- Home
- مقالات
- رادار المدينة
الثورة لا تموت.. مظاهرات لأبناء الطبقة ترفض عودة النظام
"ما إن انتهى الخطيب من خطبته في جامع الحمزة -الجامع الأشهر ومركز مظاهراتنا السابقة بداية الثورة في مدينة الطبقة في ريف الرقة الغربي- حتى بدأنا بالهتاف... الله أكبر الله أكبر.. الشعب يريد إسقاط النظام.. هل تصدّقْ؟ إنها قشعريرة الانتصار على الخوف، إنها الفرح.. الرهبة.. لا أستطيع وصف هذا الشعور".
يصف ملهم النايف (21 عام) ابن مدينة الطبقة اللحظات الأولى لانطلاق المظاهرات من جديد أيام الجمعة في مدينته، بأنها "أعادت الروح لتلك المدينة التي قدمت عشرات الشهداء في الثورة السورية ولاتزال مستمرة في العطاء بإيواء آلاف المهجرين من كل أنحاء سوريا"، كما يصف، ويمثّل تلك الحالة بأنها أحيتهم بعد موت طويل، خاصة أن المنطقة لا تخضع لسيطرة الجيش الحر، وتملك موقعاً جغرافياً يضعها في واجهة الأحداث مقابل مناطق سيطرة النظام.
"فكرة التنسيق للمظاهرات جاءت مجدداً كردة فعل، بعد أن تفاجئنا ببيان أصدره من يسمون أنفسهم زوراً بشيوخ العشائر، يدعون من خلاله نظام الأسد للعودة والسيطرة على مدينة الطبقة، وبذات الوقت كانت تدور مفاوضات بين النظام وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" من أجل تسليم المنطقة للنظام، فكان لزاماً علينا القيام بشيء ضد هذه التحركات" يقول ملهم.
ويتابع "في البداية حاولنا أن نكثف المنشورات على برامج التواصل الاجتماعي من أجل أن نفند تلك البيانات، خاصة أن منطقتنا ذات طابع عشائري، وقمنا بتشكيل مجموعات لإيصال صوتنا في تلك المنشورات التي نوضح فيها بأن الذين ظهروا في البيان أساساً يعيشون في مناطق النظام، وغرروا بكثير من المنتفعين من النظام المتواجدين في الطبقة للتوجه إلى مناطقه، والدخول في عملية مصالحة من أجل وضع قدم لهم في المدينة وتسهيل عملية إخضاعها".
ويشرح بأن المنشورات "لم تجدِ نفعاً لأن معظم المتابعين من خارج سوريا -والناس على الأرض- لا يعرفون ماذا سيحل بهم بعد فوضى التصريحات والبيانات بين تركيا والنظام وقسد وروسيا وأمريكا، فكان خيارنا الدعوة إلى مظاهرة.. وبالفعل انطلقنا من جامع الحمزة 11 كانون الثاني الفائت لتكون بداية مظاهراتنا”، يقول ملهم.
تجمّع في ذلك اليوم عدة شبان بعد صلاة الجمعة، ينتظرهم خارج الجامع لافتات جلبها الأصدقاء، ميكروفون ومكبرات صوت، وانطلقوا بالهتافات المعروفة (الشعب يريد إسقاط النظام.. بالروح بالدم نفديك يا شهيد). تجاوب معهم العشرات خاصة من الأطفال، الذين "قدموا من كافة أحياء المدينة، فلم يكن غرضهم الصلاة فقط بل التظاهر أيضاً، والصدح بأصواتهم مجدداً بأنه لا عودة لنظام الأسد".
يصف ملهم ردة فعل الشارع بعد تلك الجمعة والجمعة التي تلتها؛ يقول إن هناك ثلاثة أصناف من المدنيين القريبين من المظاهرات، صنف شارك فيها "دون أي تتردد"، وصنف يرغب بالمشاركة ويتمنى أن تخرج تلك المظاهرات بشكل مستمر "لكنه خائف من دخول النظام إلى المنطقة"، إضافة إلى الموالين لنظام الأسد، الذين تكفلوا بتسجيل أسماء المشاركين في المظاهرات لإرسالها إلى الأفرع الأمنية، كما يجزم الشاب.
لم يتمكن منسقو تلك المظاهرات من التظاهر خلال جمعتين متتاليتين نتيجة الحظر الذي فرض على ناحية المنصورة ورُفع فيما بعد، نتيجة احتجاجات المدنيين ضد قوات "قسد" بعد مقتل أحد المدنيين هناك على أحد حواجزها.
وأكد عدد من منسقي تلك المظاهرات في حديثهم لعين المدينة، بأنهم حققوا نتيجة جيدة بعد أن اختفت أصوات المطالبين بعودة نظام الأسد وتوقف نشاطهم بشكل شبه كامل بعد أن كانوا يدعون يومياً إلى عودة النظام وعقد المصالحات. وحاولت قوات "قسد" في المدينة "العزف على وتر تلك المظاهرات من خلال دعوتهم لمناهضة التدخل التركي في الشمال السوري والتدخل المزمع شرق الفرات، لكن المتظاهرين رفضوا ذلك معتبرين أن عدوهم الأهم والأول هو نظام الأسد"، بحسب أحد منسقي المظاهرات.
الشعارات والأعداد والمشاركة -رغم قلتها- كانت رسالة واضحة أراد أبناء الطبقة أن يوصلوها لمؤيدي النظام من جهة، و لقوات "قسد" من جهة -رغم أنها لم تتعرض للمظاهرات-، بأنهم لا يريدون عودة النظام بشكل مطلق، وأن المدنيين لن يكونوا الخاسر في المعارك السياسية والعسكرية التي تحيط بهم مجدداً. يختم ملهم حديثه "نادينا بأسماء شهداء المدينة الذين تخطوا 1500 شهيد.. بحة الأصوات ودموع الشيوخ كانت كفيلة بأن نواصل ونستمر في المظاهرة الأولى التي خفنا حين كنا ننسق لها أن تصطدم بسلطة الأمر الواقع".