- Home
- مقالات
- رادار المدينة
القطاع الصحي في مدينة ديرالزور بيد العصابات.. ومدير صحة النظام يُتاجر مع الميليشيات بالأدوية المسروقة من مستودعات الريف
يُعاني قطاع الصحة العام في مدينة دير الزور الخاضعة لسيطرة النظام من حالة انهيار يُعبّر عنها النقص الحادّ في الكوادر الطبية وفي المعدات والتجهيزات الأساسية.
بحسب أحد العاملين في (مشفى الأسد)، وهو المشفى العام الوحيد فعلياً في دير الزور، فإن صيدلية المشفى تفتقر إلى الكثير من المواد والمُستهلكات الطبية الأساسية لعمل أي مشفى: القفازات الجراحية، أكياس الكوليستومي، أكياس نقل الدم، عدّة الجراحة، لوازم غرفة العمليات. إضافة إلى ما تُعانيه المشفى من تردٍّ في شروط النظافة والتعقيم، حيث صارت أكوام القمامة والقطط الشاردة بين الغرف مشهداً مألوفاً.
ويُفسّر طبيب أخصائي، طلب إغفال اسمه، انهيار الخدمات الصحية في مدينة دير الزور بالفساد والإهمال، فصار الطبيب ضحية أيضاً مثل المريض في هذا الواقع، ويعتبر الطبيب المذكور نقص الكوادر والتجهيزات مشكلة يمكن التغلب عليها، في حال توافرت إرادة ونوايا صادقة لدى القائمين على القطاع الصحي.
يؤكّد موظف في مديرية الصحة، أن مديرها عبد نجم العبيد يُنفّذ عقود شراء وهمية بالتعاون مع مُورّدين ومُقاولين فاسدين، وبحسب الموظف اشترى العبيد وبأسعار بخسة بالشراكة مع صيادلة آخرين، في شهر كانون الأول الماضي، حمولة شاحنتي أدوية، من قائد إحدى الميليشيات، كان عناصره قد سرقوها من مستودعات أدوية خاصة في ريف دير الزور الشرقي، ثم أُعيد بيع هذه الأدوية لمديرية الصحة بأسعار السوق.
يقول صيدلي يعيش في مدينة ديرالزور إن 30% من المجموعات الدوائية التي يفترض توافرها في كل صيدلية، غير موجودة في معظم صيدليات دير الزور، وتُوجد فقط في صيدليات يرتبط أصحابها بالأجهزة الأمنية التي تُسهّل أعمالهم، حسب ما يقول. وتُضيف التكاليف المرتفعة لنقل الدواء إلى دير الزور من سعره على المرضى.
لم تلعب نقابة الأطباء، التي أعادت لملمة صفوفها وافتتحت مقراً في مدينة دير الزور، أي دور إيجابي، حسب ما يرى الطبيب، بل إن نقيب الأطباء شوقي غازي وأعضاء نقابته يبدون مثل غيرهم في مديرية الصحة غير مُكترثين البتّة بالوضع المأساوي للمرضى وللأطباء أيضاً، وتُسجّل في كل شهر حالات وفاة نتيجة لهذا الوضع، حيث سُجّلت حالتان في الشهر الماضي لمريض قلب ومريض ربو تأخرت سيارة الإسعاف في نقلهما إلى المشفى، ما تسبب بموتهما قبل أن يصلا إليها.
يسخر الطبيب من الدعاية التي يبثّها إعلام النظام في مدينة دير الزور، ومن حرص مدير الصحة عبد نجم العبيد على التقاط الصور في افتتاح مراكز صحية وهمية لم تستقبل مريضاً واحداً بعد الافتتاح. ومن يُتابع صفحة المديرية على موقع فيسبوك، يدرك ضآلة الخدمات المُقدّمة من قبل المديرية التي تتباهى بعلاج حالات الجرب ومكافحة القمل في المدارس، وبصيانة جهاز قديم لتفتيت الحصى في (مشفى الأسد).
يُقدّر عدد سكان مدينة دير الزور اليوم ب (200) ألف نسمة، تعمل فيها مشفى عامة واحدة -الأسد- و(4) مراكز للرعاية الصحية الأولية، تُقدّم خدمات طبية بدائية. وحسب المعايير الصحية الدولية، فإن كل (5) آلاف شخص يحتاجون لمركز رعاية ثانوي، وكل (30) ألف يحتاجون لمركز رعاية رئيسي، ما يكشف عن النقص الكبير في عدد المراكز المفترض تشغيلها في المدينة، وعن المستوى المتدنّي الذي وصلت إليه الخدمات الصحية العامة، لا سيما وأن مراكز الرّعاية الصحية الأولية هي اللبنة الأساسية في هذا القطاع، وبمقدار توافرها يكون قطاع الصحة في وضع قابل للتطوير.
ولا تبدو الصورة في القطاع الخاص بأفضل منها في العام، حيث تفتقد دير الزور (مدينة وريفاً)، في الجزء الخاضع لسيطرة النظام، لأي مشفى خاص، ويندر وجود الأطباء الاختصاصيين، ما يدفع بالمرضى للسفر إلى دمشق أو حلب لإجراء عمليات جراحية بسيطة كانت تجرى بصورة روتينية في أي مشفى خاص أو عام في مدينة دير الزور، أو مدن الميادين والعشارة والبوكمال.