نسوة داعش في مخيم الهول .. أم براء العراقية لعين المدينة: لا أتحدث مع مرتدين وكفار

خارجون من الباغوز (رويترز)

في نهاية العام الماضي وخلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، تضاعف عدد نزلاء مخيم الهول للنازحين شرق الحسكة ليصل إلى أكثر (70) ألف شخص، جاء معظمهم من منطقة سيطرة تنظيم داعش الأخيرة قبل سقوطها بيد "قوات سوريا الديمقراطية/ قسد" شرق دير الزور، وبينهم عشرات آلاف النسوة والأطفال من عائلات عناصر التنظيم.

تنكر أم أمجد (وهي سيدة أربعينية من ريف حلب) أي صلة لها بتنظيم داعش، بالرغم من إقامتها الطويلة في مناطق سيطرته، ثم تنقلها حيثما انسحب التنظيم: من مدينة الباب قبل أن يحررها الجيش الحر، إلى مدينة الميادين قبل أن يسيطر عليها النظام، إلى بلدة الشعفة؛ لتهرب قبل (4) أشهر من هناك مع ابنها وأمها وشقيقتها مشياً حتى وصلت منطقة سيطرة "قسد"، لينتهي بها المطاف في مخيم الهول، وهي تحاول اليوم الخروج منه والالتحاق بعائلتها الكبيرة وأقاربها في ريف حلب.

في هذا المخيم تبدي منتميات سابقات لتنظيم داعش آراء ومواقف جديدة نحو التنظيم، فهو "من قتل أبرياء… وجلب الويلات… وتسبب بهالخراب" وفق ما تقول بعضهن ممن يبدين الندم، و يعترفن بأنهن كن "مخدوعات وضحايا" لأكاذيب التنظيم ودعايته.

تقول أم أمجد لعين المدينة إنها خاضت نقاشات طويلة في المخيم مع نسوة منتميات لتنظيم داعش، "بعضهن ندمانات واعترفوا بالحقيقة، والبعض التاني يكابر ولسا مصر انه الدولة على حق"، وتستشهد خلال نقاشاتها بممارسات داعش، وهي التي عاشت وقتاً طويلاً في ظل سيطرته "ظلم وتمييز أيام قوته"، وأيام ضعفه أيضاً أثناء الحصار باحتكار المواد الغذائية والأدوية وتوزيعها على عناصره وعائلاتهم فقط، ما تسبب بوفاة أم وأطفالها الأربعة من الجوع في مدينة هجين حسب ما تقول.

ما تزال أم براء وهي سيدة عراقية في العشرينات من العمر متمسكة بإيمانها السابق أن داعش هي "الإسلام الحق"، وأن الهزائم المتتالية التي مني بها التنظيم إلى حد تلاشت فيه "أرض الخلافة" ما هي إلا محنة ك"محنة النبي قبل هجرته إلى المدينة المنورة"، حسب ما تعتقد ويعتقد مثلها كثيرات من المنتميات إلى التنظيم، لا سيما في أوساط العراقيات منهن وغيرهن من الجنسيات العربية الأخرى، بالرغم من إبداء بعضهن الندم والرغبة في العودة إلى بلادهن.

رفضت أم براء الحديث مباشرة أو عبر أم أمجد لعين المدينة، لأنها (أي أم براء) لا تتحدث إلى "مرتدين وكفار"، ومثلها أجابت نساء أخريات من جنسيات عربية مختلفة، فيما استجابت "أم أحمد" وهي سورية من ريف حلب وأرملة قائد محلي في صفوف التنظيم، وأعلنت عن تمسكها ب"الدولة الإسلامية" حتى لو "انحازت" ولم يبقَ لديها أرض. وتباهت بأنها قادت مظاهرة "مع الأخوات" ضد "قسد لأن كان بدهن يفرقونا وياخدونا على مخيم بالصور ونحن بدنا نكون مع بعض بمخيم الهول".

بعد سلسلة شجارات بدأتها نساء داعش ضد نساء أخريات، كان أشهرها هجوم امرأة من داعش على امرأة أخرى تعرفها وضربها بعصا لأنها خرجت كاشفة عن وجهها من غير خمار، قبل أن يتطور الهجوم إلى عصيان جماعي ومظاهرة هاجمت فيها نسوة داعش نقطة طبية، ما دفع إدارة المخيم إلى عزلهن في قسم خاص، غير أن هذا الإجراء لم يوقف الصدامات التي يمكن أن تقع في السوق والمراكز الطبية والإدارية المشتركة لجميع أقسام المخيم.

ورغم عزلهن، تقع أحياناً شجارات بين نساء داعش لأسباب تافهة، أو بسبب السلوك العنيف لبعضهن تجاه الأخريات. مثل ما حدث بسبب "علبة مرتديلا" من لحم الدجاج، قالت واحدة إنها "ليست حلال لأنها لم تذبح وفق الشريعة الإسلامية" قبل أن تلقيها في حاوية القمامة، ما أوقع شجاراً واسعاً وتهماً متبادلة ب"الغلو" أو "التخلي عن تعاليم الدين". وداخل الخيم تعقد جلسات جماعية تلقى فيها دروس وعظات يدور معظمها عن "باب المِحَن" التي يتعرض لها المسلمون في حياتهم. تقول أم أمجد إنها سمعت إحدى الواعظات تقول "ما صار فينا هيك إلا بسبب هالمنافقين، اللي كانوا يساووا حالهن مسلمين بأرض الدولة، ولما وصلوا لهون قلبوا كفار من أول يوم.. سبحان الله"