار القرارات، كما هو الحال في فرض مبلغ 1000 ليرة سورية كمخالفة لرمي القمامة في الأماكن الغير مخصصة لها وفي غير أوقاتها المحددة، ومبلغ 3000 ليرة سورية كمخالفة للذبح خارج المسلخ البلدي، رغم أن النظام لم يقدم منذ بداية الحراك السوري أي خدمات لسكان المدينة. وعزا عدنان خاجو نائب رئيس مجلس مدينة الحسكة عبر تصريحات صحفية هذا التوقف إلى الإدارة الذاتية، حيث اتهمها بنهب جميع الآليات الخاصة، وبأن البلدية كانت تمتلك في العام الماضي 90 آلية مختلفة (تركسات، بوبكات، صهاريج، جرارات، كريدرات، وسيارات وآليات مختلفة….) قبل أن تتعرض تلك الآليات للاعتداء والسطو، ومن ثم الاستيلاء عليها كاملة من قبل وحدات حماية الشعب على خلفية الأحداث التي شهدتها المدينة منذ أكثر من عام.