مؤيدو النظام في الساحل خائفون من سقوط الملالي في إيران

من صفحة قاوم أونلاين على الفيسبوك

بالطبع سيُنظر إلى الحراك الشعبي الإيراني ضد نظام الملالي بعيون مؤيدي النظام السوري على أنه «مؤامرة»، وستتكرر الألفاظ والتوصيفات -بتناقضاتها الكوميدية أحياناً- التي كانت هذه الفئة تنعت بها الثورة السورية، بل وستولد روايات لم ترد أصلاً في الإعلام الإيراني ذاته، سيكون هنالك مندسون وذباب وغواصات أمريكية وضباط إسرائيليون ... يحيطون بالشوارع الإيرانية، سيكون هناك طباخون يلفون للمتظاهرين الصاندويش بالعملة الإيرانية، ويدسون في جيوبهم حبوب الهلوسة.. ستتسق شخصية المؤيد للنظام السوري مع ذاتها ومحيطها، لتكون بجدارة ابنة المعجم اللغوي الذي تشكل في بيئة المؤيدين المغلقة في الساحل السوري.

هنا في اللاذقية وهناك في طرطوس وأريافهما، التي يغفو سكانها براحة على وقع أصوات الطائرات الروسية في مطار حميميم، تتردّد الروايات اليومية في تحليل الراهن الإيراني، مرفقة بكلمة «طبعاً»، فـ «طبعاً فشل المؤامرة في سوريا، سيؤدي إلى بحث المتآمرين عن أرض أخرى لتمريرها، من أجل ليِّ ذراع المقاومة». لكن خلف هذا الخطاب هناك خوف ما، يشكل المنشأ الجذري لمجمل تفاصيله، يصبُّ في عمومه بالخوف على النظام السوري بعد طمأنينة دامت أكثر من سنتين، فماذا إن ضعفت قوة الداعم الأساسي للنظام «المتهالك»؟.

«ولو بلكي كبرت؟»، سؤال طرحه أحد زبائن بقالية أبي عماد في حي الفاروس في اللاذقية، عند ورود خبر عن الأحداث في إيران، في التلفاز الذي يعلقه أبو عماد في المحل، عبر تلفزيون سما أو الدنيا سابقاً، فأجابه أبو عماد «شو بصير إذا كبرت برأيك؟»، فرد الزبون الذي يقف 8ساعات يومياً على حاجز تابع للدفاع الوطني بالقرب من أسوار جامعة تشرين «منتبهدل»، استفاض أبو عماد بحديثه قائلاً «وليش لنتبهدل؟»، عندها فتحت أسارير الزبون ليقول «لأنو هيي اللي عم تدعمنا، ومقاتلينها معنا بكل الجبهات، ومقاتلينا المحترفين عم يتدربو عندها، وعم تبعت مصاري، وتدعم الاقتصاد.. يا خيي إذا كبرت بتسحب قواتها، وبيسحبو الكبير والصغير عالجبهات عنا».

مخاوف تردّدت على لسان العشرات مع بداية زخم الشوارع الإيرانية، فمن يتغاضى النظام السوري عنهم اليوم في عدم التحاقهم بجيشه -وهم في الساحل السوري بالآلاف- سيكون بحاجتهم إذا ما سحبت إيران قواتها. هذا المفهوم البسيط، والذي قد لا يشكل سوى تفصيلاً تافهاً ينتج عن تأزم وضع النظام الإيراني، وسحب قواته من سوريا، هو محط تفكير آلاف الشبان الذين يدركون تماماً أنهم محميون بعناصر إيرانية وطيران روسي، وأن غياب أحد هذين التشكيلين سيؤدي لقلب الطاولات على روؤسهم، وخلع أبواب منازلهم من قبل الشرطة العسكرية، التي ما زالت في طور البحث غير الجدي عنهم في الأسواق دون اقتحام المنازل وسحبهم قسراً.

عبادة أبو ميرزا (اسم وهمي) من مصياف، يلخص لعين المدينة مخاوف سكان المنطقة مما يجري في إيران، بالقول «هم يعرفون تماماً أن أي تهديد للسلطة الحاكمة في إيران، ستكون أولى نتائجه تغيير شكل الصراع في سوريا، وقلب الموازين ضدهم، فروسيا ليست كافية كونها ليست قوة موجودة على الأرض بحجم القوة الإيرانية. ويعرفون أن قيمة المقاتل السوري كعنصر في جيش النظام تساوي تقريباً الصفر، فهو عنصر على حاجز أو مجند تكميلي رديف للقوى الأجنبية من إيرانية ولبنانية محترفة، فخروج أولئك سيؤدي بأصغر نتائجه إلى زج كل من هو قادر على حمل السلاح في الجبهات، وبأكبر نتائجه سيقود لفقدان كل ما سيطر عليه النظام سابقاً، وهو تهديد جدي كبير للنظام في دمشق، إن لم تسبِق الأحداث الميدانية رؤى وخرائط سياسية جديدة نابعة مما يحدث في إيران اليوم.. إنها كارثة مهولة بالنسبة لهم، فموقفهم اليوم لا يختلف عن موقفهم في بداية الثورة السورية، بل هو أسوأ، فالنظام السوري ارتكب ما ارتكبه، ولم يعد بإمكانه فرض نفسه أصلاً إلا بذراع خارجية لها قوّة إيران».

لم ترفع الأعلام الإيرانية بعد في اللاذقية أو بقية المدن على الملأ، كما هي الأعلام الروسية، وما زالت مظاهر الاحتفاء بالدعم الإيراني للنظام السوري مقتصرةً على صور ترفع في بعض الأماكن، أو على زجاج بعض السيارات التي تضع خامنئي أو روحاني أو نصر الله إلى جانب الأسد. إلا أن ما قد تجلبه الأيام القادمة للشوارع الإيرانية، على الرغم من تمكن سلطاتها هناك من طمس المشهد، قد يجعل من التمسك الزائد بحكم الملالي نتيجة الخوف من التهديدات، حالة غريبةً من نوعها حد السوريالية، لن تقف عند رفع الصور والأعلام والدعم المعنوي..