- Home
- مقالات
- رادار المدينة
بعد صدمة الزلزال.. إدلب تفتقد الدعم الخارجي (هناك بعض الأشخاص توفوا قبيل وصولنا إليهم)
"خمسة أشخاص تحت الأنقاض كانوا يناشدوننا لإنقاذهم لمدة يومين، لكن نفسهم وصوتهم انقطع اليوم" هذا ما يقوله ابن العم مازن سعيد (30 عاماً) في مدينة سلقين بعد يومين من وقوع الزلزال. وكان ابن عمه مع زوجته وأبنائه الثلاثة قد قضوا تحت أنقاض بناية تقع خلف مستشفى الحكمة في سلقين، يسكنون فيها منذ نزوحهم من معرة النعمان، تتألف من أربعة طوابق انهارت تماماً بسبب الهزة الأرضية الأولى.
ويوضح مازن بأنه جمع مجموعة من الشباب لمساعدة ابن عمه وعائلته، لكنهم لم يستطيعوا فعل أي شيء لعدم توفر المعدات الثقيلة من تركسات وحفارات وغيرها. وهو الأمر الذي اشتكى منه هيئات ومنظمات محلية عديدة تعمل في إدلب وحلب، مثل الدفاع المدني.
محمد زعتور عامل في الدفاع المدني العامل في إدلب، قال بأنهم عملوا بجد لإنقاذ الناس، لكن لا يوجد كوادر كافية لمراعاة السرعة في البحث، والتي تنقذ المزيد من الأحياء قبل فوات الأوان، وذلك لقلة الإمكانيات مقابل حجم الكارثة وامتدادها.
الإعلامي جميل الحسن من كفرنبل والذي كان يرافق فرقة من الدفاع المدني السوري في بلدة جنديرس المنكوبة شمال حلب، قال بأنه خلال جولتهم في البلدة كانت مجموعة من الناس تستنجد وتناشد من تحت الأنقاض، تبلغ حوالي ستين شخصاً من أصل 200 شخص، لكن بعد مضي المزيد من الوقت كان عددهم يتناقص حتى بلغ 12 شخصاً ناجياً على قيد الحياة فقط بعد إخراجهم. وأضاف قائلاً "هناك بعض الأشخاص توفوا قبل وصولنا إليهم بساعة تقريباً". لم يفتح معبر باب الهوى -وهو الوحيد المخصص للمساعدات الإنسانية- مباشرة أمام محاولات أهلية سورية من داخل تركيا لإنقاذ العالقين، كما في حالة المساعدة التي جهزها الفنان السوري الكوميدي (يمان نجار) من حلب، وهي 24 تركس من داخل الأراضي التركية لدخول الأراضي السورية للمساعدة في الإنقاذ منذ بداية حدوث الزلزال.
في اليوم الثالث على الزلزال نشرت إدارة معبر باب الهوى على موقعها الرسمي على الأنترنت، أنه "لم يصل إلى المناطق المحررة شمال غرب سوريا أية مساعدات من أي جهة كانت، سواء كانت أممية أو غير أممية" وأبدت إدارة المعبر استعدادها "لتسهيل عبور أية قوافل إغاثية أو فرق تطوعية أو معدات تساعد في إزالة الأنقاض أو أي شيء يخفف عن أهلنا المنكوبين".
لكن المعبر فتح رسمياً فقط أمام سيارات القتلى السوريين الذين قضوا بسبب الزلزال وهم قادمون من داخل الأراضي التركية لدفنهم، بينما جاءت تصريحات الخارجية التركية بأن تركيا "ترغب بتيسير الدعم الدولي ليصل إلى الشعب السوري وستبذل قصارى جهدها لمساعدة الشعب السوري". في حين أفاد مدير الدفاع المدني في مدينة حارم المنكوبة عبد الرحمن حنيني، بأن إدارة الدفاع المدني شمال غرب سوريا طالبت رسمياً بتحقيق دولي علي لسان رئيسها (رائد الصالح) من مدينة جسر الشغور، حول تأخر وصول المساعدات إلى المنطقة.
وبعد أسبوع على الكارثة، وفي مساء 13 شباط قالت إدارة فريق الدفاع المدني على صفحتها الرسمية في فيسبوك، أن عدد ضحايا الزلزال بلغ 2274 شخصاً، وأكثر من 12400 مصاب، مع استمرار عمليات البحث لانتشال جثث المتوفين.
عبد الرحمن حنيني من كفرنبل قال لعين المدينة "كان من الممكن أن يكون عدد الضحايا أقل من ذلك لو كان هناك فرق إنقاذ عالمية جاءت للمساندة فور وقوع الزلزال، لكن لم يصل أحد ما عدا بعض الفرق التي جاءت من دولة مصر العربية بعد يومين من وقوع الزلزال".
وأفاد عبد الرحمن أن تكاتف الناس في المنطقة ومساندة بعضهم بعضاً قد ساهم بحد كبير في إنقاذ وإخراج بعض الناجين والمتوفين من تحت الأنقاض، حيث جاءت كوادر شبابية مع معداتها للعمل من جرافات وبواكر وتركسات وجرارات من مناطق جبل الزاوية جنوب المنطقة المنكوبة، ومن مناطق أخرى لم تتأثر بالزلزال. وأشاد بالدور الكبير الذي تجسد في تكاتف الناس والذي أدى إلى العمل المفيد والفاعل في إنقاذ الكثيرين ونجاح سير عملياتهم حسب تعبيره. وعن عدد العوائل والأشخاص الذين ما زالوا تحت الأنقاض بعد مضي مئة ساعة على الزلزال العنيف، قال عبد الرحمن: "لا يمكن التكهن بهذا العدد لأن العملية ما زالت مستمرة، ونحن نعمل بناء على بلاغات أهالي المفقودين لنا بفقدهم، وبناء على تقديراتنا الخاصة وما نشاهده أمامنا".
استنكر الإعلامي السوري محمد الفيصل وصول مساعدات من الأمم المتحدة بعد خمسة أيام من وقوع الكارثة مساعدات غير معنية بإنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض أصلاً.
فيما يرى رئيس المجلس المحلي في مدينة كللي (إسماعيل مصطفى)، أنه لا يجب التقليل من شأن المساعدات الأممية المادية لمواجهة الأضرار والاحتياجات للمتضررين بعد الأزمة، فهناك من بقوا بدون منازل بعد تصدع منازلهم وعدم صلاحيتها للسكن مرة أخرى، أو ممن فقدوا أثاثها وحالياً يسكنون في مراكز الإيواء التي أقيمت بجهود المتطوعين السوريين من الأهالي وتبرعاتهم، سيما وأن عددهم يزداد يوماً بعد يوم مع استمرار انهيار المباني المتصدعة بسبب الهزات الارتدادية.
بلغ عدد تلك المنازل المتضررة بعد مضي أسبوع 550 مبنى متهدم بشكل كامل، و1570 مبنى متهدم جزئياً بحسب آخر إحصائية صادرة عن إدارة الدفاع المدني بهذا الخصوص، وأغلب أصحاب هذه البيوت أحياءً دون منازل.
تقول فاطمة وهي ناجية نازحة من مدينة حلب تسكن في مدينة سلقين مع عائلتها التي تبلغ ٨ أفراد "قضينا ليلة باردة جداً يوم الزلزال في أحد شوارع المدينة قبل أن يتطوع أحد الأهالي في الصباح ويأخذنا إلى بيته" وبكل الرضا والتسليم تختم فاطمة كلامها قائلة "لقد تعودنا على الألم والمعاناة، الحمد لله على كل حال".