- Home
- مقالات
- رادار المدينة
أزمة المياه في ريف حماة الجنوبيّ تنذر بكارثةٍ إنسانية
تقع بلدة طلِّف غرب ناحية حربنفسه بريف حماة الجنوبيّ. وتعدّ من القرى المحاصرة بسبب قطع جميع الطرق المؤدية إليها. ويبلغ عدد سكانها حالياً حوالي 12000 نسمةٍ من أهلها ومن النازحين من مناطق أخرى.
تعرّضت البلدة لحملةٍ عسكريةٍ من النظام السوريّ وحليفه الروسيّ منذ بداية عام 2016، استمرّت لعدّة شهور، وأسفرت عن تدمير البنى التحتية ومنها شبكة الكهرباء، بعد أن عمد الطيران إلى استهداف أبراج التوتر العالي والمحولات الكهربائية، مما سبّب انقطاع الشبكة الكهربائية بشكلٍ كامل، وأدى الى توقف عمل مضخة البئر الوحيدة الموجودة في البلدة، وأسفر عن نشوء أزمة مياه.
يقول محمد الخليل، رئيس مكتب الخدمات في مجلس طلف المحليّ، لـ«عين المدينة»: «مشكلة المياه في البلدة مشكلةٌ قديمة، لأن البلدة كبيرةٌ وتحوي أعداداً كبيرةً من النازحين، وبئرٌ واحدةٌ لا تكفي حاجة الناس. كنا نعاني لإرواء الأحياء مع وجود الكهرباء، فكيف مع الحملة العسكرية التي أدت الى تدمير شبكة الكهرباء وخروجها عن الخدمة، مما تسبب في تضاعف المشكلة وانقطاع مياه الشرب عن منازل السكان». أما سبب عدم تشغيل مضخة البئر على محرّك الديزل الذي يعمل على المازوت فهو عدم وجود الإمكانية المالية لدى المجلس المحليّ. لأن محرّك الديزل يحتاج الى 20 ليتر مازوت في الساعة، ويصل سعر الليتر في المناطق المحاصرة إلى 500 ليرةٍ سورية. ولإرواء الأحياء تحتاج البلدة إلى تشغيل المضخّة من ست الى ثماني ساعات يومياً، مع تقسيم الأحياء إلى ثلاثة أقسامٍ بشكلٍ تصل فيه المياه إلى المنازل مرّةً كل ثلاثة أيام. ولكن غياب الجهات الداعمة حال دون تنفيذ ذلك.
وللحدّ من تفاقم الأزمة عمل المجلس المحليّ على تشغيل المضخة لمدة ساعةٍ يومياً، وتعبئة الصهاريج التابعة له وإيصال المياه إلى الأهالي بسعر التكلفة، فوصل سعر الخزّان سعة ألف ليترٍ إلى 700 ليرة، وهو ما رآه البعض مبلغاً كبيراً بالنسبة إليهم بسبب أوضاع المنطقة. وقد حدثنا أبو أحمد، أحد سكان البلدة، أنه لا يملك حتى ثمن ملء الخزان لأن وضعه المادي سيئٌ جداً بسبب عدم وجود دخلٍ يعينه وعائلته، فلجأ إلى فتح البئر السطحيّة الموجودة في منزله منذ زمنٍ وتنظيفها وإعادة استخدامها، باستخراج المياه عن طريق الدلو لتأمين احتياجاته واحتياجات جيرانه من الماء. وعملت بعض العائلات على حفر آبارٍ سطحيةٍ في منازلهم تصل إلى عمق 20 متراً، لجمع المياه في الشتاء واستخدامها في الصيف. ولكن استعمال مياه الآبار السطحية ينذر بكارثةٍ صحية، لأن هذه المياه ملوثةٌ وغير صالحةٍ للشرب نتيجة عدم استخدام المعقمات.
خلفت أزمة المياه آثاراً سلبيةً على سكان البلدة، ودفعت العديد من العائلات التي تسكنها إلى النزوح إلى مناطق أخرى. ومن آثارها أيضاً انتشار الأمراض بشكلٍ كبير، فقد سجلت النقاط الطبية والمركز الطبيّ في البلدة العديد من حالات التسمم بسبب المياه والالتهابات المعوية والجرب والتهاب الكبد الوبائيّ من نوع A (المعروف بمرض اليرقان) الذي انتشر بشكلٍ كبيرٍ وخصوصاً بين الأطفال.
وأطلق المجلس المحليّ عدة نداءات استغاثةٍ للمنظمات الإنسانية والدولية، ولمجلس محافظة حماة الحرّة، ووضعهم في صورة الوضع وحجم المشكلة المتفاقمة في ظل انقطاع مياه الشرب. وحدثنا رائد رفعت، مسؤول التواصل في المجلس المحليّ، أنه عمل على دراسة عدّة مشاريع لحلّ مشكلة المياه وتقديمها إلى مجلس المحافظة ليقدّمها بدوره إلى المنظمات المختصّة في دعم قطاع المياه ولكن دون جدوى، لأن المنظمات والهيئات الداعمة ترفض دعم أيّ مشروعٍ في ريف حماة الجنوبيّ بحجّة أن المنظمات غير قادرةٍ على دخول المنطقة لأنها محاصرة، رغم وجود كوادر بين الأهالي من الاختصاصيين ذوي الخبرة وممن لديهم القدرة على تنفيذ المشاريع.
بالرغم من كل هذا التدهور، المستمرّ منذ عامٍ تقريباً، في قطاع المياه، لا يوجد أيّ دورٍ لأيّ منظمةٍ للمساهمة في الحدّ من معاناة السكان وتوفير أبسط مقوّمات الحياة لهم في ظلّ الحصار المفروض على ريف حماة الجنوبيّ منذ أكثر من أربع سنوات.