- Home
- مقالات
- رادار المدينة
تأجير الكمامات في اللاذقية ورفض ارتدائها بسبب أزمة المواصلات
رغم تصدُّر مدينة اللاذقية بشكل يومي لأعداد الإصابات بفيروس كورونا مقارنة بالمدن الأخرى، يغيب فيها أي التزام بقواعد الوقاية، تزامناً مع انتشار ظواهر غريبة في ظل هذا الوضع الصحي الصعب الذي تعمل كافة دول العالم لحماية مواطنيها منه، إذ تحاول القوانين الصادرة فرض ارتداء الكمامة في بعض المناطق كالجامعة والمستشفيات والمحاكم، إلا أن من يقف على أبواب هذه المباني ليراقب مدى التزام المراجعين بتلك القوانين، هو نفسه لا يرتدي كمامة، ما يجعل الأمر يأخذ منحى السخرية والضحك وعدم الجدية بين الناس.
تتكرر القصص المثيرة للجدل والسخرية معاً في اللاذقية، كموضوع تأجير الكمامات على باب المحكمة، حيث يصل المراجعون والزوار دون كمامات التي لا يضعونها في الحسبان سوى وقت الدخول، لأن رجلاً خمسينياً على باب المحكمة يقوم بتأجير الكمامات بمبلغ 200 ليرة سورية للواحدة، ليقضي الشخص عمله بالداخل وهو يرتديها، ومن ثم يسلمها عند الخروج، بينما تباع الكمامة بسعر 500 ليرة في أسواق المدينة؛ ويعتمد مؤجر الكمامات على حاجة الناس للكمامة وصعوبة وصولهم إلى حيث تباع، فضلاً عن حالة الاستهتار وعدم الاهتمام التي تحكم التعامل مع فيروس كورونا، وغياب الرقابة الرسمية لعدم الاكتراث أساساً.
هذا الوضع يشمل أماكن تجمع أفراد يٌعتبرون من أكثر الفئات وعياً، مثل الجامعة. فمؤخراً تم الإعلان عن عودة التعليم الفيزيائي في جامعة تشرين، وفرضت إدارة الجامعة على الطلاب الملتحقين ارتداء الكمامات ومنع من لا يرتديها من الدخول إلى الحرم الجامعي؛ لم يمض سوى يوم واحد على هذا القرار حتى عاد الطلاب إلى الجامعة، وبدأت تنتشر الصور لهم دون أن يكون فيها طالب يرتدي كمامة.
صفحات محلية على مواقع التواصل الاجتماعي نقلت الخبر عن إلزام الطلاب بارتداء الكمامة، فكشفت التعليقات المتنوعة عن المزاج الشعبي، الذي عبّر عنه تعليق يَفترض أن فرض الكمامة هو لتصريف "دفعة كمامات" اشتراها أحد المسؤولين، في حين رأت تعليقات أخرى أنه من الأولوية حل أزمة المواصلات بدلاً من فرض الكمامة، خصوصاً وأن الطلاب والطالبات يجلسون "فوق بعضهم" البعض للوصول إلى الجامعة، مما يسبب ارتفاع فرص العدوى بالفايروس بشكل كبير، فلا نفع للكمامة والحال على ما هي عليه. بينما رأي البعض أن توفير الكمامات مجاناً هو مسؤولية الجهات الرسمية، في حال رغبت بفرضها وإصدار مثل هذه القرارات.
تسجل المدينة حالات وفيات وإصابات يومية تزيد عن خمسين حالة، حسب ما تصرح به مديرية الصحة، لكن أياً من الجهات الصحية أو التنفيذية لم تتخذ إجراءات لتحسين الوضع أو لضبطه في ظل انتشار مثل هذه الظواهر، خاصة وأن الأمر وصل إلى كون الكمامات التي يرتديها البعض أثناء قضاء حوائجهم هي صناعة منزلية، بل يشمل كذلك عدم التزام الأطباء والمسؤولين في المستشفيات بارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي، أو قياس درجة الحرارة للزوار والمراجعين أو الحصول على رمز صحي للتمييز بين المصاب وغيره.
وفي مسايرة للأدوار والوظائف التي يفترض بالكوادر والفنيين والبيروقراطيين أن يمارسوها، نشرت دائرة الصحة المدرسية في اللاذقية، وهي التي تعنى بأمور تعقيم وتنظيف المدارس والاهتمام بالطلاب صحياً خصوصاً في ظل جائحة كورونا، صوراً للعاملين فيها ينظفون ويعقمون المدراس دون الالتزام بالكمامات أو حتى بالتباعد الاجتماعي.
وكي يكتمل الجدل الكارثي بين إهمال النظام وموظفيه وعدم الاكتراث الشعبي والمناكفة في اللاذقية، فما زال يتردد الحديث عن عدم التصديق بوجود الفيروس، أو اعتباره مؤامرة أو لعبة من قبل الغرب، في حين تتكرر حالات وقوع مصابين بشكل مفاجىء في الشوارع بسبب فقدان الوعي وضيق التنفس، ويتجمع حولهم الناس ويحاولون تقديم المساعدة والعون بدلاً من طلب الإسعاف والابتعاد كعامل وقاية.