- Home
- مقالات
- رادار المدينة
بلدية النظام تنتقم من سكان الأحياء الشرقية لحلب
غادر رامي السليمان منزله في حي السكري في حلب الشرقية مع عائلته متوجهاً الى منزل أقارب له في حلب الجديدة، وذلك عقب إبلاغ بلدية حلب التابعة للنظام بعض قاطني الأحياء الشرقية للمدينة بضرورة إخلاء منازلهم تمهيداً لهدمها.
يقول رامي السليمان (اسم مستعار) لـ عين المدينة، "أبلغتني بلدية حلب قبل أيام قليلة بضرورة مغادرة منزلي لأنها ستقوم بتنظيم وتخطيط هذه الأحياء وفتح طرقات جديدة". ويضيف "البلدية حددت مدة أسبوع كحد أقصى للخروج من المنزل ونقل أثاثه، عندها انتقلت إلى الأحياء الغربية من المدينة". ويتابع السليمان معلقاً "قرار البلدية تعسفي يهدد مئات العائلات التي تقيم في أحياء حلب الشرقية".
منذ سيطرة قوات النظام السوري والميليشيات على كامل المدينة في أواخر العام 2016، عمل الكثير من الأهالي خلال العامين الماضيين في أحياء السكري والحيدرية والشيخ سعيد وتل الزرازير على ترميم منازلهم وشققهم السكنية المتضررة من القصف لتصبح صالحة للسكن. مع العلم أن بلدية النظام لم تؤمن أية خدمات سوى فتح الطرقات وإزالة الركام، وبقيت هذه الأحياء مفتقدة لأدنى مقومات الحياة والخدمات الأساسية. وكانت هذه الأحياء التي يتحدر سكانها من أرياف حلب وإدلب وغالبيتهم من الفئات الفقيرة، قد تعرضت للقصف العنيف من قبل قوات النظام أثناء سيطرة المعارضة عليها ما أدى إلى تدمير البنى التحتية فيها، وبقيت بلا ماء ولا كهرباء حتى الآن.
شرح مصدر محلي لعين المدينة خلفيات الهدم الكامل الذي طاول حي الحيدرية في حلب الشرقية. وقال "غالبية أصحاب المنازل في حي الحيدرية كانوا خرجوا منها خلال السنوات الفائتة ولا يستطيعون العودة إليها لمواقفهم المعارضة لحكومة النظام، لذلك يتعرضون لهذا العقاب الجماعي".
أما في حي السكري فقد طالب أصحاب المنازل البلدية التابعة للنظام بدفع تعويضات لهم مقابل التخلي عن منازلهم، فكان جوابها بأن هذا الأمر ممكن في حال تمكن الشخص المعني من إثبات ملكيته، وهو أمر صعب للغاية بالنسبة إلى الكثيرين الذين فقدوا وثائق ملكية منازلهم نتيجة عمليات القصف والنزوح المستمر من عام 2012 حتى نهاية 2016. ولتبرير عمليات الهدم تؤكد بلدية حلب أن عمليات إعادة الإعمار ستتضمن شق طرقات رئيسية في هذه الأحياء وتأمين خدمات الصرف الصحي والماء والكهرباء، لتصبح مناسبة للسكن.
صباح الأحمد أجبرت على ترك منزلها في حي تل الزرازير في حلب بعد صدور قرار هدمه، وانتقلت إلى منزل أقارب لها في ريف حلب الشمالي. وقالت لـ عين المدينة، "قرار البلدية تعسفي ونحن لم نتمكن من إثبات ملكيتنا للمنزل لذلك خرجت مع أسرتي إلى أقرباء لي في ريف حلب"، وأضافت "بلدية حلب لم ترسل إشعارات مسبقة للخروج من المنازل وإيجاد مساكن بديلة".
وتعود ملكية أراضي بعض الأحياء الشرقية في منطقة تل الزرازير للبلدية، التي سهلت عملية بنائها قبل سنوات الثورة عبر مقاولين ومتعهدين مقربين من مجلس المحافظة. بعدها قامت البلدية بتأمين الكهرباء والماء واعترفت بوجودها كمساكن عشوائية، في حين بقيت ملكيتها في الدوائر العقارية غامضة على الرغم من وجود بعض الوثائق لدى السكان.
وكان النظام السوري أصدر في نيسان 2018، المرسوم رقم (10) الذي ينص على إقامة منطقة تنظيمية أو أكثر ضمن المخطط التنظيمي العام للوحدات الإدارية، أي إعادة صياغة المخططات التنظيمية من جديد. ويقضي المرسوم بتكليف أكثر من جهة مثل مديرية المصالح العقارية بإعداد جداول بأسماء أصحاب العقارات يكون مطابقا للقيود العقارية في مدة أقصاها 45 يوماً، واشترطت على المالكين الحضور بأنفسهم لإكمال تلك الإجراءات. واعتبرت هذه العملية أشبه بمحاولة إلغاء لملكية المدنيين الذين لا يستطيعون العودة إلى منازلهم.
وفي حديث مع عين المدينة قال الأمين العام للهيئة العامة الثورية لمدينة حلب عمر البيسكي "أغلب السكان الذين خرجوا من منازلهم لا يستطيعون إثبات ملكيتها، وهم في الغالبية من المعارضين للنظام وبالتالي لا يمكنهم العودة". وأضاف البيسكي "النظام باشر بعد إصدار المرسوم رقم 10 بهدم الأبنية السكنية لأنها مهددة بالسقوط بحسب زعمه". وكانت بلدية النظام قامت في وقت سابق بهدم منازل المدنيين في منطقة جبل الحيدرية والحيدرية وصلاح الدين.
وأوضح البيسكي أيضاً "أن الدولة آنذاك لم تعترض على الذين باعوا الأراضي للسكان، كما لم تذكر أنها أبنية عشوائية غير مسجلة في البلدية"، وتابع "لقد قدم النظام وعوداً كثيرة للمتضررين، لكنه لم يعوضهم بشيء حتى الآن". واعتبر البيسكي أن هدف النظام من هذه العملية "انتقامي ضد الأحياء الشرقية من حلب التي كانت خرجت عن سيطرته" واتهم النظام بالسعي لاستملاك عقارات المدنيين وتغيير تركيبة السكان المقيمين في المدينة عبر تمليك عناصر الميليشيات المقيمة فيها.
ويؤكد الكثير من سكان الاحياء الشرقية لحلب أن الميليشيات الإيرانية واللجان الشعبية التابعة للنظام، صادرت أعداداً كبيرة من منازل المدنيين الذين تركوها بعد حصار المدينة، خاصة في مناطق المواصلات وضهرة عواد وطريق الباب.