- Home
- مقالات
- رادار المدينة
ألعاب الإنترنت في إدلب.. جني للمال أم هوس
تحول مؤخراً اللعب بالألعاب الإلكترونية التنافسية التي لا تخضع لمنطق الجغرافيا، أو ما يسمى (E sports)، إلى هوس لدى أغلب اللاعبين في سوريا، والسبب في ذلك يعود إلى توفر الإنترنت وانتشار الهواتف الذكية بين فئة الشباب بشكل خاص، كما تشكل الأرباح التي يجنيها اللاعبون من هذه الألعاب الدافع الأكبر للولع بها.
وقد انتشرت في الآونة الأخيرة العديد من ألعاب الإنترنت، التي يتم اللعب فيها مع أشخاص متواجدين على الشبكة العنكبوتية، في أي مكان في العالم، فاليوم أنت لم تعد مقيداً باللعب مع جهاز الكمبيوتر أو مع شخص تراه أمامك، وإنما يمكنك اللعب مع شخص في الولايات المتحدة مثلاً، وأنت في إدلب تجلس في بيتك، ويمكن أن يصل التحدي بينكما إلى ذروته.
"لك والله من الفضى والملل، والنت رخيص نوعاً ما ومتوفر“.. هكذا برر محمد الأحمد قضاء معظم وقته على ألعاب الشبكة العنكبوتية. ومحمد شاب سوري يقضي معظم وقته على لعبة البوبجي (PUBG) يقول لـ“عين المدينة“: "أقضي كل هذا الوقت أملاً في أن يصل حسابي في اللعبة إلى مستوى مرتفع لأبيعه بمبلغ جيد، لكن الأمر يحتاج إلى وقت وصبر"، واستدرك: "لا أنكر أن قضائي لهذا الوقت تسبب لي بمشاكل مع أهلي وبعض أصدقائي، لكنني أجد أن التفكير في ترك هذه اللعبة صعب جداً، ولم يعد يمكنني أن أتخيل نفسي بدونها".
لم يكن يتوقع أحد من الشباب السوريين، أن لعبه وتسليته ستدر عليه أرباحاً تفوق تصوره، أو أن يكسب قوت يومه من وراء اللعب؛ ذلك اللعب الذي كان سابقاً يعتبره الشخص مضيعة للوقت، أصبح اليوم مصدراً للربح.
وفي كل عام تظهر لعبة جديدة تطغى على سابقاتها، وتستقطب أعداداً أكبر من ”المهووسين“، وفي كل لعبة جديدة تلاحظ التحسينات والتفاعل فيها بشكل أكبر من اللعبة التي سبقتها، وهذا ما يزيد من انجذاب اللاعبين إلى تلك الألعاب الجديدة. وتحتل حالياً لعبة البوبجي، وهي لعبة القتال والمواجهات مع اللاعبين المجهولين، مكانة مميزة بين اللاعبين الإلكترونيين على الصعيد العالمي.
يشرح أحد ”مدمني“ اللعبة في مدينة إدلب لـ“عين المدينة“، أن عمله في اللعب يعود لسنوات سابقة، بدأها بلعبة كلاش (clash of clans) التي كان ينمي فيها حسابات شخصية ثم يعرضها للبيع، أما لعبة بوبجي فبدأ العمل/اللعب بها مع بداية العام 2019، ومن يومها تستحوذ عليه لأنها "تشعر الشخص بأنه في معركة حقيقية"، بينما لم تتغير طريقة كسبه للمال منها عن طريق تنمية حسابات عليها ثم بيعها بمبالغ تتراوح بين 50 و100 دولار.
يقول الشاب الذي طلب عدم ذكر اسمه الكامل: "الوقت المهدور لا يتناسب مع المردود أو الأجر الذي يحصل عليه اللاعب، ولكن هذا يكون في بداية اللعب وعندما يكون اللاعب ذا خبرة ضعيفة، ولكن عندما يصبح بخبرة جيدة يمكن أن يحصل على مردود جيد مثل الأمريكي كايل غيرسيدورف الذي أصبح مليونيراً وهو لا يزال طالباً في الثانوية ولا يتجاوز عمره 16 عاماً، بعد ما فاز بلقب بطولة كأس العالم للعبة فورتنايت (fortnite) التي يمثل مجموع جوائزها ثلاثين مليون دولار، وتبلغ قيمة جائزة المركز الأول ثلاثة ملايين".
وفي حين ينتشر في الإعلام العربي الجدل الدائر حول هذه الألعاب، خاصة في مصر والعراق حيث تسببت بحالات طلاق وصدور فتاوى من بعض الشيوخ بتحريم اللعب بها، يقتصر الجدل في سوريا حولها على تبديد الوقت والهوس المرضي والعزلة الاجتماعية وإهمال الواجبات.
والدة محمد تقول لـ“عين المدينة“: "أنا غير موافقة على هذا الوضع الذي يمر به ابني، وأتمنى أن أجد حلاً يمكنني أن أبعده من خلاله عن هذه الألعاب، لأنها تلهيه عن دروسه. أصبح معزولاً عن رفاقه ولم يعد يسأل عنهم وعن غيابهم عنه لفترات طويلة، وسريع الغضب خاصة عندما أناديه ليقوم ببعض الأعمال خارج المنزل".
الاخصائي النفسي عبد الله الزيدان يقول لـ“عين المدينة“: "حسب منظمة الصحة العالمية فإن الشخص لا يصنف مدمناً على الألعاب الإلكترونية إلا بعد أن يمضي ١٢ شهراً على هذه الألعاب"، ويضيف: "الهوس بهذه الألعاب ومتابعتها لساعات طويلة يؤدي إلى تأثير على عواطف وأفكار الشخص وهذه العواطف والأفكار تتحول في النهاية إلى سلوك، ومعظم الألعاب المنتشرة في وقتنا تتميز بصفة العنف والقتل".