في يوم الجريح.. حزب الله يجدّد حضوره

 

في يوم الجريح.. حزب الله يجدّد حضوره ويوجّه المقاومة نحو حلب ودمشق
نصر الله يفتح الأبواب لحزبه في سورية، ويرمي القصير خلف ظهره

هاني شمعون | بيروت

لم تغفل كلمة أمين عام حزب الله اللبناني "حسن نصر الله" المرور على معظم حوادث التاريخ التي تشكل منطلقاً نظرياً لفكر المقاومة، من كربلاء إلى اجتياح بيروت وصولاً إلى حرب 2006، وهو ما مرّ عليه بكثيرٍ من التفصيل في خطابه الأخير بمناسبة "يوم الجريح". فما إن وجه تحياته لجرحى حزبه وأهليهم، حتى قرأ من التاريخ ما يكفي ليجعل من الحزب أمثولة مقاومة يمكن توجيهها تجاه أي أرض، بحيث أعطى نفسه، بالصفحات التي قلّبها، المبرر للوصول إلى القصير وما بعدها، ووضع المدينة السورية الثائرة في إطار المشروع الذي يعمل الحزب على مقاومته..
كان سهلاً أن يبدأ بجراح "أبي الفضل العباس" ويمرّ بعام 1982 وما تبعه ثم يحطّ رحاله في القصير دون مبرر منطقي سوى كلمة مقاومة المشروع الأمريكي والصهيوني. كما كان من الطبيعي التهليل لهذه الكلمات من جمهورٍ يتكوّن أساساً من مقاتلي الحزب في القصير وأسرهم.
وأرجع أمين عام حزب الله كل منجزات لبنان إلى جهود عناصره، واضعاً مبرراً جديداً لكون الحزب قائداً للعملية السياسية اللبنانية، ومتخذاً لقرارات الوطن المصيرية. فإن كان الحزب قد أدخل لبنان في أتون الحالة السورية، فهذا ليس قرار الحزب المسلح، وإنما الحزب المؤهل لقيادة السياسة اللبنانية، باعتبار أنه:
"إن كان في لبنان هناك بلد، فيه تحرير وحرية، وهناك كيان ودولة عزة، وهناك كرامة واقتصاد وهناك خيرات وهناك مياه، وهناك من يحمي المياه والغاز والموارد، إذا كان هناك شيء في هذا البلد فهو ببركة وبفعل كل المقاومين وفصائل المقاومة وتضحيات المقاومين وشهداهم وجرحاهم".
لم يهمل نصر الله في خطابه مشكلات البقاع اللبناني وسقوط الصواريخ في عرسال، والاحتقان الذي بدأ يظهر بين عرسال والهرمل، وحمّل المسؤولية كلها للجيش الحر، على اعتبار أن من المستحيل، برأيه، أن يستهدف النظام السوري أرضاً لبنانية (الأرض ذاتها التي احتلها لسنوات عديدة).
فمصدر تلك الصواريخ هي "المجموعات المسلحة". وهو سبب أساسي لدخول قواته إلى القصير، حيث يتم البحث عن "مصدر الصواريخ التي تقصف بلده لبنان"، البلد الذي أنجزه حزبه. قتال نصر الله إلى جانب الأسد "ليس وفاءً" فحسب، وفق تعبيره، بل هو تصدٍّ لمشروعٍ يهدد سورية ويصل إلى لبنان وفلسطين، خاصة وأن "القصة ليست نظام ومعارضة، بل تدمير بلد"، وهو ما دخلت قوات حزب الله لتمنعه، والنتيجة الأولى لهذه المغامرة كانت القصير.
وما إن بدا نصر الله بالحديث عن التهدئة في لبنان، وتبريد النفوس ومنع الاحتكاك، حتى خرق كل هذه المقدمة بالقول "نحن آخر من تدخل في سورية، هم سبقونا، تيار المستقبل وأحزاب لبنانية لا أريد أن أسميها ودول ومنظمات وجماعات". ولم يغفل نصر الله طمأنة جمهوره، خاصة بعد أن عمّت الجنازات في الضاحية الجنوبية وبدأ التململ الشيعي إلى حدٍ ما، فقال: "نحن ذاهبون إلى مكان نعرف كل تبعاته ومستعدون لتحمل هذه التبعات". معترفاً بطائفية عناصره بالقول: "هنا شباب من رأيهم بانفعالهم صعدوا إلى مسجد من مساجد القصير ووضعوا راية سوداء مكتوب عليها يا حسين". مهاجماً الفضائيات التي عمّمت هذه الصورة وتناولتها بعد الاعتراف بحقيقيتها.وكان من الطبيعي أن يختتم نصر الله حديثه بالجملة التي أتى أصلاً ليقولها: "لم يتغير شيء. ما بعد القصير مثل ما قبل القصير بالنسبة لنا"، فاتحاً الباب لحزبه للدخول حيث شاء من الجغرافية السورية، والوقوف مع جيش النظام في مختلف الجبهات... هي معركته وسيكون فيها "في المكان الذي يجب أن يكون، ولا حاجة للتفاصيل". بينما جاءت التفاصيل على لسان الناشطين، تنقل تحركات الحزب في حلب ودمشق، في معركة المقاومة ما بعد الحدود اللبنانية والمقامات العقائدية.