في اجتماع القامشلي.. علي مملوك يتوعد الأمريكيين ويطالب العشائر بإطلاق «المقاومة»

علي مملوك ومظلوم عبدي

أثار الاجتماع الذي عقده اللواء علي مملوك رئيس مكتب الأمن الوطني التابع للنظام، مع شيوخ عشائر ووجهاء من محافظة الحسكة في مطار القامشلي يوم الخميس 5 / 12/ 2019 الكثير من التكهنات حول توقيته وأهدافه والشخصيات المشاركة فيه، رغم أنه ليس الأول من نوعه.

تمكنت عين المدينة من التواصل مع إحدى الشخصيات المشاركة في الاجتماع، والذي طلب عدم الكشف عن اسمه. وقد أوضح أن عدد الأشخاص الذين تم استدعاؤهم للاجتماع الذي استغرق نحو ساعتين هم 25 شخصية تقريباً، وشارك فيه أيضاً محافظ الحسكة.

وتأتي زيارة مملوك إلى الحسكة في ظل التجاذبات الإقليمية والدولية التي تعيش تحت وطأتها منطقة الجزيرة السورية، حيث تحاول كل من روسيا والنظام السوري توسعة سيطرتهما بعد التوغل التركي في المنطقة واستعانة "الإدارة الذاتية" بقوات النظام لإيقاف ذلك التوغل، بينما استأنفت روسيا وفق اتفاق سوتشي مع تركيا ما بدأته الإدارة الأمريكية في إبعاد قوات "وحدات الحماية" الكردية عن حدود تركيا التي ترفض وجودها هناك. 

يدرك النظام السوري مدى الخوف الذي يتلبس أبناء المنطقة من معارك طويلة قد تشهدها قراهم ومدنهم بين فصائل "الجيش الوطني" المدعوم من تركيا و"وحدات الحماية"، في وقت يبدو "انتصار" النظام أقرب من أي وقت مضى. كما يدرك أي حساسيات ذات خلفية إثنية ضاعفتها ممارسات سلطوية وانتهاكات ضد أبناء المنطقة يقف خلفها "حزب الاتحاد الديمقراطي" وجناحه العسكري. ويحاول توظيف ذلك في تحريض العنصر العربي للانضمام إلى قواته، خاصة أن قوات الإدارة الذاتية فرضت التجنيد الإجباري بالتزامن مع بدء "نبع السلام".

ووفق مصدر المعلومات، فقد بدأ الاجتماع بكلمة لمملوك أشار فيها إلى أهمية منطقة الجزيرة ومحافظة الحسكة بالنسبة إلى النظام، منوهاً ب"دور العشائر العربية التاريخي في المنطقة بمقارعة الاستعمار الفرنسي وقبله العثماني"، قبل أن يعرج على وضع المحافظة في ظل الظروف الحالية، حيث أكد على "عروبة المنطقة التي يشكل المكون العربي النسبة العظمى من سكان هذه المحافظة الذين يتوجب عليهم الضلوع بمسئوليتهم التاريخية وإثبات أنفسهم وولائهم للوطن" ليصل إلى بيت القصيد بالنسبة إليه عندما دعاهم إلى "سحب أبنائهم من صفوف الوحدات الكردية لكي لا يكونوا أدوات بيد الغير". 

وقام محافظ الحسكة جايز الموسى بعدها بالتعريف ببعض الشخصيات المشاركة في الاجتماع، ليلقي بعدها محمد الفارس شيخ قبيلة طي وأحد مؤسسي ميليشيا الدفاع الوطني في القامشلي، بكلمة أشاد فيها ب"فضل الدولة على الجميع" مجدداً ولاءه "لقائد الوطن"، ومطالباً ببديل عسكري يضم أبناء العشائر، حسب ما أفاد المصدر لعين المدينة. وقد رشح محمد الفارس اللواء 47 في حلب الممول من قبل عضو مجلس الشعب المستثمر حسام القاطرجي، كبديل لجيش النظام في محافظة الحسكة، مع العلم أن معلومات من المنطقة تشير إلى أن الشيخ الفارس تلقى قبل نحو شهر مبلغ 20 ألف دولار من القاطرجي مقابل امتداد فصيل القاطرجي العسكري في الجزيرة ورفده بعناصر من قبيلة طي.

وفي رده على طلب مملوك ضرورة سحب أبناء العشائر من صفوف الوحدات الكردية قال محمد عبد الرزاق، أحد شيوخ عشيرة طي، أن شيوخ العشائر "لا يملكون سلطة على أبناء القبيلة لسحب العناصر أو منع أحد من الانضمام" إلى أي فصيل، وأن "الدولة تتحمل مسؤولية توفير البديل"، مشيراً إلى قائد فوج طرطب العسكري (154) في القامشلي الذي قال إنه "لا ينفذ قرارات الرئيس والتي تنص بأن يخدم أبناء كل منطقة في مناطقهم". فقاطعه مملوك عندها بالقول "لا أحد فوق القانون". 

من جانبه علاء الدين رزيكو أحد وجهاء عشيرة الشرابين وعضو مجلس الشعب، قال إن "مسؤولية حماية الوطن تقع على عاتق الجميع، وسوريا تتعرض لعدوان تركي وأمريكي". عندها تدخل شيخ قبيلة عدوان محمد الحلو بالقول إن أخ علاء الذين رزيكو الذي يدعى خليل هو عنصر في الجيش الحر وقد دخل مع الجيش التركي إلى رأس العين. وأضاف الحلو أن "الدولة لا تتعامل مع أبناء المنطقة بواقعية"، فهي تقوم بفصل الموظف الذي يغيب عن دوامه رغم علمها بأنه "موقوف لدى الأكراد بتهمة العمالة للدولة السورية". وقال في هذا الإطار إن "على الدولة أن تعتقل مقابل كل شخص لدى الأبوجية (في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني) عنصراً من الوحدات الكردية". 

اجتماع عشائري - نشطاء

وتابع مصدر المعلومات نفسه مكملاً شرح ما جرى خلال هذا الاجتماع، موضحاً أن شيخ عشيرة شمر اعتبر أن على الدولة الاهتمام أكثر بالمنطقة وتوفير الخدمات العامة للمواطنين والدعم للمزارعين أسوة بما يحصل مع أبناء محافظة طرطوس، في حين أكد الشيخ حسن المسلط أحد وجهاء عشيرة الجبور وعضو مجلس الشعب، "دعم العشائر للدولة ووقوفها خلف القيادة الحكيمة". وعبّر عدد من المشاركين في الاجتماع عن معارضتهم للوجود الأميركي باعتباره "عائقاً كبيراً أمام الحل"، كما طالب بعضهم ببطاقات أمنية ولوحات لسياراتهم. 

بدوره قال علي مملوك الذي كان يدوّن على ورقة بعض النقاط حسب ما وصف المصدر لمجلة عين المدينة، إن "جميع المطالب مشروعة وسنعمل على تلبيتها"، مضيفاً أن "الوجود الأمريكي لن يستمر طويلاً لأننا لن ندعه يرتاح وسنعمل على مقاومته بكل الأشكال، ودوركم (في إشارة إلى الشيوخ) يكمن هنا في تشكيل نواة المقاومة وقطع يديه وأدواته في المنطقة". كما اعتبر مملوك أن الوحدات الكردية بدأت تنحسر عن المنطقة، وأنها اختارت الشريك الخطأ، وأن "عروبة المنطقة خط أحمر تفرضه الحقائق التاريخية والجغرافية والديموغرافية".

واختتم بمملوك بالقول إنه بصدد عقد اجتماع آخر خلال الأيام القليلة المقبلة لعشائر دير الزور، وسيدعو "جميع شيوخ المنطقة الشرقية إلى اجتماع شامل في دمشق لوضع آلية عملية لتفعيل دور العشائر"