- Home
- مقالات
- صياد المدينة
زمنان وطبقتان من الساحل يكشفهما شجار في «مجلس الشعب»
قبل أيام هاجمت عضوة مجلس شعب النظام، ديما سليمان، على صفحتها الشخصية في فيسبوك، زميلاً لها هو فواز نصور، متهمة إياه بإهانتها خلال نقاش عن المناهج التعليمية الجديدة.
زعمت سليمان أن نصور، الذي قارب السبعين عاماً، حاول ضربها لولا تدخل أعضاء آخرين، وأنه شتمها بالقول إن وزير التربية، هزوان الوز، وطني وشريف أكثر منها ومن عائلتها مجتمعة. آلمت محاولة الضرب المزعومة تلك، فضلاً عن الشتيمة والانتقاص من الوطنية، العضوة المولودة عام 1990، وآلمت أمها وأباها وأبناء ضيعتها بيت الوادي في ريف حماة الغربي، لا سيما أن شقيقي ديما، شعيب ويعرب، قتلا في صفوف قوات الأسد في يوم واحد. وخاطبت السيدة بسمة ديوب، والدة ديما، نصور: «دير بالك على حالك. مانك قد الشهدا يللي شتمتن»!
على الطرف الآخر، في عين شقاق، بلدة نصور، وفضائها في ريف اللاذقية؛ نشرت صفحات رواية ثانية عن الشجار رمت فيها سليمان أوراقاً في وجه زميلها واتهمته بـ«التشبيح لهزوان الوز»، لأنه نصحها فقط، وهي في عمر بناته، أن تتقبل الرأي الآخر، حسب الرواية.
ينتمي المتخاصمان إلى جوين وزمنين وطبقتين مختلفتين. فنصور ابن إقطاع ووجاهة ريفية متوارثة أوصلت والده بهجت ذات مرة إلى البرلمان قبل حافظ الأسد، عززها -من غير قصد- بسيرة الرياضي المحترمة في الأرياف، كبطل ملاكمة ثم لاعب فرئيس لنادي جبلة، قبل أن يصل، هو الآخر، بعد الثورة، إلى مجلس الشعب كمستقل. ومثل كثيرين من أبناء الزعامات السابقة لعائلة الأسد في مجتمع الطائفة العلوية، لا يبدو نصور مسكوناً بـ«رهاب السنة» ولا متشنجاً تجاه حواضن الثورة في مدن الساحل. إذ قاد مرات عدة جهود مصالحة أهلية إلى جانب وجهاء في هذه المدن، وتوسط لدى أجهزة الأمن أول الثورة –حسب ما قيل- لإطلاق سراح معتقلين، في سعيه إلى تخفيف حدة التجاذب الطائفي هناك، دون أن تنقص مقتضيات انتمائه التقليدي.
وبلا شك لا تكنّ ديما للمثل الطبقي الذي يجسده نصور وداً. فهي ابنة عسكري متقاعد من عائلة تمتهن الفلاحة وعينها على وظائف القطاع العام كنعمة من «نعم الدولة» التي تراها ديمة جسماً متحداً أبداً بعائلة الأسد، واستنكرت -مثل موظفين وطلاب وظائف حكومية في الساحل- ثورة سوريين آخرين على هذه الدولة العائلة، قبل أن يتحول الاستنكار إلى اصطفاف متطرف كرّسته مأساة عائلية تمثلت بمقتل أخويها قبل ثلاث سنوات. يومها أثارت تلك المأساة تعاطفاً واسعاً مع العائلة تناولناه في مادة سابقة بمناسبة افتتاح مسؤولي حماة نصباً في الضيعة يجسد الأخوين. وعلى عكس تنبؤنا، كافأ النظام شقيقتهما ديما بنقلها من مجرد موظفة مفرغة في فرع الحزب بطرطوس إلى عضوة في مجلس شعبه. وهي اليوم تمثل باكراً الموجة الثالثة من المسؤولين القادمين من الساحل.