مجلس محافظة درعا الحرّة والتحدّي في إثبات الوجود

مجلس محافظة درعا الحرة واحداً من أهم البنى الإدارية في الجنوب السوري، والذي يجمع تحت مظلّته المجالس المحلية في القرى والهيئات المدنية والثورية مع تزايد الاحتياجات وتشتّت الجهود؛ وذلك بعد نجاح المجلس في تعزيز قاعدة شرعيته وعامل الثقة بقربه من الأهالي. لكن تبقى العوائق الأمنية والمالية والتنظيمية موضع تساؤل بالنسبة لاستمرار عمله.

كان لمجلس المحافظة دوراً مهمّاً خلال الدورات الماضية في حلّ عددٍ من المشاكل الكبيرة كالمساهمة في بناء وتفعيل المنطقة الحرة، ودعم دار العدل، وتنظيم عمل الصوامع، وشراء القمح من الفلاحين وتخزينه في الصوامع لتحقيق أمن غذائي نسبي للمناطق المحررة وسحب هذه الورقة من يد النظام.

ونجح مجلس المحافظة، إلى حد ما، في تأسيس آليات محاسبة ورقابة داخلية وخارجية تتوافق مع الظروف التي يعمل فيها، متجاوزاً مشكلة قلّة الكوادر العاملة نتيجة محدودية مصادر الدعم المالي وضعف التدريب، كما أنجز مشاريع زراعية وتنموية داخل المناطق المحررة خلال السنوات السابقة، أهمها مشروع إعادة تشجير الأراضي الزراعية والسّجل العقاري وإدارة معبر نصيب المحرر الحدودي مع الأردن.

ويملك المجلس قوة تنفيذية صغيرة، لا ترقى إلى جهاز شرطة متكامل، يبقى المجلس بحاجته، لتنفيذ القرارات الصادرة عنه، وعن كافة المديريات، ويُساعده في تأدية مهامّه من تنظيم العمل، وتفعيل عمل المؤسسات الثورية وضبط علاقتها بالمدنيين ضمن أنظمة وقوانين تحكم المناطق المحررة بما يتناسب مع الواقع الحالي.

وعلى الرغم من ذلك، يؤكد رئيس المجلس علي الصلخدي لـ «عين المدينة»، أن مجلس محافظة درعا الحرة حقق 80 في المئة من خطة عمله، وأنه «الأفضل تقريباً بين باقي مجالس المحافظات، لأنه مُتكامل ويتألف من 12 عضواً والمحافظ ونائبه»، ويضم مكاتب زراعية ومالية وتربوية وصحية وقانونية وغيرها، واصفاً الهيكلية التنظيمية للمجلس بـ «الجيّدة»، وأموره الإدارية بـ «الممتازة».

أما القوة الأمنية التي تدعم عمل المجلس، فهناك نحو 25 عنصراً مسلحين بأسلحة خفيفة يتلقّون رواتب من مخصصاته المالية، كما يشير «الصلخدي» أنه في حال حصول أي اعتداء على المجلس أو أحد أعضائه فإن كافة فصائل الجيش الحر معنيّة بالأمر، معتبراً أن علاقتهم بالأخيرة «جيدة»، في ظل وجود تنسيق بين المجلس ودار العدل والفصائل عند الحاجة ولحلّ أي مشكلة تحدث في المنطقة. وتعمل عدة فصائل على حماية مبنيي المجلس في مدينتي نوى والحراك، إضافة إلى تأمين اجتماعاته.

لم تقع أي حالات اعتداء فردي أو جماعي من قبل الفصائل العسكرية على المجلس إلى الآن، وفق ما أكّد «الصلخدي»، الذي أوضح أيضاً أنه في حال حدث ذلك فسيُحاسب المعتدون بالرجوع إلى دار العدل، حيث أن كافة الفصائل وقّعت ميثاقاً بأنها تخضع لسلطة الأخيرة، كما سيتم اللجوء إلى العلاقات الشخصية أو فصائل أخرى في حال وجود خلافات أو اعتداءات شخصية.

 وعانى مجلس المحافظة منذ تأسيسه من ضعف التمويل، مقارنة مع حجم النشاط والعمل والمصاريف، بسبب الأزمة المالية التي مرّت بها الحكومة المؤقتة وأزمة الائتلاف، ما أثّر بشكل كبير على آلية التخطيط التي كانت بحاجة إلى وضع مالي شبه مستقر.

 واعتمدت استراتيجية المجلس منذ تشكيله على تغطية احتياجات المدنيين من خدمات وإغاثة وأفران ومطاحن وآبار مياه، والسعي لبناء شراكات مع مؤسسات ومنظمات لتغطية هذا الجانب، إضافة إلى تقوية المجلس مؤسساتياً عبر بناء دوائر وهيئات ومؤسسات تُغطي كافة وظائف الدولة الغائبة، كمديريات نقل ومياه وشؤون مدنية وسجلّ عقاري وغيرها.

وتستمر المعاناة من قلة الدعم، في ظلّ تلقي المجلس وعوداً من مشروع سوريا لتقديم التمويل له ولمديريتي المالية والزراعة، حسب ما أفاد رئيس المجلس، والذي يؤكد عدم وجود أي جهات محدّدة تدعمهم بشكل دوري ومنتظم.

يُدير مجلس المحافظة أغلب المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، ويُشرف على عمل نحو 76 مجلساً محلياً، تُعاني بدورها من عقبات في تشكيلها، إذ لا يتم اختيار الأعضاء بطريقة ديمقراطية، بل يكون وفق حسابات خاصة تتعلق بأخذ كل عائلة أو عشيرة مقعدًا في المجلس، يتناوب على رئاسته الأعضاء لمدة يُتّفق عليها، كما تشترط الفصائل العسكرية تعيين بعض الأعضاء من المحسوبين عليها في بعض الأحيان، كما تُحرم المرأة من المشاركة في هذه المجالس، لحسابات خاصة تعود إلى طبيعة المجتمع في درعا.

وواجه مجلس المحافظة عدّة عقبات وصعوبات تمثلت بعدم وجود قوانين ناظمة تُسهّل عمل المجالس والدوائر في المناطق المحررة وبناءها مؤسسياً، لذا كان العبء مضاعفاً بالاجتهاد الذاتي ووضع تصوّرٍ مناسب لهذه القوانين لكي يتم العمل عليها بما يُناسب وضع المناطق المحررة.