علي الجضعان.. من حاجز المليون في الحسكة إلى تمثيلها في مجلس الشعب

علي الجضعان - إنترنت

تلخص مسيرة علي عويد الجضعان، منذ خدمته الإلزامية في مفرزة المخابرات الجوية بمدينة الحسكة 2011، وصولاً إلى عضوية مجلس الشعب 2020، قصة صعود نموذج من الفاعلين الجدد في الأوساط الموالية للنظام، بشخصياتهم الكاريكاتورية التي تجسد صورة "النخبة" في هذه الأوساط التي يحاول الجضعان فيها تقمص شخصية "الوجيه" المحلي في جانب، وشخصية "السياسي" في جانب آخر، ويظل كما كان دوماً متملقاً لمراكز القوى من مستوى إلى مستوى آخر وفق كل مرحلة بحثاً عن الفرص. 

"الأستاذ.. المقاتل.. الشيخ.. واليوم النائب الذي يمثلنا تحت قبة البرلمان" كما يصف بعض بعثيي الحسكة رفيقهم الجضعان على صفحات الفيسبوك. 

في لقاء مع إذاعة السنابل FM يقول الجضعان: "جرت العادة في انتخابات مجلس الشعب أن يكون هناك أشخاص كبار بالسن، ويقوموا بحجوزات للمقاعد البرلمانية، ولكن من خلال تجربة اللازمة السورية أثبتنا نحن الشباب من خلال دورنا أننا موجودون، وأن نكون نحن من أصحاب القرار ولنا الأحقية بهذا المكانات، لأنه قدمنا في الفترة الماضية. وكان هناك إلزام من الدولة بوضع شباب تحت قبة البرلمان وذلك من خلال قوائم الوحدة الوطنية". ثم يسمي هذا "الإلزام" بـ"تجربة عالمية رائدة“، ومن معه من الأعضاء الشباب بـ"ناقل لصوت الشارع". 

ينتمي الجضعان (1983) إلى عشيرة البو شيخ من قبيلة البكارة، وينحدر من قرية مشيرفة تل مجدل الواقعة غربي مدينة الحسكة. تخرّج كمعلم صف من كلية التربية في جامعة الفرات، والتحق بالخدمة الإلزامية عام 2010. حتى ذلك الوقت، لا تحمل حياة الجضعان أية مفاجآت لمعلم صف من قرية سورية نائية، كان سيعيش مع زوجته وأولاده في ظروفه البسيطة وإمكانياته المتواضعة، وربما كان سيفكر بالزواج بثانية بعد تجاوز الخمسين، وتسديد ديون والده عويد الجضعان، والتصرف حيال قروضه المتراكمة من مصرف التسليف الشعبي والمصرف الزراعي، والتي تسببت ببيع أرض يملكها وسجن أحد أفراد أسرته.

لكن كل ذلك تغير مع خدمته الإلزامية التي استمرت في الاحتفاظ حتى العام 2018 في مفرزة المخابرات الجوية بمدينة الحسكة التي يترأسها المساعد صالح الجلاد، ويعتبر أول داعميه ونافذته إلى التعرف إلى قيادة الفرع في مدينة القامشلي مع بداية الثورة في العام 2011.

بالتزامن مع صعود نجم عمه عدنان الجضعان شيخ العشيرة وعضو مجلس القبائل والعشائر العربية للمصالحة الوطنية ووكيل جمعية البستان في محافظة الحسكة، نفذ الجضعان إلى أجهزة الأمن ووطد علاقته بها في تلك الفترة، ما ظهر في تكليفه في العام 2013 بإنشاء مجموعة من الشبيحة (الدفاع الوطني) وتسليمه حاجز الهول، أو ما يطلق عليه "حاجز الغزل" نسبة إلى معمل الغزل في مدخل مدينة الحسكة الشرقي، وقد استطاع الجضعان من خلاله جمع ثروة طائلة.

عرف الحاجز وقتها بـ"حاجز المليون" نسبة إلى قيمة الإتاوات التي يجمعها عناصره في اليوم الواحد تحت الغطاء الممنوح له من أجهزة النظام الأمنية، فجميع السيارات والشاحنات الداخلة إلى مدينة الحسكة -وبالأخص القادمة من العراق عبر معبر سيمالكا- كانت تمر عبره.

لم يعد الجضعان مذاك يشبه زملاءه معلمي المدارس البعثيين في محافظة الحسكة، إذ رافق فورته في المجال الأمني والميليشياوي والمالي فورة في المجال الاجتماعي، فكان مهر زواجه الثاني من عائلة البشير المشيخية في قبيلة البكارة، 10 ملايين ليرة سورية، مراكمةً إضافيةً في مسيرة صعوده التي تخلّلتها بعض المخاطر، مثل تعرضه مع والده لإطلاق نار عام 2018 من مجموعة مجهولة، أدى إلى إصابة والده بشلل نصفي توفي بعده بأشهر، كما أصيب الجضعان نفسه في ذات العام بجروح بليغة في حادث سير تعرضت له المركبة العسكرية التي كان يقودها خلال "ترفيقه" لوفد روسي على الطريق الواصل بين مدينتي الحسكة والقامشلي، حصل بعدها على ثناءات عديدة من وزير الدفاع علي أيوب ومدير إدارة المخابرات الجوية اللواء جميل حسن ومن اللجنة العسكرية والأمنية في محافظة الحسكة، لكن الأهم أنه وضع قدماً في أول الطريق لعلاقته مع الروس.

أما في الشق المدني والسياسي، فليس هناك الكثير: من عضوية شعبة حزب البعث في ريف الحسكة في العام 2019، إلى عضوية مجلس الشعب عن قائمة الوحدة الوطنية فئة أ (قائمة البعث أو الجبهة الوطنية كما كانت تسمى سابقاً)، الأمر الذي رآه البعض تكليلاً لعلاقته مع الروس الذين حاولوا التمدّد داخل السلطة التشريعية من خلال دعمهم لبعض قادة الميليشيات في المجلس، بعد خلع البزات العسكرية وأحذية الرياضة عنهم وإلباسهم أطقماً رسمية وربطات عنق.