- Home
- مقالات
- رادار المدينة
المخدرات تغمر الساحل السوري.. والمكافحة في خدمة الميليشيات
تاريخياً كان للساحل السوري ميزة لم تتسم بها المحافظات السورية بشكل واضح، وهي انتشار المخدرات في مدنه وبعض قراه، وتوفر أنواع مختلفة منها لا تتوفر في بقية المدن السورية، ويرجع ذلك لسببين هامين، أولهما عمل ميليشيات الشبيحة، المرتبطة بذوي السلطة في الأمن والجيش والدولة بشكل عام، بتجارة المخدرات، بشكل شبه معلن في مراحل معينة، وقرب المنطقة من لبنان التي كانت مصدراً مهماً لمادة الحشيشة التي تدخل إلى سوريا.
إلا أن صفة انتشار المخدرات اليوم باتت تنسحب على الكثير من المحافظات السورية، وخاصة تلك التي تنتشر فيها ميليشيات الدفاع الوطني وحزب الله والحرس الثوري الإيراني بشكل مكثف، كون تجارة المخدرات هي جزء مهم من عمل تلك لمليشيات، فاليوم هذه الميزة لم تعد مقتصرة على الساحل لكنها منتشرة في مناطق عدة مثل حمص ودير الزور ودمشق وحلب.
للساحل السوري بشكل عام ومدينة اللاذقية بشكل خاص ما يميزهما دائماً في قضية انتشار المخدرات، فهما معقل العصابات التي تعمل بهذه التجارة، تلك العصابات التي تعاظم دورها وسطوتها خلال سني الحرب، الحرب التي بطبيعة الحال أينما حلت يكثر معها استهلاك غالبية أنواع المخدرات. على أن استهلاك المخدرات فاق الحدود المعروفة في الساحل، لدرجة تم الاعتراف به رسمياً عبر مؤسسات الدولة هناك، حيث اعترف فرع مكافحة المخدرات في اللاذقية بأن عدد متعاطي المواد المخدرة المقبوض عليهم خلال سبعة أشهر من العام الحالي قد تجاوز 750 شخصاً، فيما تشير مصادر عين المدينة في اللاذقية ذاتها إلى أن الأعداد الرسمية "مثيرة للسخرية"، فعدد 750 متعاطيا يمكن أن تجده في شارع صغير من المدينة.
عمار جواد طالب في جامعة تشرين وأحد سكان مدينة اللاذقية، يقول لعين المدينة "إن انتشار حبوب الكبتاغون يفوق الخيال في الجامعة وفي المدينة ككل، كما أن مدخني الحشيشة لا يُحصون"، مشيراً إلى أن تجارة الحبوب المخدرة في المدينة أبسط من تجارة المواد الغذائية العادية، فمصادرها (الديلرية) موجودون في العلن وسط عشرات الشوارع من المدينة، كما بعض الصيدليات تبيع ما شاء المستهلك من الحبوب المخدرة بدون وصفات طبية.
في طرطوس بلغ انتشار المخدرات أشده خلال العام الماضي والحالي، واللافت انتشاره بين العسكريين بشكل كبير، سواء في قطعهم العسكرية أو في قراهم، وفي هذا الصدد يذكر علي خير وهو تاجر أجهزة موبايل في مدينة طرطوس، أنه يعرف المئات من المتعاطين، ويلمح بعضهم يتعاطى في الطريق ليلاً، ويعرف عشرات المصادر التي توفر أنواعأً كثيرة منه بسهولة، ويقول "نسبة كبيرة من المقاتلين وخصوصاً أولئك الذين سيقوا إلى الاحتياط، أو المحتفظ بهم منذ سنوات، يتعاطون العقارات المخدرة وبعضهم يعلن ذلك، ويشيرون إلى أنها متوفرة في قطع الجيش أكثر من توفرها في المدينة، خاصة تلك القطع التي يوجد فيها تماس بين مقاتلي الجيش السوري ومقاتلي حزب الله".
يواكب انتشار المخدرات في اللاذقية وطرطوس تغاضي أمني، وفساد جنائي في المحافظتين، فمن يلقى القبض عليهم في قضايا الإتجار يمكن أن يخرجوا من الحجز خلال ساعات، فلكل منهم قيادي في ميليشيا معينة يقوم بإنقاذه، بسلطته أو بماله، كما أن الكميات التي تصادر يمكن أيضاً فك حجزها وإعادة نشرها في السوق بمبالغ مالية ليست ضخمة جداً، وفق مصادر من مدينة طرطوس، تقول المصادر: "هناك أنواع في الأسواق مجمركة، لقد مرت على شرطة المكافحة وخرجت بسلام، لا أحد يمكنه إنكار تلك الحقيقة، بالمال يمكن أن تُخرج ما شئت من الحجز، ويمكنك أن تضع ما شئت، فدوائر الأمن في خدمة الميليشيات".