- Home
- مقالات
- رادار المدينة
العائدون إلى بيوتهم تحت سيطرة «قسد» بدير الزور
لا شيء يمنعهم أو يعيق طريق عودتهم إلى ريف دير الزور الخاضع لسيطرة «قوات سوريا الديموقراطية»، خلافاََ لدخولهم إلى مناطق درع الفرات، فلا حاجز يطلب هوية، ولا عنصر يحاول إبراز جل ذكائه بنظرة في عيني أحد الفارين من جحيم الحرب في دير الزور.
تحدث تقرير نشرته عين المدينة، في وقت سابق، عما يعانيه نازحو ديرالزور في مناطق درع الفرات، وقد وصلت أعداد من يدخلون عن طريق النقطة صفر (حاجز العون) إلى 750 شخصاََ في اليوم، حالياََ أعداد من يدخل مناطق درع الفرات عن طرق النقطة ذاتها لا يتجاوز المئة شخص بكثير، في حين تشهد الباب وجرابلس وأعزاز نزوحاََ عكسياََ باتجاه المناطق التي انتزعتها قوات سوريا الديمقراطية، مؤخراََ، من قبضة داعش.
يخرج من كراج أعزاز ثلاث سيارات (فان) بشكل يومي متجهة إلى ريف دير الزور، ويفيد أحد السائقين الذين يعملون على خط أعزاز الجزرات (مدخل الحدود الإدارية لمحافظة دير الزور، 72 غربي المدينة) بأن العديد من الركاب يتجمعون يومياََ للعودة إلى تلك المناطق. يدفع الراكب 17 ألف ليرة سورية للوصول إلى ديرالزور، خلافاََ للمبالغ الطائلة التي كان يضطر لدفعها للهروب منها، وتمنع «قسد» السائقين القادمين من خارج المناطق التي تسيطر عليها تجاوز الجزرات، في حين كانوا يصلون بسياراتهم إلى قرية الطيانة شرق ديرالزور، ولكن ذلك لم يعد بإمكانهم، بعد شكاوى سائقين يعملون هناك في نقل العائدين دون صعوبات أمنية، بحسب السائق. أما عن أعداد العائدين فيصعب تقديرها لأن العودة غير منظمة، وتقع خارج إدارة الكراجات، إضافة إلى أن هناك آخرين يعودون بسيارتهم الخاصة.
يذكر أبو جمعة أن محاولاته الحالية لجمع بعض المال ليست بهدف استئجار منزل، أو شراء خيمة في مدينة أعزاز، بل بهدف تأمين قيمة العودة إلى قرى الجزرات بريف دير الزور الخاضع لسيطرة «قسد»، فمبلغ الخمسين ألف ليرة سورية، الذي يسعى لجمعه، لا يكفي لإيجار بيت أو شراء خيمة، لكنه يدخره لسائق «ابن حلال وافق على حجز ثلاثة مقاعد لي بهذا المبلغ». أما الأسباب التي دفعت أبو جمعة للعودة، فيلخصها بأنه لم يتوفر في أعزاز على أي سبب للبقاء، لا سكن، لا عمل، ولا حتى سلة إغاثية، كما يقول، «أنا لا أستطيع الذهاب إلى دمشق خوفاََ من قوات النظام، وفي الجزرات سمعت أن العمل متوفر، وإيجار المنازل لا يتجاوز 10 آلاف ليرة سورية»، ويضيف بأنه لم يعمل ما يمكن أن يتسبب له بمشاكل مع «قسد»، «أنا شخص مدني، لا أطلب أكثر من العيش، لدي ثلاثة أطفال وأمهم، نريد أن نعيش، ولا يهمني من يحكم المنطقة».
لا تتوفر الخدمات العامة في المناطق التي سيطرت عليها «قسد» في ديرالزور كتوفرها في شمال وشمال شرقي حلب، فيضطر القاطنون هناك لقطع مئات الكيلومترات كي يصلوا إلى مشفى، كما لم تدرْ عجلة الزراعة حتى الآن، في حين يقطن عشرات الآلاف من النازحين عن قراهم وبلداتهم ومدنهم في خيم عشوائية، أو يشغلون منشآت حكومية سابقة، لكن العائدين يفضلون المكوث هناك على أية حال، ويفيد أحد العائدين إلى قرية الحوايج، وهو من مدينة الميادين، أن الكهرباء و الماء متوفران إلى حد ما، الأنترنت حصراََ في الليل، الإيجارات أقل بكثير من أعزاز أو الباب، «فإيجار شهر في إحدى هذه المدن يكفينا ثلاثة أو أربعة أشهر في الحوايج»، كما أن الأسواق بدأت بالعمل بشكل تدريجي، مما يجعل فرص العمل ممكنة.
لا يحتاج أي متابع لأوضاع النازحين من دير الزور إلى مناطق درع الفرات لأي جهد لمعرفة أسباب عودة بعضهم إلى ريف دير الزور (خط الجزيرة) حيث تسيطر «قسد» على معظم الخط، فلا خيم تم نصبها، إلا في حالات نادرة، وبشكل فردي تطوعي، لا بيوت فتحت أمامهم، لا منظمات كانت بانتظارهم، ولم تتحمل أي جهة حكومية مسؤوليتها تجاه موجة الوافدين، فضلاََ عن أنهم عائدون إلى بلادهم، وإن فصل النهر بينهم وبين بيوتهم، في حالة من عبر النهر ليهرب، كما يقولون.