- Home
- مقالات
- رادار المدينة
خدمات رأس العين المعلقة بين سوريا وتركيا
رغم مرور أكثر من سنتين على سيطرة فصائل "الجيش الوطني" على رأس العين ضمن عملية "نبع السلام"، إلا أن القطاع الخدمي من مياه وكهرباء واتصالات ما زال يعاني من شح الخدمات التي انتقلت مهمة تقديمها إلى شركات تركية، إضافة إلى الكثير من التلكؤ في تلبية احتياجات الأهالي، في ظل قلة إمكانيات المجلس المحلي وبطء عمل الشركات التركية المنفذة للمشاريع.
يعاني ريف رأس العين نتيجة السرقات وتخريب مرافق البنية التحتية من وضع سيء في كافة الجوانب الخدمية، وانشغال الهيئات المحلية بتوفير الخدمات في المدينة فقط على قلتها وضعف إمكانياتها. ويعتمد وصول الخدمات إلى الريف على الواسطات والمحسوبيات، وفق حسن الأحمد (33 عاماً) الذي يعيش في إحدى قرى شرقي رأس العين، إذ لطالما قوبلت طلبات أهالي قريته المقدمة للمجلس المحلي بالإهمال. ويقول الأحمد أن المجلس يستجيب لطلب واحد من بين كل بضعة طلبات، أما "إذا كان مقدم الطلب شخصاً متنفذاً أو قيادياً في الجيش الوطني فالمجلس يستجيب له على الفور" حسب تعبيره.
الكهرباء
ونتيجة وقوع محطات توليد الكهرباء في مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية (قسد)"، فالمنطقة تشهد انقطاعات مستمرة وطويلة للتيار الكهربائي، على أن وصول الكهرباء من مناطق قسد لا يعني استفادة الجميع منها، إذ تعرض قسم من خطوط نقل الكهرباء للسرقة عبر السنوات السالفة، الأمر الذي اضطر بعض الأهالي من ميسوري الدخل إلى الاعتماد على مصادر بديلة لتوفير الطاقة الكهربائية.
في هذا الصدد يذكر الأحمد لعين المدينة، أن الحلول البديلة هي مولدة كهرباء تعمل على المازوت أو البنزين يتم تشغيلها ساعتين بعد غياب الشمس فقط لشحن الهواتف النقالة والأشياء الضرورية؛ أما أجهزة التبريد والتلفزة "العوض بسلامتك" يقول الأحمد، لأنها صارت من دون فائدة في ظل هذه الظروف، عدا عن أن بعضها تعرض للتلف بسبب اضطراب شدة التيار الكهربائي وانقطاعه وعودته بشكل مفاجئ.
وعلى الرغم من توقيع المجلس المحلي لعقد استجرار الكهرباء من شركة AK ENERJİ التركية منذ بداية العام الجاري، لكن وصولها تأخر حتى تشرين الأول الفائت، وشمل المؤسسات والدوائر الخدمية التابعة للمجلس والمستشفى والفرن وآبار المياه وإنارة الشوارع فقط، ويجري توصيلها الآن إلى منازل المدنيين في الأحياء القريبة من البوابة الحدودية (حي العبرة والمحطة الشمالي).
يعتمد غالبية سكان المدينة على المولدات أو ألواح الطاقة الشمسية في توفير الكهرباء حتى الآن. زين العابدين (28 عاماً) قام بتركيب 6 ألواح طاقة شمسية مستعملة كلفتها 550 دولاراً، تكفي منزله 9 ساعات إنارة فقط، أما إذا استعمل الغسالة ومضخة الماء فتكفيه الألواح 6 ساعات.
ويتمنى زين العابدين أن تصلهم الكهرباء خلال هذا الشهر "لأن الشتوية بلشت"، لكن أعمال التمديد متوقفة رغم تحصيل الشركة مبالغ مالية مقابل خدماتها.
تكلمت عين المدينة مع عضو في المجلس المحلي طلب إخفاء اسمه، وعلق بالقول: "عمل شركة الكهرباء التركية بطيء بسبب كثرة أضرار البنية التحتية والخطوط الأرضية، أغلبها بحاجة إلى تبديل".
أما حسن الأحمد في الريف الشرقي فيقول أن مديرية الكهرباء التابعة للمجلس المحلي طلبت مبلغ 500 ليرة تركية كمبلغ تأمين للساعة المنزلية، إلا أن الأهالي لم يشتركوا لأنه مبلغ كبير، فأغلب "الوظائف في البلد رواتبها أقل من 1000 ليرة تركية، ومن يعتمد على الزراعة في معيشته لم يشترك بسبب الجفاف الذي أصاب المنطقة في الموسم السابق". بينما بلغت قيمة الاشتراك بالكهرباء الزراعية 5500 ليرة تركية تقريباً.
المياه
يحيل اسم رأس العين إلى وفرة مياهها، لكن أغلب سكانها اليوم يضطرون إلى شراء المياه من الصهاريج، وما زالت شبكة التمديد في المدينة متضررة بسبب عمليات حفر الأنفاق منذ سيطرة قسد عليها، بينما تتمتع الشبكة بحالة جيدة في الريف، لكن الأهالي لا يعتمدون عليها بسبب انقطاع التيار الكهربائي عن المنطقة.
ففي قرية حسن الأحمد المكونة من 25 بيتاً، يعتمد السكان على الآبار التي يشغلونها عبر الطاقة الشمسية منذ خروج البئر الارتوازي عن الخدمة مؤخراً، والذي كان الأهالي قد شغلوه على نفقتهم الخاصة لعدم استجابة المجلس المحلي لطلب إصلاحه المقدم من سكان القرية. يقول الأحمد "كلفة ألواح الطاقة الشمسية لبئرنا الخاص وصلت إلى 5000 دولار".
وتنقطع المياه عن بيوت المدينة يومين مقابل يوم عمل مع وصول الكهرباء التركية، بينما كان الانقطاع يستمر إلى أربعة أيام مقابل يوم. وحسب زين العابدين، يصعب تأمين صهريج لملء خزان البيت، وفوق ذلك يكلف "الخزان بسعة 10 براميل 20 ألف ليرة سورية".
وأوضح عضو المجلس المحلي أن الأخير قام بإصلاح "جميع خطوط المياه القديمة بالمدينة، وتبديل الغطاسات لــ 16 بئر مياه"، وأضاف بأن المجلس "حفر بئرين في بوابة رأس العين لإيصال مياهها إلى المدينة بخط مياه بطول 400 متر لتغطية قسم من حاجة المدينة في فترة انقطاع الكهرباء، كون البوابة تغذى بالكهرباء من الجانب التركي".
الاتصالات
اعتمد الأهالي على الشبكات التركية (اتصال وإنترنت) منذ سيطرة الوطني على رأس العين وانقطاع الشبكات السورية عن تغطية المنطقة، ويستثمر في مد خطوط الإنترنت وبث الخدمة ذات المستثمرين في هذا المجال قبل سيطرة الوطني، مع فارق في أسعار البطاقات التي ارتفع سقفها من 2500 ليرة سورية إلى 10 آلاف ليرة، في حين تبلغ فاتورة خط الإنترنت 100 ليرة تركية.
يعتبر زين العابدين أن الخدمة في المدينة "عادية"، أما حسن الأحمد في الريف فيقول أن الإنترنت "ضعيف جداً. أخي طالب في إحدى الجامعات التركية، عندما كان التعليم عن بعد (Online) بسبب كورونا، لم يكن يستطيع مشاهدة محاضراته أو حتى تحميل وظائفه".
سرقت تجهيزات مبنى البريد في رأس العين عبر السنين، وقال عضو المجلس المحلي الذي تكلمت معه عين المدينة للتعليق على وضع الخدمات، أن الخطوط الأرضية لا تعمل، والاعتماد كامل على الإنترنت الفضائي الذي تؤمنه شركات تركية خاصة. وأضاف "لكن شركة تورك تليكوم أوصلت كبلاً ضوئياً من الأراضي التركية إلى بريد رأس العين بطول 1600 متر" في خطوة منها لإعادته إلى الخدمة.