- Home
- مقالات
- صياد المدينة
سفير الجراد.. «العجي» الذي سيصبح وزير أوقاف
من الظلم لسفير الجراد أن يعزى صعوده في السنوات الأخيرة -مدير أوقاف دير الزور، فمستشار في وزارتها، ثم مدير مؤسسة القدس الإيرانية بفرعها السوري- إلى الثورة وحدها، فهو يصعد من قبل، ولم يدخر سعياً ليكون شيئاً معدوداً بعد طول تنكير.
لم يبق الجراد في وجهه قطرة ماء إلا وأراقها تملقاً لرجال السلطة والمال، ورجال الدين أياً كانوا، شواماً أو حلبيين، سنة أو شيعة أو علويين. ومن جامع إلى جامع كان طوافاً منذ غادر دير الزور إلى دمشق، منتصف تسعينات القرن الماضي، بعد ثانوية متعثرة ومعهد زراعي حطم قلب الولد غيرة من رفاقه الجامعيين. وسرعان ما تعلم أنجع الطرق إلى قلوب المشايخ، فصار مريداً للجميع، كفتارو ومشتقاته، البوطي والزحيلي والبزم ومحمد حبش، وأولاد الفرفور, مع ترقب لإطلالات جودت سعيد كل أسبوع، ودروس حسين فضل الله في الحوزة في السيدة زينب. وشمالاً نحو صهيب الشامي ومحمود عكام وأحمد حسون، في حلب التي كثيراً ما سافر إليها عائداً بصور تذكاريةٍ معهم وكتبهم الممهورة بالإهداءات التي وصفته بالأخ ثم الشيخ ثم العالم حتى قبل أن يكمل دراسته الشرعية في فرع الأزهر بمعهد الفتح. وأثناء سفرته القصيرة إلى القاهرة لامتحان التخرج، كما يقضي قانون الأزهر، تعرف إلى شيوخ مصريين وصار يقدم نفسه ويقدمه بعضهم كشيخ من سوريا، فظهر مرة أو مرتين مقابل محمد عمارة في برنامج تلفزيوني. وفي غفلة عن العيون قال سفير إنه نال الماجستير، ثم الدكتوراه، في أصول الفقه من الجامعة الأميركية المصرية، وهي جامعة وهمية كانت حديث الصحف كمثال على فساد التعليم الخاص هناك.
بعد الدكتوراه وانطلائها على كثيرين، طلق سفير زوجته وتزوج ابنة راعيه وعرابه الرئيسي الشيخ حسام الدين الفرفور. ومن خلال «عمه» الجديد انفتحت له شبابيك سعد طالما حلم بها، فامتلأ هاتفه بأرقام رؤساء فروع أمنية، ومدراء مكاتب وزراء، وتجار كبار. ثم، ومع اندلاع الثورة، ترقت القائمة إلى رؤساء إدارات أمنية، ووزراء ومقربين من عائلة الأسد. وبعد سنتين فاق العم نفوذاً، ليصل إلى بثينة شعبان مستشارة بشار، وباسل جدعان شقيق زوجة ماهر، رئيسيه الفخريين في مؤسسة القدس التي تستضيف أثقل الضيوف الممانعين.
وإلى جانب تلك المؤسسة يظهر سفير على تلفزيونات النظام وشقيقاتها اللبنانية والعراقية والإيرانية، متحدثاً عن المؤامرة ونبذ التعصب والتقريب بين المذاهب وفضائل آل البيت، وفي جوامع دمشق الكبرى يلقي دروساً في فضائل الأعمال، والعقيدة، ويحاضر كأستاذ في الجامعات والمعاهد عن فقه الأزمة، ويدرب في ورشات خاصة شيوخاً أصغر رتبة في هذا «الفقه».
حين كان طالباً في معهد الفتح سرق حلقات بحث من زملائه، وسرق من جيوب من باتوا في بيته نقوداً، وسرق نصيب إخوته لدى تقسيم الإرث، وربما كان وراء اعتقال أحدهم واختفائه في سجون النظام منذ سنوات. ورغم كل هذه الرذائل، يصر عارفوه من أبناء دير الزور على وصفه بـ«العجي» قبل أي وصف آخر.
ولكن «العجي» قال، في أول سنواته مع التدين، إنه لن يرضى في المستقبل بأقل من رتبة وزير أوقاف!