- Home
- مقالات
- صياد المدينة
العراق.. الحلقة الأضعف في الطوق الإيراني
لأشهر قليلة مضت اعتقد الكثير من متابعي ما يحدث في الشرق الأوسط، أن الطوق الإيراني الذي بدأ من طهران قد أكمل حلقاته: طهران فبغداد التي أصبحت مركزاً لتحقيق سياسات إيران في العالم العربي عبر طبقة سياسية تتبع على المستوى العقائدي لإيران، وعلى المستوى السياسي لمركز صنع القرار في طهران.
وفي سعيها لإتمام الطوق، والذي بدا واضحاً أنه قد جعل من بيروت -وباتمام حزب الله سيطرته عليها سياسياً وأمنياً- الحلقة الأخيرة، قبل أن تحكم السيطرة على دمشق بشكل شبه كامل. وذلك ترجمة لأحلام تصدير الثورة إلى دول الجوار، ومن ثم نقل التجربة الإيرانية إلى العواصم المحيطة من خلال إنشاء طوق اقتصادي سياسي واجتماعي على شكل "هلال شيعي" يعتمد على التبعية الدينية بالدرجة الأولى لتحقيق أهداف قومية واقتصادية بلبوس ديني.
فبحث إيران عن منفذ لها على المياه الدافئة بعيداً عن الخليج المتوتر والمراقب من قبل العين الأمريكية، وكذلك البحث عن طريق لتبادل السلع التجارية والزراعية مع دول حوض البحر المتوسط عن طريق موانئ بيروت واللاذقية وطرطوس، جعل من تدخلها في سوريا أمراً حتمياً لا مهرب منه.
لذلك يمكن وضع تلخيص للهدف الأبرز لإيران في سوريا بإنشاء طريق بري يبدأ من بغداد عبر الحدود السورية (معبر البوكمال الحدودي) والبادية السورية وصولاً لدمشق ومن ثم بيروت واللاذقية، وذلك من أجل تصدير النفط والغاز الإيراني عبر تلك الموانئ.
هذا الهدف كان أيضاً تحت أنظار الأمريكيين في المنطقة، والذين حتى وإن لم يتدخلوا بشكل مباشر، إلا أن الغارات التي كان يشنها التحالف الدولي والإسرائيليون هدفها هو القضاء على هذا المشروع، خاصة مع قيام الإيرانيين بإنشاء قواعد لتعزيز تواجدهم على الحدود العراقية السورية بالقرب من مدينة البوكمال، حيث أنشأت إيران "قاعدة الإمام علي" وحولت مطار الحمدان غرب المدينة لقاعدة لها.
الضربة الأبرز للمشروع الإيراني لم تأت من سوريا حيث النزاع لا يزال في أعلى مستوياته، بل جاء من الشعب العراقي الذي انتفض ضد الطبقة السياسية التي تحكمه، معتبراً تبعيتها لإيران أحد أهم أسباب وصول العراق لما هو عليه من فشل على جميع الأصعدة.
وكما فاجأ الحراك الشعبي العراقي القيادة الإيرانية، فإنه قد فاجئ الطبقة السياسية الحاكمة والتي اعتمدت ولسنوات على التبعية الدينية للمرجعيات التابعة بدورها للمرجعية الإيرانية. هذا الحراك -والذي حتى اللحظة يبدو أنه مدرك لخطواته- يعلم جيداً أن خروج العراق من السيطرة الإيرانية هو بداية العودة إلى عراق يمكن أن يتعافى