- Home
- مقالات
- ترجمة
تركيا تمنع سفر لاجئين سوريين... لامتلاكهم إجازاتٍ جامعية
باتريك كنغسلي
الغارديان/ 19 أيلول
ترجمة مأمون حلبي
يُحاجج المسؤولون الأتراك أن اللاجئين الأكثر ضعفاً يستحقون أن تكون لهم الأولوية في إعادة التوطين، لكن البعض يتساءل إن كانت الإجازة الجامعية تجعل اللاجئين أقلّ ضعفاً.
أكثر من ألف لاجئٍ سوريٍّ في تركيا مُنِعوا من إعادة التوطين في الولايات المتحدة وبلدانٍ أخرى لأنهم يحوزون مؤهلاتٍ جامعية. هؤلاء اللاجئون كانت قد تمت الموافقة لهم على إعادة التوطين من قبل مسؤولين أميركيين أو أوروبيين قبل أن تمنع السلطات التركية سفرهم، أحياناً قبل أيامٍ فقط من تاريخ رحيلهم. تزيد هذه الأخبار في تعقيد قمةٍ جرت في نيويورك تحت رعاية الأمم المتحدة حول إعادة التوطين. بلدانٌ مثل تركيا، التي تستضيف لاجئين سوريين أكثر من أيّ بلدٍ آخر، متحمسةٌ لأن يتقاسم الشركاء الغربيون معها المسؤولية، لكن هذا التطور يوحي أن هذه البلدان غير راغبةٍ في أن تسمح لبلدانٍ مثل الولايات المتحدة أن تختار اللاجئين الأكثر تعلماً وتترك البقية.
لورين وشيرو، زوجان كرديان دُمّر منزلهما في حلب، تقدّما بطلبٍ لإعادة التوطين في الولايات المتحدة في نيسان 2014 ومعهما أولادهما الثلاثة. استغرقت العملية قرابة عامين، ومرّت بعدّة استقصاءاتٍ أمنيةٍ ومقابلاتٍ مع موظفين أميركيين، ووكالة اللاجئين الأممية، ومفوضية الهجرة الكاثوليكية الدولية، وهي جمعيةٌ خيريةٌ تنظم جزءاً من إجراءات إعادة التوطين في الولايات المتحدة. العائلة، التي أحبطها طول الانتظار، جهّزت نفسها مرّتين للمغادرة إلى أوروبا على متن قاربٍ مطاطيٍّ مكشوف؛ قبل أن يطمئنهم اتصالٌ هاتفيٌّ أتى في وقته إلى أنهم وصلوا إلى المرحلة التالية في طلبهم، ويستعيد ثقتهم في العملية الرسمية. في شباط 2016 قبلت الولايات المتحدة طلبهم أخيراً واشترت لهم منظمة الهجرة العالمية بطاقات طائرةٍ إلى شيكاغو للسفر في 31 أيار. باعت العائلة أثاث منزلها وتركت شقتها المتواضعة وانتقلت إلى شقةٍ أغلى لقضاء الأسابيع القليلة المتبقية. قبل رحيلهم بأربعة أيامٍ ذهب شيرو لتأمين أذونات خروجٍ من السلطات التركية لكنهم رفضوا. بعد سلسلةٍ من الاتصالات الهاتفية مع الأمم المتحدة اعترف لهم أحد الموظفين أن تركيا منعت رحيلهم لأن لورين تحمل مؤهلاً في الدراسات المصرفية. بالنسبة إلى شيرو ولورين كان تغيير مسكنهما كارثة، وهما الآن عالقان في شقةٍ لا يستطيعان دفع إيجارها، في حين أن أبناءهما يواجهون عاماً ثانياً خارج المدرسة. الأغلبية الساحقة من اللاجئين في تركيا ليس بإمكانها الوصول إلى عملٍ قانونيّ، ولهذا يعمل شيرو ولورين كعمالٍ يدويين في السوق السوداء بنصف الحدّ الأدنى للأجور. أما الأولاد، فمع وجود والديهما خارج المنزل طوال النهار، فقد تُركوا ليرعوا أنفسهم بأنفسهم.
تُركت عدّة عائلاتٍ التقتها الغارديان في وضعٍ ضعيفٍ بالطريقة نفسها. هبة، عاملةٌ في جمعيةٍ خيرية، قالوا لها في تموز إن طلبها -هي وزوجها وابنتها الصغيرة- قد أُلغي لأنها تحمل إجازةً في الأدب الإنكليزيّ من جامعة حلب. فاطمة، 25 عاماً وطالبة هندسةٍ كهربائية، وافقوا لها على إعادة التوطين في آذار، مع أخيها وأختها ووالديها. أُخبروا أنهم سيُرسلون إلى شيكاغو، لكن قبل الحجز في الطائرة أُلغي طلبهم بشكلٍ مفاجئٍ لأن واحداً منهم على الأقلّ يحمل شهادةً جامعية. تقول فاطمة: «في تركيا لم يكن لدينا عقد عملٍ أو إذن عملٍ أبداً. على المرء أن يعمل 13 ساعةً في اليوم لمجرّد أن يأكل. من أجل هذا يفضّل الناس الذهاب في البحر عوضاً عن العيش هنا. لماذا يملكون الحق في إرغامنا على البقاء هنا؟»
بيكا هيلر، مديرة المشروع الدوليّ لمساعدة اللاجئين، قالت: «نعمل مع آلافٍ من اللاجئين الذين ينتظرون سنواتٍ لكي تتمّ الموافقة لهم على إعادة التوطين في ظروفٍ بالغة الخطورة. حرمانهم من الوعد بالأمان في الدقيقة الأخيرة من العملية أمرٌ في منتهى القسوة وانتهاكٌ صارخٌ للقانون الدوليّ».
بعض الذين قابلناهم قالوا إن موظفين تابعين للأم المتحدة أخبروهم سراً أن 5000 سوريٍّ يواجهون نفس المحنة. المسؤولون الأتراك والأميركيون ومسؤولو الأمم المتحدة ومفوضية الهجرة الكاثوليكية العالمية رفضوا جميعاً التعليق على هذا الرقم. التقت الغارديان أفراداً من مجموعةٍ من اللاجئين المتضرّرين يمثلون أكثر من ألف شخصٍ تمّ اعتراض سبيل إعادة توطينهم. بعضهم كانوا سيسافرون إلى كندا أو أوروبا.
تقول فاطمة: «إن لم نستطع الذهاب إلى الولايات المتحدة فسنذهب عن طريق البحر إلى مكانٍ ما. قطعاً لا نستطيع البقاء هنا».