- Home
- مقالات
- رادار المدينة
الخولي حر طليق
في خطوة مفاجئة وغير متوقعة، أفرجت هيئة تحرير الشام عن أبي عبد الله الخولي، المشرف العام في حركة حزم التي تمكنت جبهة النصرة من القضاء عليها مطلع آذار 2015. ليظل السؤال معلقاَ عن السبب الذي دفعها للإفراج عنه بعد فشل كل المحاولات والمناشدات السابقة، كما هو معلق عن السبب الذي دفعها لاحتجازه كل هذه المدة.
إبان الحملة العسكرية التي شنتها جبهة النصرة على حركة حزم، وذلك بعد أقل من ثلاثة أشهر على قيامها باجتثاث جبهة ثوار سوريا أواخر العام 2014، قرّر الخولي النّزول من تركيا إلى سورية، بهدف عقد لقاء مع قادة في جبهة النصرة، والتّوصّل إلى حلّ يحقن الدّماء بين الطّرفين، متجاهلاً كل التحذيرات والنصائح. أرسل الخولي إلى قادة النصرة يعلمهم أنه يريد مقابلتهم، آملاً أن تحمل زيارته نهاية سعيدة للأحداث المؤسفة في كل من الفوج 46 وجبل الزاوية وغيرهما. إلا أنه لم يكن يعلم أنها البداية لأحداث أكثر صعوبة وظلماً، فقد قامت النصرة باعتقاله فور وصوله، رغم أنها أعطته الأمان. وتذكر بعض المصادر إلى أنّه سجن داخل زنزانة انفرادية في حارم، حيث تعرض للتعذيب وتلقّي سلسلة من التّهم.
قضيّة يعقوب العمر
بعد اعتقال الخولي سارعت جبهة النصرة إلى بث اعترافات سجّلتها للخولي، ادّعى فيها بأن حركة حزم هي من قتلت الشيخ يعقوب العمر، أحد قضاة جبهة النصرة، بعد موافقة المكتب السياسي، وهو ما نفته الحركة جملة وتفصيلاً.
بعد بضعة أيام وجّهت حركة أحرار الشام صفعة أليمة لجبهة النصرة، إذ أصدرت بياناً أوضحت فيه ملابسات مقتل يعقوب العمر، وأكّدت أنّها قامت باعتقال (عبد الرحمن الحسن) الملقّب بـ (أبي عبيدة) الذي اعترف باغتيال العمر وارتباطه بتنظيم الدّولة. وأشار البيان إلى أن أحرار الشام قامت بتسليمه للنصرة، حيث قامت بدورها بالتحقيق معه من جديد، وبناءً عليه نفّذت «حدّ القصاص» بحقّه، وبحضور أولياء الدّم، وهو ما لم تستطع النصرة إنكاره، ونشرت أحرار الشام تسجيلات مصورة، يظهر فيها صوت المحقق من جبهة النصرة.
في آذار 2016وبعد شهادة مطوّلة للدكتور حذيفة عزام على صفحته الشخصية على موقع تويتر، فتح فيها عدة ملفات عن جبهة النصرة، من أبرزها ملف المعتقلين لديها، اضطرت الجبهة إلى الاعتراف ببراءة الخولي من دم العمر، وذلك على لسان متحدّثها الرسمي «أبو عمّار الشامي»، وذلك ما يؤكد تعرّض الخولي للتعذيب والاعتراف تحت الضغط، وأضاف حينها المتحدث باسم النصرة: (وما يخص اتهامه بمقتل يعقوب العمر كان الأمر خطأ، وتم تشكيل لجنة لإعادة التحقيق فلم يثبت عندنا أدلة قطعية تدينه، إلا أن أولياء دم الشيخ يعقوب العمر إلى اليوم يحشدون الأدلة ضده، ويتهمونه بشكل مباشر).
إطلاق سراحه
في السادس من شباط 2018أعلنت وكالة «إباء» التابعة لـ «تحرير الشام» أن الهيئة أفرجت عن الخولي، بعد «تلاشي مشروع حزم» وعدم كفاية الأدلة القضائية بحقه في قضية العمر، والاكتفاء بمدة توقيفه التي بلغت ثلاثة أعوام!
ويُرجع البعض التزام الخولي الصمت بعد خروجه من السجن، إلى أن إطلاق سراحه جاء بعد تعهده بطيّ صفحة الماضي، وعدم التصريح عما تعرّض له خلال السجن.
وعلى ما يبدو فإن عملية الإفراج تمت في إطار محاولة لتبييض سمعة الهيئة داخلياً، وإعادة شيء من هيبتها إلى أوساط مؤيديها، بعد أن تراجعت مؤخراً على خلفية انسحاباتها الأخيرة من عشرات القرى والمناطق في ريف إدلب، وحملتها الأخيرة ضد عدة فصائل في الشمال السّوري. أما على الصعيد الخارجي فقد تزامن إطلاق سراح الخولي مع قيام «حكومة الإنقاذ» المحسوبة على هيئة تحرير الشام، بإطلاق سراح مواطنَيْن كنديَّيْن، وتسليمهما لسفارة بلادهما في تركيا.
وأبو عبد الله الخولي، المعروف باتّزانه وخُلقه الحسن وهيبته بين الناس، من أبناء حمص، التحق بالركب الثوري مبكراً وشارك في المظاهرات، واعتقل على إثرها ثم أطلق سراحه بعد مدة. ويعدّ من أوائل مؤسسي العمل العسكري في محافظة حمص، حيث كان أحد مؤسسي كتائب الفاروق. نجح الخولي ورفاقه في أسر عدد من ضباط النظام، فاعتقل النظام ابن عمته وساومه عليه، إلا أنه ورفاقه لم يرضخوا لتلك الضغوطات. كذلك اشتهروا بعد حادثة الأسرى الإيرانيين. أما الحدث الأكثر شهرة في سيرة أبي عبد الله، فكان بعد تهريبه للصحفيين الفرنسيين من بابا عمرو في آذار 2012 . حينها كافأه السفير الفرنسي في بيروت، وسلّمه شيكاً بثلاثة ملايين يورو، إلا أن الخولي سارع إلى تمزيق الشيك قائلاً: نحن ثوار ولسنا تجاراً، لا نريد مالاً، نريد سلاحاً ندافع به عن أنفسنا!
أسس الخولي كتائب فاروق الشمال فيما بعد، وتعد إحدى أبرز القوى العسكرية التي شُكلت منها حركة حزم، التي أُعلن عن تأسيسها في نيسان 2014، ليشغل الخولي منصب المشرف العام فيها.