- Home
- مقالات
- رادار المدينة
الكهرباء في منطقة نبع السلام .. تنحي دور (الدولة) في الرعاية وتدفع الأهالي إلى الطاقة الشمسية
يؤسس واقع الحال في منطقة "نبع السلام" الخاضعة لسيطرة "الجيش الوطني" بدعم من الجيش التركي، لعلاقة مباشرة تجمع شركة الكهرباء الخاصة التي تزود المنطقة بالكهرباء التركية من جهة، والأهالي الذين ينتظرون من أي سلطة قائمة خدمات مناسبة من جهة أخرى. لكن تجاوز الشركة للسلطة التي تمثلها المجالس المحلية، جعل من الأخيرة كياناً شكلياً في نظر الأهالي، ودفعهم إلى البحث المنفرد عن مصالحهم بعد أن نفضوا أيديهم من كل أشكال رعاية وخدمات "الدولة" بشكلها المألوف لديهم.
يعتمد الأهالي في منطقة نبع السلام بوجه عام على الطاقة الشمسية، في منازلهم وفي مشاريعهم الزراعية بالرغم من استجرار الكهرباء بواسطة شركة AK ENERJİ التركية لمنطقة تل أبيض وأجزاء من ريفها ومدينة رأس العين التي ما تزال بعض أحيائها غير مخدمة بالكهرباء بعد قرابة ثلاث سنوات من سيطرة "الجيش الوطني" بمؤازرة الجيش التركي على المنطقة. وعلى الرغم من توقيع الشركة عقودها مع مجلسي تل أبيض ورأس العين، إلا أنها تعمل بشكل منفصل عن المجلسين ولا سلطة لهما على الشركة.
تتبع شركة الكهرباء التركية سياسة تقوم على التواصل مع القيادات المجتمعية المحلية ووجهاء وشخصيات لديهم مكانة بين الأهالي، سواء كانت في الأحياء أو القرى أو البلدات الصغيرة، وتتفق معهم على استجرار الكهرباء مقابل تعهدهم بعدم وقوع تعديات عليها من سرقة التجهيزات أو الطاقة، ودفع الفواتير بشكل منتظم.
على سبيل المثال تجاوزت الشركة بلدة سلوك (شرقي تل أبيض 20 كم)، وأوصلت الكهرباء إلى قرية نص تل (شرقي تل أبيض بحدود 40 كم)، وبعد مطالبات من الأهالي اجتمعت الشركة مع ووجهاء وشخصيات تحظى بقبول اجتماعي من بلدة سلوك ووافقت بعدها على تنفيذ خطة استجرار الكهرباء إلى البلدة، بعد أن أخذت تعهد من الوجهاء بعدم سرقة الكهرباء من قبل المشتركين أو غير المشتركين، وحماية الشبكة وعدم تعرضها للتخريب، وفق أحد موظفي الشركة الذي رفض الكشف عن اسمه.
من خلال هذه الإجراءات تتجاوز شركة الكهرباء السلطات المحلية التابعة لل"الحكومة السورية المؤقتة"، ما يؤدي إلى استقلالية شركة الكهرباء في عملها عن المجلس الذي وقعت معها عقود استجرار الكهرباء، وعجز المجلس بالتالي إزاء مخالفات الشركة المتكررة للعقود، وعدم امتلاكه سوى رفع دعاوى على الشركة لدى محاكم المعارضة وليس المحاكم التركية، أو الاعتراض لدى الشركة نفسها والتي تتحجج على الدوام بخسارتها بسبب سرقات التيار الكهربائي، بحسب أحد موظفي مجلس رأس العين المحلي والذي فضل عدم الكشف عن هويته أيضاً.
يبدو من خلال المناطق التي تزودها شركة الكهرباء بالتيار الكهربائي أن الوضع في منطقة تل أبيض أفضل بكثير منه في منطقة رأس العين، إذ تغطي الشركة مدينة تل أبيض وريفها عدا الريف الغربي، حيث وصل التيار الكهربائي في الريف الشرقي لتل أبيض إلى قرية نص تل دون تغذية بلدة سلوك، وفي الريف الجنوبي إلى قرية البديع، بينما في الريف الغربي فلم تصل الكهرباء إلى أي قرية بحجة أن "المنطقة عسكرية، لأن خطوط الاشتباك مع قوات قسد تبعد 16 كم غربي تل أبيض".
أما في منطقة رأس العين فيقتصر وجود الكهرباء على بعض أحياء المدينة، وحجة الشركة "السرقات المتكررة للتيار الكهربائي، وعدم وجود سلطة للمجلس المحلي عليها". فعلى سبيل المثال في حارة حرب التي تم تمديد التيار الكهربائي لها، تقول الشركة أن كهرباء هذا الحي تصل إلى الأحياء المجاورة بسبب السرقات والتعديات على خطوط الكهرباء، وأن قيمة الفواتير المحصلة لا تغطي أقل من نصف قيمة الكهرباء المصروفة، حسب أحد موظفي شركة الكهرباء.
في ظل هذا الواقع ونتيجة ارتفاع أسعار فواتير الكهرباء بالمقارنة مع المدخول الشهري للعاملين في المؤسسات التابعة للمجالس المحلية، التي تتراوح رواتبهم بين 1000 إلى 2000 ليرة تركي، وسوء الأوضاع الاقتصادية التي تعتبر الزراعة ركيزتها الأساسية وما نالها من الجفاف الذي يضرب المنطقة منذ سنتين، تصبح الطاقة الشمسية أفضل الحلول المتاحة أمام الأهالي، فتركيبها يحتاج فقط إلى دفعة أولى للتجار الذين يعملون بنظام التقسيط؛ هذه الدفعة تكون أحياناً ربع قيمة التكلفة الإجمالية أو نصفها وفق من تحدثت إليهم عين المدينة ويعتمدون على ألواح الطاقة، الأمر الذي يسهل على الأهالي شراءها والاعتماد على أنفسهم في تأمين الكهرباء، بعيداً عن المجالس المحلية التي تمثل السلطات الحاكمة في هذه المنطقة.
يقول أبو علي وهو تاجر مستلزمات الطاقة الشمسية في مدينتي تل أبيض ورأس العين، أن المستلزمات الحالية مصدرها الصين وتباع لدى وكلاء الشركات الصينية في تركيا. وأن التكلفة تتراوح حسب حجم اللوح ونوعه، ولكن "بشكل عام التكلفة للجديد بين 37 إلى 43 سنتاً أمريكياً للواط الواحد، وبالنسبة إلى المستعمل يتراوح بين 26 للواط إلى 30 سنتاً أمريكياً للواط الواحد".
ويضيف أبو علي أن المشكلة الوحيدة في ألواح الطاقة الشمسية هي أن أعطالها غير ظاهرة وليست واضحة بشكل عام، والتعامل مع تلك الأعمال ليس متقدماً في المنطقة نظراً إلى كونها جديدة على الكهربائيين، الذين يستخدمون معدات الأمبير المستعملة للكهرباء التقليدية في فحص تخريج الأمبير للوح، لأن المنطقة تفتقد للأجهزة الفاحصة المتطورة.
وكون الطاقة الشمسية هي شي جديد على المنطقة، فإن الأهالي يعانون من مشاكلها وأعطالها. وفي هذا الصدد يقول أبو يوسف أحد العاملين في الطاقة الشمسية أن أغلب العاملين في هذا المجال هم فنيو كهرباء وليس لديهم خبرة سابقة في الموضوع أو أي فكرة عن الطاقة الشمسية، وليسوا حتى خاضعين لدورات تعليمية بآليات عمل الطاقة وتركيبها ونظم عملها. ويتابع "حتى الآن الخبرات ضعيفة وتعتمد على التجريب مرة والتخريب مرة".