عباس والأسد... رؤىً سياسيةٌ تتّفق على ضرورة تجويع مخيم اليرموك

لم يستطع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن يطلق مجرد نداءٍ للنظام السوري لفكّ حصار مخيم اليرموك، ولم يتجرأ عملياً على إضافة أي موقفٍ جديدٍ لما سبق وأن قدّمه من رؤىً حول "تحييد الفلسطينيين في الدول العربية من الأحداث الجارية فيها" لأنهم "ضيوف"، بل اكتفى بتوجيه التهم لمن سمّاهم "المسلحين والتكفيريين" الذين يجبرون النظام على حصار المخيم برأيه. بمعنى أن اتهامه المنقوص واللطيف للنظام السوري بأنه هو من يحاصر المخيم جاء وفق صيغةٍ مبطّنةٍ بأن للنظام الحقّ بالحصار طالما أن هناك مسلحون في المخيم، وعلى هؤلاء المسلحين الخروج من المخيم حتى يتمكن النظام من فك الحصار.... ومن قائلٍ يقول: أليس تصريح محمود عباس بمثابة تأييدٍ للنظام على تشديد الحصار؟ والشتات الفلسطينيّ في سورية، سواءً في مخيم اليرموك المحاصر منذ أشهر أم في خان الشيح أو سواها من المخيمات لم يتبنّ أي موقفٍ، أو هو حياديٌّ كما وصفه زعيم السلطة الفلسطينية... هل يكفي وجود عناصر مسلحةٍ "مأجورةٍ" وفق عباس لكي يموت من هذا الشتات ما يزيد عن 60 مدني جوعاً، إضافةً الى المئات برصاص القناصة والقصف؟ وهل يبرّر عباس للأسد أيّة ممارسةٍ تجاه المخيم طالما أن هناك عناصر مسلحة في داخله، المخيم الذي تجاوز عدد ضحاياه اليوم ضحايا قطاع غزة خلال السنوات الأخيرة؟ هل لعباس أو سواه كلمةٌ مسموعةٌ عند الأسد أصلاً لتقرير مصيره... تقرير المصير الذي طالما نادت القيادات الفلسطينية به لفلسطينيّي الشتات عبر كل المنابر الدولية، كان من السهل جداً أن يكون بيد الأسد بتنازلٍ واضحٍ من عباس، وبابتسامةٍ صفراء من قبل ابن مؤسسة الأسد السياسية.
في بيان منظمة التحرير التي يرئسها عباس إشارةٌ جديدةٌ إلى مدى إمساكه العصا من الوسط في المعادلة السورية، التي هو أول من لا يراها معادلة صراع أطرافٍ على السلطة، إذا افترضنا أنه يقصد ذلك في بيانه المنحاز.. إذ أتى في البيان أن المنظمة تدعو "جميع الجهات المعنية في سوريا إلى وضع حدٍّ لهذه الحالة المأساوية". هذا التوسّط المبطّن لم يتركه عباس كما هو، فتصريحاته السابقة واللاحقة تحدّد أن تلك الأطراف المسؤولة عن الحصار هي طرفٌ واحدٌ مموّلٌ من الخارج وفق قوله.. ألا يجدر هنا التساؤل: لماذا لم يوجّه عباس اللوم للفلسطينيين في الداخل عند حصار إسرائيل لهم في جنين أو في قطاع غزة لأنهم رافضون للاحتلال؟ ولماذا لم يعط إسرائيل المبرّر الذي أعطاه بكل صراحةٍ للأسد الذي يمارس ما لم تمارسه إسرائيل وفق الأرقام والمعطيات؟

مواقف ممانعة..

يجد عباس من مثقفي التشبيح الفلسطيني في سورية من يؤيده ويقف معه، خاصةً من يعملون إلى جانب النظام خلال سنواتٍ مضت، فها هو عدنان كنفاني يكتب شهادته عن واقع المخيم ليقول: "عشراتٌ من محاولات الاتفاق على خروج المسلحين وترميم المخيم ولجان إشرافٍ لتوفير البنى التحتية ووسائل الحياة فشلت بسبب المسلحين، على اختلاف مشاربهم "وألويتهم وكتائبهم" وللأسف بعضها فلسطينيّ. وعددٌ من قوافل الإغاثة والغذائيات والأدوية دخلت المخيم رسمياً، وبموافقة القوّات السورية، ولكن تم نهبها من قبل المسلحين".. هذا التصريح الذي تناقله مؤيّدو الأسد و"حفّارو قبور المخيم".

بالأرقام...

    يتساءل فلسطينيٌّ سوريّ:
"كم عدد ضحايا التعذيب في سجون إسرائيل منذ عام 1948 وحتى 2014؟
كم امرأةً اغتصبت في المعتقلات الإسرائيلية منذ عام 1948 وحتى 2014؟
كم طفلاً ضحايا العدوانات الإسرائيلية منذ عام 1948 وحتى 2014؟
كم معتقلاً عربيّاً لدى إسرائيل منذ عام عام 1948 وحتى 2014؟"....
فتأتي الإجابة بالأرقام...
1740 شهيداً من الفلســـــطينيين السوريين سقطوا على يد النظام السوري، أكثر من 100 منهم جوعاً، وأكثر من 300 فلسطينيٍّ سوريٍّ تمت تصـــــــفيتهم في المعتقـــــلات، وأكثر من 2000 معتقلٍ فلسطينيٍّ سوريّ.... وذلك منذ منتصف آذار 2011 وحتى تاريخه... بينما ما ينقل من صورٍ من المخيم كفيلٌ للقول بأنه صار يشبه اليوم حمص أكثر من أية مدينةٍ فلســـــطينيةٍ تتعرّض لقصفٍ إسرائيليّ.