- Home
- مقالات
- رادار المدينة
الجريمة تغزو القامشلي.. فشل أمني يدفع الأهالي لتنظيم أنفسهم في مجموعات حراسة
تشهد مدينة القامشلي وريفها بالعموم حالات سرقة متكررة بعضها تسبب بجرائم قتل، الأمر الذي لاقى تخوفاً من قبل الأهالي، ودفع البعض إلى تنظيم مجموعات تعمل بنوبات حراسة ليلية لأحيائهم وقراهم، وسط اتهام القوات المسيطرة بالمسؤولية عن الوصول إلى حالة التردي الأمني المنتشر.
السرقات التي جرت في عموم القامشلي منذ منتصف الشهر الجاري فقط حتى اليوم، وجاءت على شكل سطو مسلح أو تسلل أو استدراج الضحايا، شملت مصاغ ذهبية ومبالغ ومقتنيات منزلية وهواتف جوالة ومعدات كهربائية. وتوزعت في المناطق التي تخضع لسيطرة النظام و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، وتعد الحيان الشعبيان قدوربك والزيتونية وسط المدينة أكثر أحيائها تعرضاً لتلك العمليات.
حالة الخوف التي بدأت تسري بين الأهالي دفعت البعض إلى القيام بمبادرات فردية لحماية أحيائهم. فمنذ أيام بادر أهالي حي الزيتونية بالقيام بنوبات حراسة ليلية في حيهم، الأمر الذي لاقى ترحيباً من الكثيرين بعد كثرة حالات السرقة والسطو المسلح التي لم تفرق بين غني وفقير وفق تعبير دارج اليوم في المدينة.
سالم (29 عاماً اسم مستعار) شاب من حي الزيتونية طلب عدم ذكر اسمه لخوفه من ردة فعل سلطات قسد، قال لعين المدينة أن المتطوعين في مجموعات الحراسة بأعمار مختلفة، وأنهم ينظمون نوبات الحراسة الليلية بأنفسهم ودون استشارة أي سلطة، مستخدمين أسلحتهم الخاصة التي يرجح أن تكون مرخصة من قبل "الإدارة الذاتية". وأضاف سالم أن بعض الشباب المتطوعين موظفون أو عناصر لدى تشكيلات الإدارة الذاتية المختلفة. وشبه الشاب الأمر في جزء منه ب"تجمع شباب الحي للسهر أمام أحد المنازل أو في ناصية الشارع" وفق تعبيره.
وبعد انتشار الخبر على وسائل التواصل الاجتماعي وتفاعل الأهالي بإيجابية معه، ملقين باللوم في تعليقاتهم على "الآسايش" (قوى الامن الداخلي) التابعة للإدارة، تلقى الأهالي رسائل من رؤساء "الكومينات" في أحياء مدينة القامشلي، تطلب منهم انتظار قراراتها لتنظيم الأمر.
في هذا السياق قال أحمد (38 عاماً اسم مستعار) من أبناء حي قدوربك، لعين المدينة أن كومين الحي أرسل يوم أمس الجمعة رسالة على مجموعة خاصة بأهالي الحي على تطبيق واتساب، يطلب منهم الاجتماع بهم لتنظيمهم وإنشاء لجان من أجل الخروج في نوبات حراسة ليلية، في ما يبدو محاولة لضبط الأوضاع وتلافي أي تحول في صفة ومهمة المجموعات، ما قد يجعل الأمر يخرج عن سيطرة الإدارة. وحسب الرسالة التي نقل أحمد محتواها لعين المدينة، تم تحديد مساء يوم السبت موعداً للاجتماع.
وأرجع كثيرون من سكان القامشلي خلال تعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، سبب انتشار هذه الأعمال إلى حالة الفلتان الأمني التي تأتي نتيجة سوء إدارة المنطقة من السلطات الموجودة.
أحد المعلقين على خبر الحراسة الأهلي الذي نشره فريد سعدون الدكتور في جامعة الفرات على صفحته الفيسبوكية، وهو أحد الشخصيات الاجتماعية المعروفة في القامشلي، قال في تعليقه "قوانين الإدارة الذاتية الفاشلة بامتياز تفتح المجال أمام المجرمين ليمارسوا إجرامهم على أوسع نطاق. من غير المعقول أن يتم القبض على حرامي، وبعد عدة أيام تراه يتمختر في الشارع. ومن المؤسف أن لا يتم إعدام القاتل العمد بدافع السرقة أو الاغتصاب (العدوان بشكل عام).. بقاء القاتل في السجن يمنحه فرصة للخروج، ويبقى الجرح مفتوحاً لأهل الضحية؟..(ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب)"
بينما علق آخر "هذه السرقات والقتل والفوضى إهانة لقوات الأسايش والقوات الأمنية التابعة لحزب ب ي د. فإذا لم يستطيعوا تأمين الأمن في المدن والقرى فعليهم ترك هذه المهمة للشعب، وأن يرفعوا الراية البيضاء أو أن يكونوا قد المسؤولية التي هم قبلوا أن يحملوها".
أما المناطق التي تخضع لسيطرة النظام فالواقع ليس بأفضل حال من مناطق الإدارة الذاتية، فقد شهد جيب النظام في ريف القامشلي الجنوبي عمليات وأعمال عنف لم يشهد المنطقة مثيلاً لها، ولعل أقساها حادثة الثأر العشائري في قرية أبو ذويل وذهب ضحيتها 9 أشخاص نيسان الماضي، بين تكررت محاولات خطف الأطفال في قرية عمارات، وسط تحذيرات الأهالي من أن عصابات تجارة الأعضاء تقف وراء تلك المحاولات، فيما يتردد أن سكان المنطقة ينوون تنظيم مجموعات حراسة مشابهة لتلك التي في مناطق الإدارة.
يربط الصحفي سامر الأحمد من أبناء القامشلي والمقيم في إسطنبول، انتشار أعمال العنف والجريمة في مناطق سيطرة النظام بسطوة ميليشيا "الدفاع الوطني" في المنطقة وضعف الروابط الاجتماعية، إضافة إلى وضع السكان الاقتصادي المتدهور منذ عدة أشهر، فوفق الأحمد أن "لا فرص عمل، والموظفون لدى النظام لا تتجاوز رواتبهم 20 أو 30 دولاراً، وفوقها فشل الموسم الزراعي".
ويضيف "أن المنطقة تدخل منعطفاً خطيراً وسط تهاون قسد بفرض الأمن، بل ربما يكون لعناصرها وقياداتها ارتباط مع عصابات الخطف والابتزار والسرقة".
وتخضع مدينة القامشلي لسيطرة منقسمة بين قوات النظام وقسد، وتقتصر سيطرة النظام على المربع الأمني وسط المدينة ومطار القامشلي والفوج 154 المعروف بفوج طرطب وحي زنود، بالإضافة إلى جيب في ريف القامشلي الجنوبي يشمل ما يقارب 80 قرية صغيرة.