- Home
- مقالات
- ملف
رمضان في سوريا: شهر آخر كئيب ومضنٍ يمر على أهالي مدينة اللاذقية
يستقبل أهالي مدينة اللاذقية شهر رمضان هذا العام في ظروف قاسية تفتقد فيها كثير من الأسر من يعيلها، وازدادت فيها معدلات الفقر وارتفعت الأسعار، رغم المحاولات التي يبذلها النظام لإعادة المدينة إلى صورتها قبل الثورة بمظاهر الابتهاج المزعومة ب"السلام" في هذا الشهر الذي لم تتبدد فيه مشاعر الخوف والفزع لدى أغلبية سكان المدينة.
يلعب العامل الاقتصادي الدور الأساسي في وضع الناس السيء وغياب الخدمات، ففي المدينة تتكرر الأزمات من أزمة الوقود إلى التقنين الكهربائي إلى انقطاع المياه، وكل هذه الأمور ترهق الناس وتضيف فوق همومها الأساسية هموم ومشاكل أخرى، تصارع كل عائلة لتأمين طعامها لوجبة الإفطار، وتختلف الطريقة بين العمل أو الاعتماد على أحد الأقرباء من الخارج أو بعض المساعدات من قبل المعارف للأسر الفقيرة جداً.
تقول هيام (اسم وهمي لربة منزل من حي الرمل الجنوبي)، أن تكلفة أي مائدة إفطار بسيطة جداً لعائلة صغيرة تزيد عن (7000) ليرة، ف"صحن المجدرة مع السلطة تكلف 4 آلاف" مؤكدة على تدهور الظروف عاماً بعد آخر، بانهيار القدرة الشرائية وارتفاع معدلات البطالة وهجرة المزيد من السكان، وفقدان "حكومة" النظام أي سيطرة على الأسعار، وحصر الجمعيات والمنظمات الخيرية العاملة "توزيع المساعدات في أوساط المؤيدين وذوي القتلى والجرحى من جنود النظام وميليشياته"، وفق ما تقول المرأة الغاضبة من حرمان أحياء مثل الرمل والصليبة ومشروع الصليبة وقنينص التي شارك أهلها أول الثورة بالمظاهرات من أي شكل من أشكال المساعدة، لتواجه معظم العائلات، لا سيما من فقدت المعيل بالاعتقال أو الهرب، أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ العام 2011.
هذا هو العام الرابع الذي يمضيه أبو إبراهيم (اسم وهمي لرجل ستيني من حي الصليبة) وزوجته وحيدين بعد أن غادر جميع أبناؤه "كانت أجواء رمضان في الصليبة أكثر ما يميز اللاذقية، اليوم نصارع على لقمة الخبز وحيدين، ونخاف من كل شيء حولنا" يقول أبو إبراهيم الذي يعبّر عن حزنه لخلو شوارع المدينة من أبنائها الأصليين الذين فُقدوا في المعتقلات أو غادروا هرباً من الاعتقال، والآن "نتمنى يعدي رمضان بسرعة" لأنهم تعبوا من البكاء والقهر والوحدة، حسب ما يقول.
تعتبر الجوامع الملجأ الوحيد للأشخاص العاجزين عن تأمين لقمة إفطارهم، فلا تزال أحياء السنة في المدينة تحافظ على هذه العادة رغم الحرب والظروف الصعبة التي يعيشها أبناؤها، إذ يقوم بعض الناس الميسورين بالتبرع بالطعام للجوامع المتواجدة فيها، ويوضع هذا الطعام على شكل سفر يأكل منه الفقراء العاجزون عن شراء الطعام وتأمينه، وارتفعت أعداد الناس التي تتوجه للأكل في الجوامع بشكل كبير هذا العام من أهالي المدينة ومن النازحين فيها، وتغيب أي مظاهر أخرى للمساعدة أو تأمين بعض المواد الرئيسية من قبل الجهات الحكومية للأسر الفقيرة.
ويقتصر دور مؤسسات النظام على بيع موظفي النظام المواد الغذائية خلال شهر رمضان بالتقسيط حتى مبلغ 50 ألف ليرة سورية، من خلال المؤسسات الاستهلاكية التابعة لها، إضافة إلى بيع سلة غذائية فيها العديد من المواد الغذائية الأساسية والضرورية لشهر رمضان بسعر أقل من الأسواق العادية.
يشار إلى أن مدينة اللاذقية تضم مئات الأسر النازحة من محافظات سورية مختلفة ومن ريف اللاذقية الشمالي، إضافة إلى سكانها الأصليين، وأغلبهم يعيش ضمن أوضاع سيئة وسط حالة من الخوف لديهم يمنعهم من المطالبة بحقوقهم أو تقديم أي اعتراض، زاد عليها هذا الرمضان الوضع العسكري السيئ على جبهات الريف واستهداف المدينة بالصواريخ بين الحين والآخر ووصول قتلى وجرحى عناصر النظام يومياً إليها، وسير مواكب التشييع تزامناً مع إطلاق الرصاص الكثيف والعشوائي في المدينة من قبل الموالين والخوف من الحقد والانتقام من سكان هذه الأحياء