- Home
- مقالات
- رادار المدينة
الملازم أول السعيد حافظ بشار الأسد
في شهر آذار الماضي أصبح حافظ بن بشار الأسد ضابطاً في جيش أبيه برتبة ملازم أول، بعد أن أتم دورة تأهيل عسكري قصيرة في الكلية الحربية في حمص، مدتها 6 أشهر
هذه الشهادة العسكرية هي ثالث شهادة ينالها حافظ الصغير المولود في العام 2001، كانت الأولى بكالوريوس من المعهد العالي للعلوم التطبيقية في دمشق في صيف العام 2022، والثانية ماجستير في الرياضيات من جامعة موسكو الحكومية في صيف العام اللاحق.
من منظور سائد، يبدو هذا التحصيل هزليّاً، واستمراراً لهزليّة التحصيل العلمي والعسكري لدى أبناء العائلة الأسديّة السابقين. لكن ثمة جدّ بدأ يتضح في التخطيط لمستقبل هذا الفتى، هو الشروع فعليّاً في عملية إعداده البطيئة والطويلة لخلافة أبيه.
لن تنجح هذه العملية حتماً، وبشار هو آخر حاكم من تلك العائلة، لكن رصد هذه المحاولة مبكراً، ومتابعة خطواتها القادمة، مفيدة لإغناء المعرفة بهذا النظام العاجز عن ابتداع جديد. فمثل أبيه وعمّيه باسل وماهر، سرعان ما تخرّج حافظ الصغير من كلية علميّة، وأصبح ضابطاً، وفرز إلى الحرس الجمهوري. وفي نهاية هذا العام أو العام القادم سيُنهي دورة قائد كتيبة ثم دورة أركان حرب، ويقفز إلى رتبة رائد بمرور سريع أو من دون مرور -كما فعل أبوه- برتبة النقيب. وفي مؤتمر انتخابي قادم لحزب البعث، سيحتل حافظ الصغير مقعداً في اللجنة المركزية للحزب، التي مرّ بها باسل وبشار والعم رفعت من قبل، بينما ما يزال ماهر عضواً في هذه اللجنة. وحسبما تقول التسريبات القادمة من دمشق، سيُحيي حافظ الجمعيّة العلميّة السوريّة للمعلوماتيّة ويترأسها، أو يترأس مؤسسة أخرى تشبهها وتُنشأ خصيصاً من أجله.
لم يُعرف بعد عن السمات الشخصيّة للملازم أول حافظ، ما يكفي لرسم لوحة داخليّة له، سوى محدوديّة قدراته الذهنيّة، وسذاجته المفرطة، وسطحيّة اهتماماته، سواء كانت مكتسبة من الأمّ أسماء مثل ولعه ب"الموضة"، أو من الأب مثل ولعه بالألعاب الالكترونية. وأمّا الرياضيات فهي اهتمام زائف اختلقته الأمّ لدى الابن المنصاع من أجل التباهي. يقول من عرفوه في دمشق بأنه لا يتذمر من ورطة الرياضيات التي أُلصقت به، لأنه سعيد دائماً بأشياء أخرى مثل استعراض قميص أنتجت منه شركة أديداس ثلاث قطع، أو حذاء أنتجت منه قطعة واحدة. هذا شاب عصريٌّ كما تصف الأمّ ابنها، و"كاجوال" لا يحب الرسميّات. في عملية تشكيله لم تنجح أسماء في كل شيء أرادته، إذ باءت محاولة توريطه برياضة نخبويّة مثل لعبة "الاسكواش" بالفشل، لأنها لم توافق مزاجه وأخذت تسبب له آلاماً في الظهر.
مقارنة بتأثير أسماء يبدو تأثير بشار أقل حضوراً في شخصيّة حافظ، رغم ذلك يظل خلطاً بين الاثنين، فهو يتحدث مثل أمّه بلهجة دمشقيّة مصطنعة لكن بأسلوب تساؤلي يشرح البديهيات مثل أبيه. وقد يضاف إلى التأثيرين في هذه المرحلة، تأثير التدريب الخاص الذي تلقاه في موسكو أثناء دراسته الماجستير، على البروتوكول وبناء العلاقات واتخاذ القرار. وربما كانت زيارته غير العفويّة قبل أيام، لمقام ديني علوي في جبال الساحل، من مفرزات ذلك التدريب، فمخطط التوريث يتضمن التودّد للطائفة العلويّة التي لا ينتمي إليها نفسياً، فليس في داخله حيّز انتماء لأي طائفة أو مذهب. وانتماؤه الوحيد هو للحياة الحلوة التي تصنعها المشاوير المشتركة مع أبناء أخواله من آل الأخرس وأخوال أمه من آل العطري، وأحياناً مع ابن عمته النقيب باسل آصف شوكت، إلى جانب رحلات اليخوت البحريّة مع بعض أحفاد وأبناء أمراء الخليج.
مثلما نجح التوريث الأول، يريد الأبوان أن ينجح التوريث الثاني في المستقبل، دون اعتبار للفروق والعقبات التي تجعل ذلك مستحيلاً، لكن الخفة الأصيلة التي يمتاز بها كل منهما، إلى جانب تفاهة تاريخ السلطة في عهد عائلة الأسد، تشجع الأبوين على استنساخ الماضي والمضي قدماً في هذه المحاولة.