- Home
- مقالات
- رادار المدينة
التنمر على المعلمين في ريف عفرين
"نحن الظاهر عطيناكن وش كثير انتو المدنية" بهذه الكلمات علق العنصر في أحرار الشام بلباسه العسكري المتوشح بمسدسه على فعله الشنيع بضرب مدير المدرسة وراء مكتبه، الأمر الذي سبب صدمة لكل الحاضرين من أطفال وأولياء أمورهم والمعلمين. كلمات أسكتتهم جميعاً تحت سطوة السلاح المعلق وصدمة الفعل بحد ذاته، خاصة للأطفال الذين شاهدوا معلمهم يتلقى تلك الصفعة.
دوت الصفعة في إدارة مدرسة خالد بن الوليد يوم الأحد 16 من كانون الأول في مدينة جنديرس في ريف عفرين الغربي، إثر دخول المدعو أبو محمد (عنصر في أحرار الشام) بسلاحه الحربي لتسجيل أبنائه في المدرسة. ولأن الإدارة مزدحمة بعدد كبير من الأهالي برفقة أطفالهم لتسجيلهم في المدرسة، فقد طلب أبو محمد من مدير المدرسة الأربعيني الأستاذ يوسف أن يسجل له أبناءه أولاً قبل الحاضرين؛ كانت ردة فعل المدير طبيعية (أن التزم النظام كما باقي الأهالي وأغلبهم من النساء)، ما جعل أبو محمد يستشيط غضباً رغم محاولة المدير تدارك الأمر وتهدئته، لكن كانت النتيجة صفع المدير أمام أنظار الطلاب وذويهم والمعلمين.
هكذا تروى الحادثة في أروقة المدرسة، كبرى مدارس ريف عفرين وتضم قرابة 1800 طالب من الصف الأول إلى التاسع، ويضاف إليها الكثير من التفاصيل، فالأمر لم يقف عند هذا الحد، بل زاده أبو محمد بتوعد المدير بـ "شحطهِ" من المدرسة مغادراً بعد التهديد والوعيد، ما دفع المدير إلى الاتصال مباشرة بعدة جهات أمنية طلباً للحماية، فلم يكد يعود أبو محمد بصحبة عدة عناصر إلا وتلاه مباشرة وصول دورية الشرطة العسكرية، لتصبح باحة المدرسة تعج بالسلاح وسط كل تلك الفوضى، ووصل الأمر لحد تلقيم السلاح بحضور عدد كبير جداً من الطلاب من مختلف الأعمار مما تسبب بحالة هلع شديدة بينهم.
اصطحبت الشرطة العسكرية المدير لتقديم ضبط بالحادثة (ربما لحمايته لحظتها!)، ترافق ذلك مع انسحاب أبو محمد وعناصره، ثم إعلان المدرسين تعليق الدوام وتوقيع عريضة استنكار وقّع عليها الجميع وحملوها إلى الجهات المسؤولة في جنديرس، فاجتمعوا بقائد الشرطة العسكرية والقاضي العام وقائد الشرطة المدنية، الذين وعدوا بحل المشكلة واتخاذ التدابير اللازمة لمنع تكرار مثل هذا الحادث، مع طلبهم من مكتب التعليم في المجلس المحلي عدم إيصال الأمر إلى الإعلام!، كما تروي مصادر خاصة لمجلة عين المدينة، أما الطلاب فأظهر بعضهم تعاطفهم من خلال محاولة مواساة المدير، وتخوف البعض من وضع المدرسة بعد الحادثة الأخيرة وأبدى البعض رغبته بتركها نهائياً.
كان من الممكن أن تمر الحادثة دون أن تجلب اهتمام أحد، مثلما حدث في مرات سابقة جرى فيها الاعتداء على مدرسين في جنديرس (وغيرها في المنطقة؟)، كما يشرح أحد المطلعين على الحادثة والمقربين من كادر مدرسة خالد بن الوليد لعين المدينة، فقبلها بأيام اعتدى عدد من عناصر فصيل فيلق الشام على مدير مدرسة أخرى بالضرب المبرح في بستان الزيتون الخاص به، و"الحجة كانت مشكلة في البستان، لكن السبب الحقيقي مشكلة في المدرسة؛ ليعود هذا المدير لإسقاط حقه خوفاً على نفسه، وتحت التهديد من قبل العناصر باتهامه أنه ينتمي لحزب العمال الكردستاني"، ما دفع القضاء لإنهاء القضية بسبب إسقاطه لحقه دون البحث وراء الحق العام.
ويتابع المصدر الذي يرى في الحديث عن حوادث وقعت لمعلمين بعينهم قد تعرضهم للخطر ويفضّل لذلك لفت الانتباه فقط إلى الشناعة في تلك الحوادث، أنه في فترة سابقة وفي نفس المدرسة تهجم أحد أولياء الأمور التابع لفصيل عسكري مطالباً أن يحاسب بنفسه المعلمة التي يدعي أنها ضربت ابنه في الصف الرابع، ليتم تدارك الأمر بمنع ذلك من قبل الإدارة. ولم يقف الأمر عند الآباء، فانتقلت عدوى الحلول العنفية والتهديد بالسلاح إلى الأبناء، لتقوم طالبة في الصف الثاني بتهديد أستاذها بوالدها القائد.
بعد حادثة ضرب المدير والاهتمام الذي لقيته من مسؤولي جنديرس، طالبت الشرطة العسكرية فصيل أحرار الشام بتسليم العنصر، وأودع في السجن مع عناصره الذين رافقوه ل"شحط" المدير كما توعد، وشددت الشرطة العسكرية -إثر التحرك- لحماية الكادر التدريسي بأن "المدارس حرمٌ عام يمنع الاعتداء عليه أو إدخال السلاح إليه"، وخصصت دورية يومية لحماية مدرسة خالد بن الوليد، أما قائد أحرار الشام فاعتبر الأمر قضية حق عام يجب أن تتابع مجراها القانوني بعد أن أسقط المدير حقه (خوفاً على نفسه؟)، مقدماً شديد الاعتذار واعداً بعدم تكرار ذلك الفعل، فهل سيمنع ذلك من تكراره حقاً؟.