على هامش الحرب تنهار أسواق دير الزور

من بلدة غرانيج - متداولةعلى اللإنترنت

مع الهجومين المتزامنين، اللذين تشنهما قوات سوريا الديمقراطية من الشمال الغربي، وقوات النظام وميليشياته من الجنوب الشرقي، على محافظة  دير الزور، انقطت طرق التجارة عنها فوقعت في حالة حصار، لترتفع أسعار مواد أساسية، بينما انخفضت أسعار مواد أخرى، نتيجة لموجات النزوح المتصاعد مؤخراً عن المحافظة.

منذ شهر تقريباً، ومع التقدم المستمر الذي تحرزه «قوات سوريا الديمقراطية» في ريف الجزيرة الغربي لدير الزور، بدأ تنظيم داعش بمنح أوراق خاصة لتجار في المنطقة، يسمح لهم بموجبها بالتوجه إلى بادية أبو خشب لجلب بعض المواد الأساسية، كالزيت والسمنة والرز والسكر وورق الشاي ودبس البندورة، لاختفاء هذه المواد من السوق المحلية بوقت قياسي، بعد الأخبار التي بثها النظام في وقت سابق عن استعادته طريق دمشق، ثم تقدمه المفاجئ باتجاه دير الزور؛ ليصبح التنظيم، الذي كان يحاصر المربع الأمني في المدينة، محاصراً نظرياً.

يقول أحد التجار، وقد خرج من مدينة الميادين، قبل أن تسيطر عليها قوات النظام: «بي مهربين يفوتون كميات محدودة من المواد الغذائية على المطورات» بموجب ورقة يمنحهم إياها التنظيم، مشترطاً استعمال الدراجات النارية حصراً في نقل البضائع، لتقتصر الكميات على ما تستطيع الدراجة حمله، غير أن العملية سرعان ما ذهبت نحو التقنين، فبحسب التاجر، الذي وصل الآن إلى مدينة الحسكة، فإن: «المهرب هو تاجر كذلك، يستأجر مطورات كي تنقل البضاعة، ويعطي لكل صاحب مطور ما بين ١٠- ١٤ ألف ليرة عن كل نقلة» ويضرب مثالاً بـ «السكر» على المراحل التي تمر بها أسعار المواد: «فإذا اشترى التاجر\المهرب كيلو السكر بـ ٣٥٠ ليرة سورية، يبيعه لتجار المنطقة بـ ٥٠٠ ليرة، ثم يبيعه هؤلاء بسعر لا يقل عن ٧٥٠ ليرة لتجار المفرق، فيصبح سعره في البقاليات ألف ليرة على الأقل». استغل التجار ندرة المواد وارتفاع الطلب عليها، فوضع كل واحد منهم هامش ربح فاحش على السلعة.

في موازاة ذلك ينشط مقربون من «الأساييش» أو (PYD)، حسب التاجر الذي يرتبط بعمل مع أحد الوسطاء المسؤولين عن تسهيل مرور السيارات من الحسكة إلى ريف دير الزور الشمالي. مهمة الوسيط كما يقول التاجر هي إيصال السيارة إلى شخص ما في الريف الشمالي، ليوزعها بدوره على التجار، بتكلفة تصل إلى ٥٠٠٠ دولار لكل سيارة.  يقول تاجر آخر من الميادين إن: «داعش على علم بطرق التهريب من مناطق قسد إلى مناطقها ومطنشين لأنه عاجزين عن أي حل ثاني»، مصدر آخر للبضائع هو مناطق سيطرة النظام في دمشق وحمص وحماة، حيث تصل وبشكل متقطع في الآونة الأخيرة شاحنات تحمل مواد غذائية إلى دير الزور، عبر طرق تمر في البادية، تسلكها أيضاً سيارات نقل الركاب تهريباً إلى دمشق. على طرق تهريب البشر من داعش تزيد أجرة نقل الشخص الواحد على 800 ألف ل.س.

في المدن التي انطلقت منها موجات النزوح الأكبر مثل العشارة والميادين- قبل أن تسيطر عليها قوات النظام- بسبب القصف الجوي المكثف، انهارت الأسعار إلى حد كبير حيث ترك كثير من التجار بضائعهم بالمستودعات، وتراجع الطلب في أسواق البوكمال نتيجة النزوح منها أيضاً، رغم أن أسواقها ما تزال تعمل حتى الآن. وشهدت المناطق الآمنة نسبياً التي شكلت مستقر نزوح ولو مؤقت مثل بلدتي هجين وأبو حمام ارتفاع أسعار المواد الغذائية، بينما تهاوت أسعار الأثاث المنزلي والأدوات الكهربائية وغيرها، بسبب هواجس نزوح أهلها ونوايا رحيلهم القريب، يقول عبد الله من بلدة هجين، أنه كان شاهداً على صفقات اضطرارية في هجين  بيعت فيها بضائع ثمينة بأسعار بخسة: «غرفة نوم وغرفة ضيوف ومجلس عربي وأدوات مطبخ كاملة ومولدة ٣٥٠٠ شمعة، انباعات بـ ١٣٠ ألف ليرة بس، لأنه أصحابها رادو ينزحون».

يؤثر التعامل بالدرهم الخاص بتنظيم داعش على الأسعار، إذ يتعامل به التجار مكرهين، ولكن بقيمة أقل مما حدده التنظيم في حين يتملص الأهالي من اقتنائه والتعامل به خوفاً من اضطرارهم فجأة للنزوح أو تحسباً لرحيل داعش الوشيك.