- Home
- مقالات
- رادار المدينة
(الأضحية عن بعد) في سوريا.. اختلاف الوكلاء وتفاوت الأسعار
في مثل هذا الوقت من كل عام يبدأ السوريون المغتربون واللاجئون في مختلف دول العالم بالبحث عن جمعيات أو أشخاص من معارفهم سواء أكانوا أصدقاء أو أقارب في سوريا، لإرسال مبالغ مالية من أجل تقديم أضحية "عن بعد" أسوة بباقي السوريين الذين يقدمون الأضاحي ولكن بإشرافهم الشخصي.
يفضل العديد من أبناء سوريا المقيمين في الخارج الاستعانة بأقاربهم أو معارفهم للاهتمام بأمور الأضحية عن بعد، أكثر من الاعتماد على الجمعيات الأهلية الخيرية، وذلك لارتفاع الأسعار في الجمعيات بالمقارنة بالأسعار الحقيقية للأضاحي في الأسواق.
أبو محمد (38 عاماً) من القامشلي ويقيم في فيينا عاصمة النمسا، اختار أن يضحي هذا العام في أحد مخيمات إدلب بالاستعانة بصديقه هناك. يقول أن نسبة كبيرة من السوريين اللاجئين في أوروبا يقدمون الأضاحي في بلدهم سوريا، ويربط الأمر بعدم وجود طقوس مشابهة لطقوس العيد في دول اللجوء الأوربية، حيث يمنع ذبح الحيوانات في البيوت ويقل عدد المسالخ التي تتولى أمور الأضاحي، كما تختلف الحياة الاجتماعية عما اعتاد عليه اللاجئون في بلدهم الأصلي، فلا أقارب ولا معارف ولا أصدقاء يمكن توزيع لحم الأضحية بينهم.
ويستطرد أبو محمد "اللاجئون في أوروبا أوضاعهم المادية جيدة، فهم يأكلون اللحمة بالأسبوع أكثر من مرة، أما في الداخل ربما ينتظرون العيد لكي يأكلون لحمة الغنم".
وبالنسبة إليه يقول أبو محمد أنه أرسل 100 دولار إلى صديقه وأوكل إليه القيام بالإشراف على الأضحية بدلاً عنه، بينما أرسل إخوته المقيمون في أوروبا أيضاً إلى أحد معارفهم للتضحية في ريف القامشلي حيث تعيش الكثير من العوائل أوضاعاً مادية بمنتهى السوء.
يفضل البعض الأضحية عبر الجمعيات الخيرية التي تتولى توزيع اللحوم وفق خطط استهدافها الخاصة في سوريا، وهو ما نشطت فيه الجمعيات منذ ما يقارب العشر سنوات. وأعلنت العديد من الجمعيات عبر معرفاتها على وسائل التواصل الاجتماعي عن حملات الأضاحي، مثل منظمة "البنيان المرصوص الإنسانية" العاملة في مدينة إدلب وريفها وريف حلب الشمالي، التي أطلقت حملتها على صفحتها في "فيسبوك" تحت شعار "نذبح عنك ونطعمها من يستحق"، مرفقة الحملة برابط للتبرع وأسعار الأضاحي، حيث بلغ سعر الخروف لديها 175 دولار.
يقول سليمان (29 عاماً ويقيم في ألمانيا) أن إعلانات الجمعيات عن الأضاحي تملأ المواقع وصفحات الفيسبوك، لكن الكثير ممن يعرفهم لا يثقون بها لأنهم لا تستطيعون التأكد من أن الأضحية بنفس مواصفات الإعلان. كما عبر البعض ممكن تحدثت إليهم عين المدينة عن تبرمهم من الأسعار المرتفعة التي تضعها الجمعيات للأضاحي.
وعن آلية عمل الجمعيات يوضح نوار رهاوي مدير المكتب الإعلامي في هيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات IHH التركية في مدينة رأس العين، أن هناك حملات إعلانية دورية تطلقها المنظمة قبل عيد الأصحى بشهر للتبرع الإلكتروني، ومن خلال التبرعات التي تأتي للهيئة تخصص لكل فرع لها مبلغاً محدداً يستخدم لشراء الأضاحي.
الحملة التي كانت قد أطلقتها الهيئة منذ شهر، حددت فيها سعر الأضحية ب 130 دولاراً تتضمن كافة المصاريف من شراء الأضحية إلى نقلها إلى ذبحها وتوزيعها، إضافة إلى الاهتمام بها إلى أن يحين موعد التضحية بها.
يذكر رهاوي أنهم اشتروا الأضحية بسعر يصل إلى 1300 ليرة تركية (76 دولاراً) للخروف الواحد الذي يتجاوز وزنه حياً 60 كغ، وأنهم اشتروا 120 خروفاً لهذا العيد، واستأجروا أرضاً لرعيها، وتعاقدوا مع راعٍ للاهتمام بالقطيع، يضاف إليها مصاريف أخرى للعلف والنقل والعلاج ثم الذبح، ولفريق مكون من أربعة أشخاص لشراء الأغنام.
ويضيف رهاوي أنهم بدأوا الشراء قبل عيد الأصحى، لذلك كانت الأسعار أرخص، على عكس أسعارها المرتفعة اليوم مع اقتراب يوم العيد.
ويتابع "نقوم بتنظيم إيصالات استلام للمستفيدين تضمن مكان وزمان الاستلام، وأن الذبح وتقطيع الأضاحي سيتم في ثاني أيام العيد، وفي مكان مخصص ضمن دائرة بناء البلدية والخدمات، وأن توزيعها للأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة والعوائل المحتاجة في ريف مدينة رأس العين".
ويختم بأن كادراً متطوعاً مكوناً من 10 أشخاص سيعمل على الإشراف والتوزيع على الأهالي، وأنه تم تشكيل لجنة متابعة ومراقبة لتشرف على نظافة المكان، بينهم مجموعة للإشراف على وزن الحصص الذي سيكون بحدود 3 كغ لكل حصة.
تختلف أسعار الأضاحي في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة من مدينة أو بلدة إلى أخرى تبعاً لتوفر الأعلاف وانفتاح المنطقة واستنزاف ماشيتها بالتهريب إلى خارجها، حيث تشهد انخفاضاً ملحوظاً في منطقة "نبع السلام" حتى يصل سعر الخروف إلى 900 ليرة تركية (52 دولاراً)، بينما يرتفع سعره في مناطق "درع الفرات" و"غصن الزيتون" إلى أكثر من 200 دولار أمريكي. أما في إدلب وأريافها فيتراوح سعر الخروف بين 100 و150 دولار.
يذكر أنه مع في كل عام ومع اقتراب عيد الأضحى، تشهد أسواق المواشي ارتفاعاً في الأسعار نتيجة تزايد الطلب عليها، إما من قبل الأهالي أو الجمعيات والمنظمات الخيرية على عكس أسعارها في بقية أيام السنة. وذكر العديد ممن تحدثت إليهم عين المدينة أن الإقبال على شراء الأضاحي تراجع هذا العام بسبب الأوضاع السيئة التي يمر بها سكان إدلب وريف حلب، إلى ريفي الحسكة والرقة الشماليين.