- Home
- مقالات
- رادار المدينة
(إذا مات عصفور فقد العالم لحناً).. عن أحمد عزيزة الذي نال الشهادتين في أورم الكبرى
"إذا مات عصفور فقد العالم لحناً" كانت آخر العبارات التي صورها الشهيد الإعلامي أحمد عزيزة، وهو يوثق جدران مدينته حلب، قبل التهجير القسري نهاية عام 2016. لم يكن يعرف أنه يوثّق موته، حين تفقد الثورة لحناً آخر من ألحانها، ليضاف إلى 426 إعلامياً قتلوا خلال سنوات الثورة وثقتهم رابطة الصحفيين السوريين حتى شباط 2018.
لم يمنعه صغر السن من الالتحاق بركب الثورة السورية منذ بدايتها، فأحمد محمود عزيزة من مواليد حلب 1998، ينتمي لعائلة شاركت في الحراك الثوري منذ بدايته، والده الإعلامي "أبو العز الحلبي" وأخوه حميدي الحلبي "أصغر إعلاميي الثورة".
بعمر 16 سنة ترك أحمد مقاعد الدراسة نتيجة القصف والمعارك الدائرة والتحق بدورات التمريض والإسعافات الأولية ليبدأ العمل في المشافي الميدانية (مشفى البيان في حي الشعار ونقطة طبية في حلب القديمة)، وكمتطوع في جمعية القلوب الرحيمة وممرض ضمن كتائب الصفوة إضافة إلى المكتب الطبي في مجلس المدينة، يقول والده لـ عين المدينة.
التحق الشاب الشهيد بمهنة الإعلام والتوثيق (على خطى والده) كمراسل ميداني لشبكة حلب نيوز والشبكة السورية لحقوق الإنسان (مجاناً) وبعض المواقع والصحف العربية، ليساهم في توثيق جرائم الأسد وتغطية ما يحصل في مدينته وإيصال صوته مع الصور التي التقطها إلى العالم، يقول مصطفى العبدالله مدير مكتب حلب اليوم "لم يعرف في حياته غير الثورة، عاش طفولته في حلب حتى خرج منها، غالباً ما كنا نشاهده على دراجة نارية يتنقل بين الأحياء بابتسامة لا تفارق وجهه لتغطية المعارك والقصف لجميع الوكالات الإعلامية"، ليخلص إلى القول "كان أحمد مخلصاً لا يعرف من حياته سوى الثورة وسوريا".
تعرض لإصابات خطيرة خلال عمله الإعلامي، ولكنها لم تضعفه بل كان مثال الشاب الطموح المخلص، وكان له "شرف البقاء في حلب أثناء الحصار" على حد قول والده، إلى أن خرج مع المهجرين إلى مدينة الأتارب ثم إلى قرية أورم الكبرى (15 كم جنوب غرب مدينة حلب)، إذ تابع عمله الإعلامي في شبكة حلب نيوز وشبكة عيون سوريا، وقدّم المئات من صوره إلى الصحف والمواقع السورية، وأسس مع زملائه الإعلاميين "اتحاد إعلاميي حلب وريفها".
حصل أحمد منذ شهر تقريباً على شهادة التعليم الأساسي بعد غياب 6 سنوات عن مقاعد الدراسة، "كانت فرحة كبيرة لنا ولأحمد بعد الجهد والتعب الكبيرين، في التوفيق بين دراسته وعمله" وبدأ التحضير لدراسة الثانوية "اتفقنا أن يتقدم لامتحان الثانوية في العام المقبل، ليدرس الفرع الأدبي، كان يطمح أن يدرس في كلية الإعلام" يخبرنا والده الذي ينعي ابنه الشهيد، خلال تغطيته للقصف الجوي الروسي على قرية أورم الكبرى يوم أمس الجمعة "أحمد خرج لتغطية القصف على البلدة بعد الغارة الروسية الأولى التي استهدفت القرية في تمام الساعة السابعة مساءً، ليعاود الطيران ويقصف مكان وجوده، مما أدى إلى استشهاده إلى جانب 37 مدنياً آخرين".
نال أحمد "الشهادتين" كما عبر أصدقاؤه في رثائهم له، ليجمعوا على دماثة خلقه وحضوره المرح وخجله الذي لا يفارقه كما ابتسامته، وكان آخر ما كتبه الإعلامي الشهيد على صفحته الشخصية في الفيس بوك عن الطفل يوسف، "كثيرة هي وجوه الأطفال الذين حمل بعضهم كفنه مبكراً، هؤلاء في عمر الزهور، فلم تفرق آلة الحرب بينهم وبين الكبار، ولم تستثنهم فوهات البنادق".