مدينة إدلب تنتخب مجلسها المدنيّ

لقاءاتٌ تعريفيةٌ واجتماعاتٌ تحضيريةٌ يعقدها المجلس المدنيّ المنتخب لمدينة إدلب، في خطوةٍ جديدةٍ من نوعها تهدف إلى تنظيم وهيكلة الشؤون الإدارية، بعد عامين تقريباً على تحرير المدينة من قبضة النظام. وذلك لانتخاب المكتب التنفيذيّ المؤلف من رئيسٍ وستة أعضاء، سيتولى إدارة شؤون المدينة بعد تشكيل مكاتبه، ومنها المكتب الماليّ ومكتب العلاقات العامة ومكتب الرقابة ومكتبٌ للهندسة والتخطيط وغيرها.

بعد مشاورات دامت أربعة أشهرٍ بين فعاليات مدينة إدلب، ممثلة بـ«البيت الإدلبي» و«مجلس الأعيان العام» وأعضاء «مجلس المحافظة» وبين إدارة جيش الفتح، تم التوصل إلى مذكرة تفاهمٍ تنصّ على نقل المؤسّسات الخدمية والمدنية إلى مجلسٍ منتخب، خلال مدة ثلاثة أشهرٍ بعد انتخابه، في محاولةٍ من أهالي المدينة تفعيل دور المكاتب الخدمية بشكلٍ أفضل وتطوير خدماتها لتخفيف أعباء الحرب الدائرة في البلاد عن الناس.

وقد عقد رئيس مجلس إدارة إدلب، محمد الأحمد، مؤتمراً صحفياً أوضح خلاله نقاط الارتباط بين إدارة جيش الفتح والمكتب التنفيذيّ التابع للمجلس المدنيّ، وأكد أن إدارة جيش الفتح ستسلم المديريات الخدمية للمكتب التنفيذي بعد انتهائه من ترتيب أوراقه الداخلية وتسمية أعضائه في الرئاسة والمكاتب الخدمية، من خلال لقاءاتٍ واجتماعاتٍ مشتركةٍ بين الطرفين. وأوضح الأحمد أن الفصائل العسكرية والهيئات الشرعية في المدينة ستلعب دور الداعم للمكتب التنفيذيّ لضمان نجاحه واستمرار تقديم خدماته للمواطنين، وستكون هناك إدارةٌ مشتركةٌ بين إدارة إدلب والمكتب التنفيذيّ في مديريات المدينة.

وتمت انتخابات المجلس المدنيّ، بحسب رئيس لجنتها محمد سليم خضر، بشكلٍ منظمٍ ومدروس. ولاقت إقبالاً كبيراً من كافة فئات أهالي المدينة. ووصل عدد المرشحين إلى 80 شخصاً وفق شروطٍ وضعتها اللجنة، كأن يكون المرشّح فوق سنّ 30 ويحمل إجازةً جامعية، بينما بلغ عدد أعضاء الهيئة الناخبة النهائيّ 900 ناخب، ودامت عملية الانتخاب 12 ساعة في يوم 17 من شهر كانون الثاني المنصرم.

وأشرفت على عملية فرز الأصوات 3 لجانٍ استمرّت في عملها يومين كاملين. وهي اللجنة التأسيسية المؤلفة من 5 أعضاء، ومهمتها قبول طلبات الترشح والانتخاب، بالإضافة إلى لجنة مراقبة عملية الانتخاب وفرز الأصوات لتتم بطريقةٍ نزيهةٍ وشفافة، وأخيراً لجنة الطعون المؤلفة من قاضٍ ومحاميين. وبعد الانتهاء من عملية الفرز أعلنت اللجنة التأسيسية فوز 25 مرشحاً نالوا أعلى الأصوات، ليصار في ما بعد إلى انتخاب رئيس المجلس ونائبه وأعضاء المكتب التنفيذيّ منهم.

وبدورها أعلنت لجنة الطعون عن تحديد يومٍ كاملٍ لاستقبال أيّ اعتراضٍ أو طعنٍ في عملية الانتخاب، إلا أن العملية تمت بنزاهةٍ أمام الجميع، ولم ترد أي شكوى أو تشكيكٍ من أيّ طرف، سواء أكان ناخباً أم مرشحاً.

«ما زال أهالي المدينة يشعرون بالخوف بتأثير ما زرعه نظامٌ دام حكمه خمسين عاماً في نفوسهم»، كما يقول عبد القادر الشامي، أحد الناخبين في المدينة، الذي أكد أنه لاحظ في عملية الانتخاب روح الحماس والتسابق بين المرشحين لإبداء آرائهم في ما يصبّ بالدرجة الأولى في مصلحة أهل المدينة وتأمين الخدمات الأساسية، وما هي أبرز المعوقات والمشاكل التي يواجهونها للوقوف عليها والسعي إلى حلها، وذلك من خلال اجتماعاتٍ سبقت الانتخابات، تمت برعاية «البيت الإدلبي»، نوقشت خلالها مهام المكتب التنفيذيّ وآلية عمله في المرحلة القادمة، إضافةً إلى تبادل وجهات النظر بين المرشحين والأهالي وتحديد الأولويات.

يرث مجلس المدينة المنتخب تركةً ثقيلةً في ظل تخلي أغلب المنظمات الدولية عن دعم مشاريع في مدينة إدلب، وضعف الخدمات المقدمة للمدينة، نتيجة السلطة العسكرية التي تفرضها إدارة جيش الفتح عليها، ونتيجة تداول الإدارة كل تسعة شهورٍ لسبعة مكاتب خدميةٍ تقع على عاتقها الخدمات الأساسية في المدينة، وقد نتج عن هذا التداول ضعفٌ كبيرٌ في عمل هذه المكاتب وفوضى وعدم استقرار.

وناشد محمد سليم خضر المنظمات الدولية لدعم المكتب التنفيذيّ في سبيل نجاحه، وبالأخصّ أنه يعتمد في تشكيله على هيئاتٍ مدنيةٍ تسعى جاهدةً إلى الارتقاء بالمدينة من كافة الجوانب الخدمية وتفعيل مؤسّساتها، لتعود عجلة الحياة إليها بمساعٍ حثيثةٍ تعكس آمال أهلها وتحقق الطموحات التي لطالما انتظروها.