- Home
- مقالات
- رادار المدينة
رغم الاهتمام السعودي.. لا يبدو أن قوى محلية ستحكم منبج
في زيارته الأولى إلى المدينة، اجتمع الوزير السعودي السبهان مع قيادة مجلس منبج المدني والعسكري ووجهاء العشائر الموالين "لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)"، بعد تسرب أنباء سابقة عن زيارات سرية لضباط سعوديين ومصريين، إذ من الواضح أن السعودية لا تريد حتى اللحظة زيادة التوتر السعودي -التركي في شمال سوريا، لكن تحركاتها لا يمكن أن تفسَّر إلا في سياق العمل لزيادته.
في قاعدة السعدية شمال غرب مدينة منبج (12 حزيران الفائت)، حطت طائرة الوزير السعودي ثامر السبهان، ومنها قصد المدينة مستكملاً زيارته لمناطق شرق سوريا الخاضعة لسيطرة قسد، والتي كان الهدف الظاهر منها التأكيد على استمرار دعم المشاريع التي بدأها المجلس المدني في المدينة، وبحث متطلبات توسيع مروحتها. وبالفعل باشر المجلس المدني التابع لقسد باستكمال مشروع منبج التوسعي الذي أُقرّ إبان سيطرة نظام الأسد على المدينة، وقام بوضع مشاريع لتعبيد طرقات المدينة وبناء جسور إضافية ورفع مستوى الخدمات.
على أن زيارة السبهان لمنبج لم تكن بهدف زيادة الدعم لمجلسها المدني فقط، بل كان للقاء العشائر جزء مهم من الزيارة، ويعتبر من ضمن مشروعه الحثيث لتشكيل قوة عربية نواتها أبناء العشائر العربية، وتكون مرتبطة بالسعودية بشكل مباشر، وتحت سلطة قسد، وبطبيعة الحال تحت الحماية الأمريكية. "فالمطلوب من دول الخليج اليوم هو التدخل من جديد في سوريا، ولكن بطرق وأهداف جديدة، وكما كان التدخّل في بداية الثورة محكوماً بالتوجهات العامة لواشنطن، وليس نابعاً من مصلحة قومية أو حاجة خليجية وطنية، أو دافع حقيقي لمساعدة السوريين للإطاحة بنظام الأسد، فكذلك اليوم هو الحضور السعودي في مناطق شرق الفرات" حسب الكاتب حسن النيفي من مدينة منبج.
ورغم أن عشائر منبج بالمحصلة امتداد لعشائر المنطقة الشرقية، لكن يبدو الهدف الأبرز من التواصل معهم منفردين هو إبعادهم عن محور تركيا، التي تدعم وتملك ثقلاً كبيراً في ريف حلب الشمالي والشرقي، خاصة بين عشائر منبج التي تركت المدينة واستقرت بمناطق سيطرة "درع الفرات"، وليس خافياً أن عشائر منبج تشكل رأس الحربة في أي عملية عسكرية للسيطرة على المدينة ومناطق شرق الفرات بالنسبة إلى تركيا.
يقول النيفي "ما تريده الولايات المتحدة الأمريكية من السعودية هو الضغط على العشائر العربية في دير الزور والرقة ومنبج لانتزاع حساسية المكوّن العربي تجاه حزب الاتحاد الديمقراطي pyd، مقابل دعم مالي وخدماتي وشراء ولاءات بعض رؤوس العشائر" عازياً توقيت الزيارة إلى التوترات السابقة بين قوات قسد وسكان المنطقة، إذ تدرك واشنطن أن تجسير الهوّة بين سلطة الأمر الواقع وسكان تلك المنطقة بات صعباً.
يعتقد النيفي أنه لا بدّ من البحث عن عوامل تجسير أخرى، وأنه ليس من الصحيح القول بأن هدف واشنطن من وراء إشراك السعودية هو إيجاد مكوّن أو حليف جديد يكون بديلاً عن قسد، إذ لا تخفي واشنطن رغبتها وسعيها في الحفاظ على القوة والنفوذ الذي يمتلكه حزب الاتحاد الديمقراطي في المنطقة، من خلال مطالبتها بإشراك قسد في المفاوضات التي تجري بين المعارضة السورية ونظام الأسد، كما يرى النيفي، الذي يضع في السياق ذاته سعي فرنسا لإجراء مصالحة كردية – كردية، بين حزب الاتحاد الديمقراطي من جهة، وبين المجلس الوطني الكردي من جهة أخرى، وقد ربطت استمرار دعمها لحزب الاتحاد الديمقراطي بنجاح تلك المصالحة.
من جهته يرى الحقوقي عبد المنعم عليان من منبج، أن سبب التركيز مجدداً على مدينته امتلاكها موقع استراتيجي يربط شرق سوريا بشمالها، إضافة إلى كونها خزاناً بشرياً.
ومنذ سيطرة قسد على مدينة منبج بعد طرد تنظيم داعش منها، أعطتها أولوية خاصة من حيث المشاريع والخدمات، خاصة تعبيد الطرق وإيصال الماء والكهرباء، وكذلك عدم فرض مناهجها الخاصة فيها، مثل ما فعلت في مناطق أخرى سيطرت عليها، كما سلمت قيادة مجلسها العسكري والمدني لأبناء المدينة -ولو شكلياً- وذلك كله بهدف ضمان إبقاء المنطقة تحت سلطتها، وولاء عشائرها وأبنائها لها في ظل توتر تركي - أمريكي بشأن السيطرة عليها