- Home
- مقالات
- رادار المدينة
ألغام داعش تفتك بالعائدين إلى بيوتهم في الكشكية وأبو حماموالتنظيم يختم حكايته بالقتل مثلما بدأها مع عشيرة الشعيطات
منذ طرد تنظيم داعش من بلدتي أبو حمام والكشكية –شرق دير الزور- في أواخر شهر كانون الأول الماضي، ثم بدء عودة الأهالي النازحين إليهما، وقعت أكثر من(60) حادثة انفجار لألغام مختلفة الأنواع، زرعها تنظيم داعش في البيوت والشوارع والمحلات التجارية في البلدتين، أودت بحياة (8) رجال، و(4) نساء، و(7) أطفال، وتسببت بإصابة العشرات بتشوهات وبتر أطراف.
بعد أقل من ساعة من وصولها منزلها في حي (صنيدح) في بلدة الكشكية قضت سالمة (32) عاماُ، وهي أم لطفلة وحامل في الشهر الأخير، بانفجار لغم مزروع في تنور على أطراف المنزل. في حادثة أخرى ببلدة أبو حمام، ولم تكن أم أحمد تدرك الخطر الذي ينطوي عليه تحريك حصير داخل منزلها وقت عودتها من النزوح، إذ ربط فيه لغم تسبب لها بإصابة بالغة أدت لبتر قدميها.
مع اقتراب قوات «قسد» في هجومها ضد تنظيم داعش من الكشكية وأبو حمام، كثف التنظيم عمليات زرع الألغام داخل البلدتين وحولهما، كأسلوب دفاعي نجح فعلياً بتأخير تقدمها. لكن الأهالي يرون أن لداعش غاية أخرى غير أعمال القتال من وراء ألغامها، وهي الانتقام والمزيد من التنكيل بعشيرة الشعيطات التي يتحدر أغلبية سكان البلدتين منها، إذ ترغب داعش أن تختم أيامها مع الشعيطات بمذابح كالتي بدأتها بها صيف العام 2014، حسب ما يفسر كثير من أبناء الشعطيات كثافة الألغام في ديارهم مقارنة بغيرها من القرى والبلدات التي انتزعتها قسد من سيطرة داعش.
لم تبذل قسد بعيد سيطرتها على البلدتين أي جهود خاصة بشأن الألغام، واكتفت بتنظيف بعض الشوارع الرئيسية التي تمر بها عرباتها، وبعض البيوت التي اتخذتها مقرات لعناصرها، ولم تظهر في البلدتين أي فرق محترفة لنزع الألغام، ما اضطر الأهالي العائدون من النزوح إلى الاعتماد على أنفسهم في انتزاع ما يمكن انتزاعه من الألغام.
يقول شهاب الطعمة وهو إعلامي سابق من بلدة أبو حمام، إن شباناً من البلدة عثروا على لغم في أحد المنازل وفككوه، لكنه كان مرتبطاً بلغم آخر في البيت، انفجر مباشرة وأودى بحياة ثلاثة شبان على الفور، فلا مجال للخطأ أبداً في التعامل مع الألغام، لأن «الغلطة الأولى هي الأخيرة».
يلجأ الأهالي إلى طرق بسيطة في الكشف عن الألغام، إذ يعتمدون أحياناً على المواشي من الأغنام لتمشيط الحقول والمساحات الفارغة، لكن ذلك لا ينفع إلا بقدر محدود، ففي واحدة من الحوادث اليومية تقريباً، سيّر أحد الفلاحين قطيع أغنامه في حقل للكشف عن الألغام التي لم ينفجر أي منها مع حركة الأغنام، لتنفجر ثلاثة منها لاحقاً حين سقى الحقل، وبلا خسائر هذه المرة.
لاحظ الطعمة تفاوت نسبة الألغام المزروعة بين حي وآخر، وشارع وآخر في بلدته وعلى أطرافها، حسب المحاور المتوقعة لهجوم قسد. لكن ذلك لم يخفف ،حسب ما يقول، من عمليات تفخيخ وتلغيم تبدو بلا أي فائدة عسكرية. ويشيد بشجاعة بعض الشبان المتطوعين من تلقاء أنفسهم للكشف عن الألغام وتفكيك ما يمكن تفكيكه منها، معتمدين على خبرات سابقة اكتسبوها خلال التحاقهم بالجيش الحر، أو خلال تأديتهم الخدمة العسكرية في جيش النظام.
وأثناء تصاعد حدة القتال في الصيف والخريف الماضيين، نزح عشرات الآلاف من السكان الباقين تحت سيطرة داعش باتجاهات مختلفة، في المناطق الواقعة تحت سيطرة «قسد» في محافظات الرقة والحسكة وجزء من دير الزور. وما إن رحلت داعش حتى بدأت حركة العودة. وحسب تقديرات أهلية، عاد إلى بلدتي الكشكية وأبو حمام (40)% تقريباً ممن نزحوا عنهما منذ الصيف الماضي، والنسبة آخذة بالارتفاع. يدرك العائدون الخطر الذي تمثله ألغام داعش، لكنهم يفضلون مواجهتها على البقاء كنازحين في العراء في البادية، أو في خيم لا تقيهم برد الشتاء.