- Home
- مقالات
- ترجمة
المناطق الآمنة موجودة بالفعل على طول الحدود السورية
لورينزو ترومبيتا
موقع News Deeply
13 آذار
ترجمة مأمون حلبي
طيلة السنوات الخمس الماضية ناقشت مختلف القوى الأجنبية المنخرطة، بشكل مباشر أو غير مباشر، في الحرب السورية، مسألة إقامة مناطق آمنة في البلاد أو عدم إقامتها. وقد ازدادت هذه النقاشات في الأشهر الأخيرة. مع ذلك، مناطق السيطرة التي تلعب دور المناطق الآمنة موجودة بحكم الأمر الواقع على امتداد ثلاثة من أصل أربعة من حدود سوريا الدولية.
تركز جدل خطاب المناطق الآمنة في البداية على حماية المدنيين، لكن مؤخراً تم اقتراح هذه الاستراتيجية كوسيلة لمنع اللاجئين و«الإرهابيين» المزعومين من الفرار إلى بلدان مجاورة وإلى أوربا. مع ذلك، استخدم الفاعلون العالميون والإقليميون مناطق الأمر الواقع الآمنة، التي أصبحت ماثلة الآن، من أجل زيادة فرص نجاح أهدافهم السياسية والعسكرية وتقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ مختلفة لا من أجل مقاصد إنسانية. هذه المناطق الموجودة واقعة رسمياً أو شكلياً تحت سيطرة قوى إقليمية ووكلائها السوريين. ويبرر اللاعبون الأجانب نفوذهم العسكري والسياسي والاقتصادي، وفي بعض الحالات الثقافي والطائفي على هذه الأراضي السورية، بحجة أنهم يقاتلون الإرهاب.
في عام 2013 بدأ حزب الله، الممول من إيران، «بتطهير» الحدود اللبنانية السورية، وبعد عام فقط حقق نجاحاً عسكرياً وسياسياً كبيراً في حمص. وحالياً، يمتد «الحزام الآمن» لحزب الله وإيران من حمص وريفها إلى السهول والتلال الواقعة بين دمشق ومرتفعات الجولان.
قُرب الجزء الذي تسيطر عليه إسرائيل من الجولان، يتحكم الأردن بجماعات المعارضة المسلحة في درعا ووادي اليرموك منذ عام 2014، بموافقة ضمنية من الولايات المتحدة وحليفيها الرئيسيين في المنطقة، إسرائيل والسعودية. ومنذ العام الماضي يحاول الأردن أن يوسع نفوذه إلى أراض يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية واقعة بين معبر التنف السوري العراقي ومناطق دير الزور الجنوبية الغنية بالنفط.
وتقع منطقة الأمر الواقع الآمنة الثالثة في شمال سوريا، ويهيمن عليها لاعبان أساسيان. إذ تسيطر القوات الكردية على إقليم روجآفا الممتد من الحدود التركية العراقية إلى عفرين في شمال غرب سوريا. وللقوات التركية حضور منافس في المنطقة، حيث منع نفوذ أنقرة المباشر في جرابلس والباب واعزاز القوات الكردية من توطيد سيطرتها عبر «كانتونات» عفرين وكوباني والجزيرة. وبالرغم من أهدافها العسكرية والسياسية الواضحة، أثبتت هذه المناطق العازلة على وجه العموم أنها أكثر أماناً للمدنيين من المناطق السورية الأخرى، مع ضربات جوية وقصف مدفعي أقل بكثير مما في نقاط النزاع الساخنة.
يجب أن يترافق نزع العسكرة عن هذه المناطق وإعادة الخدمات إليها مع إعادة تشييد للبنى التحتية وإعادة بناء اجتماعية بحسب الاحتياجات ووجهات النظر السياسية للجماعات المحلية وللعائدين إلى ديارهم. لكن معالجة هذه المسائل لا تبدو أولوية بالنسبة إلى أولئك الذين يسيطرون على تلك المناطق.
لقد كان للهدنة الناتجة عن مفاوضات أستانا تأثير إيجابي على الجماعات المحلية المعرضة للعنف على طول محور حلب دمشق. إلا أن الهدنة، من منظور جيوسياسي، تسلط الضوء على الهدف الروسي الإيراني التركي الرامي إلى تقسيم سوريا رسمياً على امتداد خطوط المعارك الحالية، والمجمدة تقريباً. عن طريق عملية أستانا نجحت البلدان الثلاثة في جعل وكلائها يحترمون النظام الجديد المنبثق. قبل جولة المحادثات الثالثة في أستانا زار أحمد الجربا، الذي تربطه علاقات وثيقة بالسعودية، العاصمة الروسية بدعوة من بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي. قد يُلمح هذا اللقاء إلى استعداد السعودية للتفاوض ضمن هيكلية أستانا. وفي هذا الإطار تبدو أنقرة أيضاً مهتمة بتوسيع نفوذها في إدلب، ولا يمكن تفسير المواجهة الدموية الجارية بين المجموعات المتطرفة، بما فيها الفرع السوري السابق للقاعدة ومنافسته حركة أحرار الشام الموالية لأنقرة بشكل متزايد، فقط كصراع إخوة أعداء على السلطة المحلية، ولكن أيضاً كنتيجة لمساعي أنقرة في إنشاء منطقة عازلة على طول قطاع آخر من حدودها مع سوريا.
في حين قد تعمل المناطق الآمنة على المدى القصير في تخفيض العنف والسماح لبعض المدنيين في العودة لديارهم، تشير الحالة الراهنة لمناطق السيطرة هذه أنها – عكس ما يكرره القادة الأجانب ليبرروا الحاجة لمناطق كهذه – لن تكون كافية لحل طويل الأمد بالنسبة للاجئين وأولئك المهجرين داخلياً ضمن البلاد.