- Home
- مقالات
- صياد المدينة
حيدر نعيسة معلم القومية الذي ألّف (55) كتاباً وموسوعة شاملة
يقول حيدر نعيسة، وهو معلم مدرسة و "كاتب وباحث" ومعدّ برامج ومحاضر لدى وزارة الثقافة من قرية عرامو بريف اللاذقية، في الثناء على وزير داخلية النظام: "الأمس الذي لن أنساه، التقينا سيادة اللواء محمد الشعار، وزير الداخلية الأكرم.. وقد دار حديثه للضيوف الكثيرين عن الثلاثية المقدسة: القائد والجيش والشعب".
وبجوار هذه الثلاثية، الجادّة والرّسمية والبلهاء، يسترسل نعيسة على صفحته الشخصية على فيسبوك في البوح بمكنونات نفسه تأثراً شاعرياً بحضرة الشرطي الكبير عقب زيارته في بيته ببلدة الحفة: "أشرقت شمس الأمل.. عمّ الدفء القلوب.. حلّت القهوة المرّة.. ازدادت خضرة بساتين الحفة حتى سواد العنبر.. دنا الأمل وغدا قيد السمع والبصر". وحين يستنفد طاقة الإنشاء يتساءل "ماذا يقول له المحبّ بشعره إن كان يجمع باسمه: الشعار!". بوزير في حكومة بشار الأسد، قال نعيسة ما قال، فكيف يقول بالأسد نفسه إن تبسم له الحظ ذات يوم والتقاه!
يُمثل حيدر نعيسة نموذجاً للنشطاء الثقافيين المحليين في الساحل السوري، حيث يتوحّد الوعي على مسلمات تجعل توارث السلطة في عائلة الأسد شرطاً قدرياً للبقاء، بقاء الذات والطائفة والبلاد كلها، ولا يخطر، بالطبع، على بال نعيسة ونموذجه أن هنالك إدراكاً آخر فيها. فالرجل أسير نشأته طفلاً في أسرة ريفية فقيرة جداً، قبل أن يشقّ طريقه في المدرسة، ثم في ما يسمى "المعهد العالي للعلوم السياسية" وهو النسخة الأكبر لمدارس الإعداد الحزبي البعثية، ثم يُعين بعد تخرجه، منتصف ثمانينات القرن الماضي، مدرساً لمادة "التربية القومية" في ثانوية قريته، ولا تزال "القومية" وظيفته الرئيسية حتى اليوم.
لنعيسة (10) كتب مطبوعة نشرتها وزارة الثقافة، ولديه موسوعة تحت الطبع لدى الوزارة أيضاً، فضلاً عن (45) مخطوطاً آخر، كما يقول في حوار صحفي. موسوعة نعيسة التي تتحدث عن المعارف والمعتقدات والعادات والأدب والصناعات في اللاذقية، وكتبه العشر المطبوعة والخمسة وأربعون مخطوطاً آخر غير المطبوعات- سلبت عقول معدّي ومذيعي البرامج في تلفزيونات النظام، الذين يدعونه بمناسبة أو غير مناسبة للمشاركة في برامجهم، فلا يمرّ شهر دون أن يظهر مرة أو مرتين للحديث عن أي شيء يلزم: الأعياد الوطنية، الأعياد الشعبية، الحركة الثقافية، والتعليم والبعث والتقويم والتراث.
تقول المذيعة في تلفزيون النظام لبابة يونس لموقع (e-syria) إنها تسميه "الباحث العذب، لما تحققه مادته البحثية من متعة إلى جانب المعلومة" فهو يعتمد على مصادر مادية وغير مادية، وفق تعبير يونس، التي تتمنى أن تتابع الأجيال القادمة مسيرة البحث انطلاقاً من تركة نعيسة، وتقصد موسوعته الشاملة.
حقاً يُحقق نعيسة الكثير من المتعة، فمنذ أكثر من ربع قرن والرجل يكرر الترهات ذاتها، خمس مرات على الأقل كل يوم، ولا يبدو من ولعه بتنظيم المسابقات "القومية الثقافية" للطلاب في المدارس أنه سيشعر بالملل في وقت ما.