فضْل المخابرات الجوية على معلم المدرسة السابق، الناشط البعثي ثم الناصري ثم الناصري المنشق، كريم شيباني وعلى عائلته لا يُنسى، إذ احتضنته باكراً في سبعينيات القرن الماضي وأوصلته إلى مجلس الشعب (1986-1990)، وامتدت أفضالها لاحقاً إلى ابنته سهير وجعلت منها مذيعة نافذة في التلفزيون.

ربما كان كريم الشيباني أول من ألّف كتاباً عن حافظ الأسد، فبعد أشهر من انقلابه أصدر الشيباني كتاب "حافظ الأسد شخصية تاريخية في مرحلة صعبة"، ما جذب انتباه ابن بلدته بيت ياشوط، محمد الخولي رئيس المخابرات الجوية إليه، بالرغم من صغر سن الشيباني الذي لم يتجاوز الـ(23) حينها.

وبتوجيهات الخولي وتحت رعايته صاغ كريم حياته السياسية، من صفوف البعث إلى صفوف "حزب الوحدويين الاشتراكيين" قبل أن ينشقّ عنه ليؤسس حزبه الخاص "الحزب الوطني الديمقراطي". ومن موقعه كأمين عام لهذا الحزب أراد الشيباني أن يدهش جميع منافسيه ويدهش حافظ الاسد ذاته، بطرح "نظرية سياسية" جديدة تنطلق من رؤى الأسد وأفكاره وسيرته، وتتجسد بـ"الحزب الأسدي" على صورة الأحزاب الناصرية.

فحافظ الأسد، وفق دفاعات الشيباني عن مشروعه، لا يقل -بل يزيد- عن جمال عبد الناصر الذي أُسستْ على اسمه أحزاب كثيرة. لكن تعقل حافظ، ثم بلاهة بشار ولا مبالاته بالأنماط القديمة، أفشلا مشروع الشيباني الذي ظل يحلم، حتى وفاته في العام 2007، بأن يكون منظّراً أول لهذه الحركة الأسدية وحزبها.

لم ينقطع ذكر الرجل، فزوجته تنشر في ذكرى وفاته السنوية خاطرة عن مناقبه، تحمل فيها على خصومه الفاسدين وتصفه بـ"أبو الفقراء"، فيما تعاهده بناته وأبناؤه وأحفاده، الذين يعمل نصفهم في وزارة الإعلام بين التلفزيون والجرائد الرسمية الثلاث، على الحفاظ على إرثه، ويؤكدون على بقائه بينهم "فكراً وروحاً رغم رحيل الجسد".

من ذرية كريم شيباني تبدو ابنته الإعلامية سهير أوسع الجميع شهرة ونفوذاً إذ استطاعت، وهي أول من وُظّف في التلفزيون من العائلة في تسعينيات القرن الماضي، أن تعيّن زوجها الضابط منير علي بعد تسريحه كمعدّ برامج ثم مخرج، وتعيّن ابنتهما بتول مذيعة تقدم اليوم برنامج "سوا ورح نبقى سوا" الذي تعدّه الأم ويخرجه الأب على شاشة "الفضائية السورية". فيما يقدّم كريم الصغير، الذي عيّن بفضل ابنة عمه النافذة في التلفزيون، نشرات أخبار وتقارير ميدانية.

لا تبالي سهير بتقدم عمرها ولا بالشائعات والفضائح التي تلاحقها، فما تزال لها حصة في إدارة المخابرات الجوية تُخرس الألسنة وتحبط التقارير المرفوعة ضدها، وما تزال فاقعة الألوان تشد الأعين، نشطة وقادرة على طرق باب أي رئيس شعبة أو إدارة أو فرع أو وزارة وأخذ ما تريد. ولو كان لها عشر بنات لجعلتهن مذيعات، ولو انفصلت عن زوجها الحالي وتزوجت بضابط غيره لجعلته هو الآخر مخرجاً أو معد برامج.