- Home
- مقالات
- ترجمة
العودة المستحيلة .. القانون الذي يمنع المهجرين السوريين من العودة إلى بيوتهم
زهير الشمالي
8 نيسان عن موقع The Middle East Eye
ترجمة مأمون حلبي
أثناء النكبة فقدت عائلة حسن بيتها في فلسطين، وانتهى بها الحال بالعيش في مخيم اليرموك على أطراف دمشق. والآن، وبعد 71 عاماً، من المرجح أن تفقد هذه العائلة الفلسطينية بيتها مرة أخرى.
في هذه المرة ستفقدها العائلة للحكومة السورية، بمقتضى قانون يهدد ليس فقط اللاجئين، وإنما أيضاً السوريين المهجرين داخلياً بالملايين بفعل الحرب داخل البلاد. فأصحاب الممتلكات العقارية في المناطق التي دمرتها الحرب قلقون من أن القانون رقم 10 ليس سوى غطاء قانوني لعملية الاستملاك الحكومية الهادفة إلى محو كل أثر من آثار المعارضة.
منذ فترة أخذ حسن، الذي يعيش حالياً مع عائلته في بيت أحد الأقرباء في الغوطة الشرقية، يلحّ على السلطات أن تسمح له بترميم بيته المتضرر في اليرموك؛ غير أن عددا كبيراً من مهجري المخيم أُبلغوا أنهم سيخسرون بيوتهم نهائياً بسبب القانون رقم 10، الذي يتيح للسلطات المحلية استملاك العقارات في المناطق التي أضرت بها الحرب. "طُلب مني الانتظار، ونُصحت بعدم إجراء أي صيانة على المنزل لأن المهندسين المعماريين كانوا سيجرون تقييماً للمخيم بكامله، لكن بعض الموظفين الحكوميين نصحوا بعض جيراني أن يجدوا مكاناً آخر يعيشون فيه، لأن الانتظار مضيعة للوقت؛ فمعظمنا سيكون بدون بيوت- هذا ما يقوله الجميع. نعرف أن المنطقة ستكون تحت السيطرة التامة لسلطة الحكومة، لكن من سيعوضنا، وأين سنقيم، وهل سنعود قط إلى المخيم؟"
مهمة مستحيلة
لقد تم انتقاد القانون رقم 10 على نطاق واسع لأنه في البداية أعطى الناس من المناطق المتضررة شهراً واحداً فقط لإثبات ملكيتهم لبيوتهم ومنع استملاكها من قبل الحكومة. في تشرين الثاني أصدر الأسد تعديلاً على القانون يمدد المهلة الممنوحة للمالكين إلى عام واحد، إلا أن كثيراً من الناس مقتنعون أن هدف القانون الرئيسي ليس إعادة البناء بعد سنوات من الحرب، وإنما محو أي أثر للمعارضة السياسية. كثيرٌ من المتضررين بهذا القانون أخبروا موقعنا أن تمديد المهلة لا أهمية له، لأن المستندات التي تثبت الملكية إما قد ضاعت أو أتلفت أثناء الحرب. آخرون قالوا إنهم يعتقدون أن القانون يهدف لمعاقبة أولئك الذين ناصروا المعارضة.
يقول معاذ ابن مدينة حلب: "إنني أبحث عن حلٍ لأمرٍ يبدو أنه مهمة مستحيلة". كان معاذ يملك بيتين وحانوتاً في حي صلاح الدين في مدينة حلب، غادر سوريا برفقة أمه وزوجته وثلاثة أولاد إلى مدينة قونيا التركية في تشرين الأول 2012، بعد أن اعتُقل وعُذّب لمشاركته في الاحتجاجات. ورغم أن أملاكه نُهبت وتضررت، فقد استطاع تأجيرها أثناء غيابه، إلا أنها أضحت تحت التهديد من جديد- هذه المرة ليس من البراميل المتفجرة، وإنما من القانون 10.
يقول معاذ: "مع أن النظام لم يؤكد أن كل المناطق التي ستكون مشمولة بالقانون 10، إلا أني متأكد أن منزلي الواقع داخل إحدى المناطق الأكثر تضرراً سيشمله هذا القانون، وأنا لا أستطيع العودة خشية الاضطهاد والتعذيب، أو الموت؛ العودة بالنسبة لي غير واردة إطلاقاً".
فقدان الممتلكات يعني استحالة العودة
حتى المدنيين الذين لا تزال مستندات ملكيتهم لبيوتهم في حوزتهم قالوا إن لديهم أمل لا يذكر بالاحتفاظ بهذه البيوت بسبب ارتباطاتهم السياسية. قال رضا لموقعنا: "منذ الإعلان عن هذا القانون أصبحت ممتلكاتنا في دمشق على وشك الضياع". رضا، الذي يعيش حالياً في محافظة هاتاي التركية، ينتمي لعائلة معروفة بمعارضتها لنظام الأسد. "يريد النظام أن يمحي وجودنا من السجلات السورية؛ فقدان الممتلكات معناه استحالة العودة. ربما سيجردنا الأسد حتى من الجنسية، لا أحد يستطيع منعه من ذلك". يقول غزوان قرنفل، رئيس مجلس المحاميين السوريين الأحرار، لموقعنا أنه بينما الهدف المعلن من القانون هو إعادة تنظيم وبناء المناطق المدمرة، فإن الهدف الرئيسي هو "شرعنة التغييرات الديمغرافية".
لا أمل، لا تعويضات
يشتكي آخرون أن بيوتهم مهددة مع أنهم اختاروا البقاء في سوريا، وبغض النظر عن ارتباطاتهم السياسية. تحسين، الذي كان واحداً من سكان حرستا، هرب من المدينة عام 2013 وأخذ يعيش في منزل مع أقربائه في مساكن برزة القريبة. استعادت القوات الحكومية السيطرة على الغوطة والمناطق المجاورة كحرستا في آذار 2018. يقول تحسين: "عندما عدت إلى حرستا كان بيتي متضرراً جزئياً لكنه قابل للإصلاح. بعد صدور القانون 10، وبما أن حرستا كانت داخلة في المناطق المدمرة المشمولة بهذا القانون، فقد طلبتُ من المحكمة أن تأتي وتشاهد أن بيتي لم يكن متضرراً إلى درجة كبيرة، وأن تعيد تسجيل حقوقي بمنزلي؛ مضت أسابيع ولم يأتِ أحد، ورُفض طلبي. طلبت من بعض المحاميين تولي قضيتي، لكنهم قالوا إن هذه المناطق تم الاستيلاء عليها من قبل الحكومة، وما من أمل في النجاح".
قالوا لتحسين أن قصارى ما يأمله هو قيمة إيجار 6 أشهر كتعويض، أو أسهم في أي مشروع إعادة تطوير يُبنى في المكان الذي لا يزال بيته حالياً فيه. يقول تحسين "لم يتم ترتيب أي تعويض حتى الآن؛ أبداً ما كنت أتوقع من الحكومة طعني في ظهري بهذه الطريقة! أنا مقيد اليدين؛ أستطيع فقط الانتظار ورؤية ما سيحدث لاحقاً"