- Home
- مقالات
- رادار المدينة
حكايا سوريات تزوجن ب«مهاجرين»
كما في محافظات أخرى، يميل الرأي العام في إدلب إلى رفض زواج السوريات بأجانب، جاؤوا إلى البلاد للقتال بدافع «الجهاد» أو بدوافع أخرى، وما يزال البعض يتقبل هذا النوع من الزواج بمبررات مختلفة، أولها حل مشاكل (العنوسة)، والنسب المرتفعة للنساء الأرامل والمطلقات.
إلى منزل والديها المؤلف من غرفتين في جبل الزاوية، عادت أسماء ابنة ال (15) عاماً تحمل طفلها الرضيع، وهي عازمة على ألا تعود ثانية لزوجها، المهاجر التركستاني، بعد سنة قضتها معه. كان المنزل بارداً، ويدل أثاثه على فقر مدقع تعاني منه الأسرة، يفسر دون أسئلة دوافع تزويج هذه الطفلة مرتين، الأولى لرجل من حلب سرعان ما اختفى، والثانية من «التركستاني». تبكي أسماء، وهي تضم الطفل في محاولة لإسكاته عن البكاء دون أن يسكت، «كنت ظل جوعانة عنده، أكلهن كله عجين، ولما سألني ليش ما عم تاكلي، وعرف اني ما حبيت أكلن، عصب وصار يضربني، ما كنت قدرانة اشرح له، لأنه يادوب يفهم علي وبفهم عليه» تقول أسماء، وهي تحاول مساعدة أمها المستلقية بفراش المرض على القعود، لتتمكن من فهم ما يجري حولها، ومن أنا. تقول الأم أن كل شيء في قصص الزواج «قسمة ونصيب» لمواساة ابنتها، التي تسترسل في رواية قصتها مع المهاجر الذي كان يضربها بسبب ودون سبب، حسب ما تقول، «مرة، قبل ما يروح عالرباط، ترك لي 700 ليرة، ولما رجع وعرف اني صرفتن عصب، وصار يضربني بأيديه ورجليه...ولما عرف اني حبلت، جاب لي حبوب للتسقيط، قال لي اشربي، ما رضيت، عصب وصار يضربني ويصرخ، لكني عندت لحتى استسلم للأمر الواقع».
لم تفصل المحكمة الشرعية التي اشتكت إليها أسماء في قضية طلاقها، لكنها تقسم أنها لن تعود إليه مهما حدث، ولا تبدو لصغر سنها مدركة بعد المستقبل الغامض الذي ينتظر طفلها، ولا لوضعه القانوني المعقد، أو المعاناة الكبيرة التي سيجدها أمامه عندما يكبر، بلا أب، وبلا نسبة مسجلة ومعروفة ومعترف بها.
تنصح سوسن، وهي صيدلانية وناشطة اجتماعية، بتجنب تزويج المهاجرين، للتباين الكبير في العادات والتقاليد واللغة التي تشكل عائقاً حقيقياً أمام بناء حياة طبيعية في هذا الزواج، و«إذا كان الدافع ديني، وتقدير للمجاهدين، فعنا مجاهدين سوريين كثير، وإذا كان مادي، فشباب سوريين كثير يقدروا يكونوا على مستوى المسؤولية».
على برنامج الواتس أب تجيب سيدة مهاجرة وصلت بها على بعض أسئلة عين المدينة، دون أن تكشف عن هويتها، وتكتفي بتعريف مقتضب أنها «داعية تحمل شهادة عليا في أصول الفقه»، وتقول إنها لاحظت نسبة متزايدة من النسوة دون زواج، ما يهدد المجتمع بمشكلات خطيرة، وعلى الطرف المقابل توجد أعداد كبيرة من المهاجرين العزاب يريدون الزواج، ولا يجدون من يقبل بتزويجهم من «الأنصار»، وتعترف بوقوع كثير من الزيجات الفاشلة، وأساس المشكلة، حسب ما تقول، هي أن المهاجر غريب ومجهول، يتعمد إخفاء هويته لأسباب أمنية تراها محقة، ما يحول دون قدرة الأهل على السؤال عن «أصل المهاجر ودينه وخلقه». ترفض الداعية التعميم وإطلاق الأحكام والتهم على جميع المهاجرين، فمثلما يوجد «من هو سيء الخلق والدين، والجاسوس أيضاََ، في صفوفهم، يوجد مثلهم لدى الأنصار»، وتقترح، حسب قولها، حلاً عملياً بأن يكشف المهاجر عن هويته لأهل من يريد الزواج بها، ليتمكنوا من السؤال عنه!، «ليس في سنوات وجوده في الشام فقط، بل في بلده الأصلي أيضاً» إذ أصبح العالم قرية صغيرة كما تقول.
تقدم ريم، وهي خريجة معهد متوسط وأرملة سابقة لمعتقل لاقى حتفه في سجون النظام، صورة مغايرة عن الزواج من مهاجرين، إذ اقترنت بأوزبكي تعرف، كما يبدو من حديثها، الكثير عن حياته السابقة، فهو مهندس في بلاده، ومهاجر عنها منذ (17) عاماً، ويتقن العربية بطلاقة، ويعلمها للآخرين، وتصف زواجها بأنه «عادي مثل أي زواج، خطبني، وعملت استخارة وفكرت منيح، وتعهد يظلوا ولادي معي وما يظلمهم، ووافقت وعقدنا القران، وبلشنا نجهز ونشتري غراض وذهب، وتجوزنا بعد تلات أسابيع من الخطبة». تقول بأن زواجها موفق، وبأنها سعيدة، وبأن زوجها يعامل أولادها كأنه أب لهم.
بعد زواج دام (20) عاماً تزوج زوج خولة، (39) عاما، من إمرأة ثانية، وطلقها وحرمها حتى من رؤية أولادها. أحست بأنها تائهة، وعلى وشك الضياع، لكنها اليوم، وبعد أن تزوجت من مهاجر تركستاني، تشعر بأنها سعيدة، وتتمنى بأن ترزق منه بطفل.