- Home
- مقالات
- رادار المدينة
بعد تدمير المستشفيات في إدلب . الكوادر الطبية تبحث عن بدائل
عشرات الحالات الطبية الحرجة في ريفي إدلب الجنوبي وحماة الشمالي بسبب استمرار قصف الطيران الروسي والأسدي، الأمر الذي أدى إلى تدمير قسم كبير من المستشفيات وإخراجها عن الخدمة، ما دعا إلى إرسال المصابين إلى مستشفيات بعيدة وسرية، أو محاولة معالجتهم داخل نقاط طبية تم إنشاؤها لهذا الغرض.
استهدفت الطائرات الحربية المستشفيات من خلال غارات مركّزة ومزدوجة، فدُمّرت مستشفى نبض الحياة في بلدة حاس بريف إدلب الجنوبي، ومستشفيات الحكمة وشام وأورينت في مدينة كفرنبل؛ علاوة على ذلك استهدفت المستوصفات والمراكز الصحية في مناطق جبل شحشبو وجبل الزاوية، وخرج قسم كبير منها عن الخدمة. دفع ذلك إلى البحث عن سبل لتفادي الكارثة من قبل القائمين على القطاع الطبي، أو إيجاد بدائل عن أكثر 25 مستشفى ومركز صحي خسرتها المنطقة بالقصف، كما يشرح سرور الشيخ نجيب الذي يحمل إجازة كلية التمريض ويعمل في إحدى المستشفيات قبل أن تتعرض للتدمير بسبب القصف، ويجمل البدائل التي أوجدتها الحاجة بالنقاط الطبية الصغيرة المجهزة للحالات الإسعافية الحرجة كالإصابات الحربية والحوادث وغيرها، وفيها يقدم الكوادر الإسعافات الأولية لنقل الحالات إلى النقاط المتخصصة البعيدة، إضافة إلى اعتماد البعض منازلهم لعلاج المدنيين في بعض الأحيان، والخروج بجولات على المصابين في أماكن تواجدهم.
يقول الشيخ نجيب "في هذه الظروف الصعبة جداً يكون العمل بغاية الصعوبة بسبب القصف المكثف لجميع المناطق وخاصة النقاط الطبية، ما يؤثر سلباً على عمل الكوادر الطبية من حيث قلة العناية، بسبب الضغط النفسي وقلة الوقت المعطى للمصاب أو المريض لإخلائه خارج نقطة الخطر والتفكير بالخروج من المنطقة خوفاً من القصف". ويذكر مثالاً على ذلك إحدى الحوادث الفظيعة، عندما استهدف الطيران المكان الذي كان يقضي إحدى جولاته على المصابين فيه، وقد تسبب القصف باستشهاد 3 أشخاص وإصابة 4 ودمار المنزل وتضرر المنازل المحيطة.
وأوضح معاون مدير صحة إدلب الحرة الدكتور مصطفى العيدو لعين المدينة، بأن النقاط الطبية لم تعد ذات جدوى بعد رصدها من طائرات الاستطلاع من خلال تتبع إسعافها للمدنيين وقصفها لاحقاً، فكان الخيار الأمثل بالنسبة إلى العاملين هو تقديم الإسعافات الأولية للمصاب ثم تحويله للمستشفيات في المناطق الأقل قصفاً. يقول العيدو "وضعنا في استراتيجيتنا منذ تشكيل مديرية الصحة عدم الاعتماد على مستشفيات كبيرة بسبب استهدافها من قبل النظام منذ بداية الثورة، وتم إنشاء مستشفيات صغيرة في عدد من المدن والبلدات في المحافظة، بحيث يكون في كل منطقة كفايتها منها، لكن إخراج مستشفيات ريف إدلب الجنوبي عن الخدمة أجبرنا على تحويل المصابين إلى مستشفيات المنطقة الوسطى والشمالية".
أما بخصوص الكوادر من أطباء وممرضين، فيضيف العيدو أنه "خلال الحملة الممنهجة قمنا بتخفيض الكوادر للحد الأدنى من أجل الحفاظ على سلامتهم، وخصوصاً في ظل العبء الكبير على المراكز الطبية، وتوافد آلاف الجرحى خلال الشهرين الماضيين".
وفي سبيل تعزيز عمل المنظومات الطبية والإسعافية لتكون بديلاً عن المستشفيات، قامت المنظمات الطبية في الشمال السوري بتجهيز طواقم إسعافية وتجهيز السيارات الطبية بكل اللوازم لتعمل على مدار الساعة، وذلك من أجل نقل المصابين الذين يتعرضون للقصف بعد أن يتم تلقيهم الإسعافات الأولية داخل السيارات. محمد أبو عمر يعمل في أحد المنظومات الطبية في ريف إدلب، قال لعين المدينة "قمنا بتجهيز سيارات الإسعاف لتكون نقاط طبية متنقلة، من حيث وضع لصاقات لوقف النزيف، ومعدات لتقديم الإسعافات الأولية التي تساعد على الحفاظ على حياة المصاب إلى حين إيصاله إلى أقرب مستشفى".
وأضاف أبو عمر "بعد الأثر الجيد الذي تركته منظومات الإسعاف الطبية التي تعمل على مدار الساعة في إسعاف المصابين، أصبحت عرضة للاستهداف المباشر من قبل الطائرات الروسية، حيث تم تدمير سيارات إسعافية في منطقة كفرنبل، وسيارة أخرى تابعة لمنظمة بنفسج ارتقى على أثرها شهيدان من المسعفين، ورغم ذلك ما زال العمل مستمراً مع محاولة التخفي عن طائرات الاستطلاع التي تعتبر هذه السيارات هدفاً لها".
تعمل بعض المستشفيات وسط حالة من الطوارئ في تحصينات تحت الأرض، أو ضمن المغاور في الجبال على أن يتم تبديل مكانها بشكل دوري، في حين تخلو منطقة ريف حماة الشمالي من المشافي بشكل تام. وأشار المسعف إلى أنهم قاموا بإنقاذ حياة المئات من المصابين بالاشتراك مع طواقم الدفاع المدني في ريفي إدلب الجنوبي وحماة الشمالي، بعد الوصول السريع للمنطقة التي تتعرض للقصف، رغم تهديد الغارات الروسية التي تتقصد العودة إلى قصف ذات المكان بعد أن يتجمع فيه المسعفون