- Home
- مقالات
- رادار المدينة
دير الزور.. مديرية الصحة التابعة للنظام تعرقل برامج اللقاح في منطقة قسد
منذ إغلاق معبر اليعربية الحدودي مع العراق أمام المساعدات الإنسانية بموجب التفويض الذي منحه مجلس الأمن الدولي في مطلع العام 2020، أصبحت وزارة الصحة في حكومة النظام الشريك الوحيد لكل من منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسيف في برامج وحملات اللقاح الذي تقدمه هاتان المنظمتان، إضافة إلى تقديم الدعم التشغيلي في محافظات دير الزور والحسكة والرقة، أو في الأجزاء الواقعة تحت سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية (قسد)" من هذه المحافظات.
بهذه الشراكة الحصرية احتكرت وزارة صحة النظام ومديرياتها إدارة برامج اللقاح وحملاته في منطقة قسد في محافظة دير الزور، ما تسبب بانخفاض عدد المستفيدين الفعليين إلى حد كبير كما يؤكد عاملون في القطاع الطبي، فلا يتجاوز عدد المستفيدين في أعلى التقديرات نسبة 50% بالمئة من العدد المفترض في كل حملة أو في برامج التلقيح الروتينية، بخلاف ما تدعيه مديرية صحة دير الزور التابعة لحكومة النظام في إعلاناتها، أو في التقارير التي تقدمها لمنظمة الصحة العالمية أو لليونيسيف عن اللقاحات، كما في حملة التلقيح الأخيرة التي نفذتها في شهر آذار الجاري، وقالت بأن 57 فريقاً جوالاً يشارك في هذه الحملة، إضافة إلى تقديم اللقاح في 32 مركزاً، وبأن هذه الحملة تشمل جميع المناطق في المحافظة، ومن دون أن تعلن عن التوزع الجغرافي لهذه الفرق وهذه المراكز.
حسب الخطة النظرية، يجب تنفيذ حملة لقاح كل شهرين تمتد كل حملة من 3 إلى 10 أيام، ويجب متابعة المستفيدين اعتماداً على بطاقة اللقاح الخاصة بكل مستفيد لتجديد اللقاح في المستقبل وفق جدول زمني محدد مسبقاً، غير أن التطبيق العملي يبدو بعيداً عن هذه الخطة نتيجة لعدة أسباب؛ أبرزها العراقيل التي يضعها بعض موظفي مديرية الصحة وأحياناً بعض عناصر المخابرات المنتدبين لمراقبة عمل المديرية، يتسبب ذلك بتأخير نقل اللقاحات من منطقة سيطرة النظام إلى منطقة قسد، كما تسبب بعض الحواجز ونقاط التفتيش التابعة لقوات النظام وميليشياته المنتشرة على الطرق، في بطء نقل اللقاحات وتأخر وصولها، ما يتسبب بتغيير مستمر في البرنامج الزمني لحملات التلقيح.
يقول محمود وهو عامل طبي شارك بالعديد من حملات التلقيح "في بعض المرات نتأخر لمدة شهر في استلام اللقاح من مديرية صحة النظام بسبب تأخر صدور الموافقات الخاصة باستلام ونقل اللقاحات، وبعد ذلك تبدأ مشكلة النقل وعرقلة عناصر قوات النظام على الحواجز، وأخيراً قد تكون المعابر مغلقة ما تسبب أحياناً بتلف اللقاح".
تعتمد مديرية صحة النظام على موظفيها المقيمين في منطقة قسد، إلى جانب بعض المتطوعين لتنفيذ برامج وحملات اللقاح، ونتيجة لانخفاض أجورهم لا يبذل الكثير من هؤلاء ولا سيما الموظفين، الجهد اللازم لإنجاح هذه البرامج والحملات، نظراً إلى انشغالهم في أعمال خاصة أخرى. كما يتسبب ضعف التنسيق بين الأطراف المختلفة المنخرطة في عمليات التلقيح في مشكلات إضافية، أبرزها عدم معرفة السكان المحليين بمواعيد تلقي اللقاح، ما يقلص عدد المستفيدين بالنهاية.
يقول سامر وهو متطوع طبي في الريف الشرقي "لا نستطيع الالتزام بالمواعيد المسبقة للتلقيح بسبب التأخير وقلة عدد المتطوعين في الفرق المنفذة لعملية التلقيح، لأن التعويضات المالية التي يتلقونها زهيدة، ما يخفض ساعات العمل الفعلية إلى ساعتين أو ثلاث في اليوم من أصل 6 ساعات مفترضة". ويضيف بأن هذا الاضطراب والفوضى والتأخير خلق بعض الشائعات التي تتحدث عن فساد اللقاحات وإلحاقها الضرر بصحة الأطفال المستهدفين، ومن ثم زيادة عدد الأطفال المتسربين عن برامج اللقاح.
لا توجد لدى إدارة المنظومة الصحية التابعة للإدارة الذاتية أرشفة أو قاعدة بيانات خاصة ببرامج اللقاح، كما لا يملك الكثير من ذوي الأطفال بطاقات لقاح يثبت عليها اللقاحات التي يتلقاها الطفل، في حين تعتمد مديرية الصحة التابعة للنظام على معطيات وأرقام زائفة أو غير دقيقة في الأرشفة والبيانات الخاصة ببرنامج اللقاح وحملاته التي تنفذها في منطقة الإدارة.
يفاقم كل ذلك من المخاطر التي تهدد الصحة العامة، وينذر بانتشار المزيد من الجوائح والأوبئة التي تعاني منها المنطقة، وقد يمهد لعودة بعض الأمراض مثل شلل الأطفال وغيره من الأمراض التي نجحت برامج التلقيح السابقة قبل العام 2011 في القضاء عليها.